21 أغسطس 2025, 10:04 صباحاً
نعلم جميعا أن العيون لا تكذب، وهي مرآة حقيقية تعكس ما في النفوس قبل أن تنطق الألسن. ولعل من أسهل وسائل التواصل الإنساني وأهمها في نفس الوقت، ذلك الموقف الذي يجمع بين يدين تتصافحان وعيون تلتقيان. قد تبدو المصافحة سلوكا اجتماعيا متكرر وأمر عادي لكنها في حقيقة الأمر رسالة عميقة تدل على الاحترام والتقدير والاهتمام. من المؤسف أن بعض المديرين أو المسؤولين يكتفون بمد أيديهم للمصافحة بينما عيونهم تبحث عن شخص آخر أو تنشغل في مكان مختلف، وكأن من أمامهم لا يستحق العناية والاهتمام .
أيها المدير، حينما تصافح أحد أعضاء فريق العمل أو أي شخص يقف أمامك، فإن المسألة لا تتعلق فقط بملامسة اليدين، بل هي لقاء إنساني يترك أثرا بالغا في النفوس إما إيجابي أو سلبي. إن النظر في عين من تصافح يرسل رسالة واضحة تقول أنا أراك، أنا أقدرك، وأنت مهم عندي . أما حين تهمل هذا التواصل البصري، فأنت بدون وعي ترسل رسالة معاكسة تحمل معنى التجاهل أو الاستصغار أو حتى اللامبالاة.
المصافحة مع النظر في العيون ليست مجرد سلوك بروتوكولي، بل هي جزء من فن الاتصال الفعال. التواصل البصري من أهم مهارات القادة الناجحين، لأنه يصنع بيئة فيها الثقة والاحترام المتبادل. في علم الاتصال ندرك جميعا أن الناس يثقون أكثر بمن ينظر في أعينهم أثناء الحديث أو المصافحة، لأن ذلك يعكس الصدق والاهتمام. بينما عدم النظر أو الالتفات لجهة أخرى أثناء المصافحة يدل على عدم الاحترام أو ضعف الاهتمام، حتى لو لم يقصد الإنسان ذلك.
تخيل موظفاً بذل جهدا كبيرا في عمله، وجاء ليصافح مديره بعد إنجاز مهم، فإذا بالمدير يمد يده بشكل بارد وينظر في اتجاه آخر أو يتحدث مع شخص بجانبه. كيف ستكون مشاعر ذلك الموظف؟ بالتأكيد سيشعر بأنه بلا قيمة، وأن كل ما فعله لم يستحق حتى تركيز في عينيه من المدير. أنا أثق لو أن المدير صافحه وهو ينظر مباشرة في عينيه بابتسامة تقدير لخرج الموظف بطاقة إيجابية هائلة تدفعه لمزيد من العطاء والعمل بإخلاص وزاد من ولائه لمنظمته.
أحيانا بعض من المسؤولين يستخف بتفاصيل صغيرة ولا يعلم أنها تصنع الفرق الكبير في العلاقات الإنسانية. الموظفون يتأثرون بكلمة طيبة أو نظرة احترام. والمدير الناجح هو الذي يدرك أن بناء الثقة والولاء لا يتم فقط من خلال الجوانب المادية كالرواتب أو البدلات وإنما يتحقق من خلال السلوكيات اليومية الصغيرة التي تلامس القلوب.
ولكي ندرك أهمية هذا السلوك، دعونا نتذكر أن القادة الكبار الذين تركوا أثرا في الناس لم يكونوا فقط أصحاب قرارات صائبة، بل كانوا مميزين في الإصغاء والتواصل وجعل كل من حولهم يشعر بأنه مهم. فقد كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم إذا صافح أحداً لا ينزع يده حتى يكون الآخر هو من يسحب يده، وكان يقبل بوجهه كله على من يحدثه حتى يشعر أنه موضع اهتمام كامل. وهذا أعظم مثال على أن القيادة الحقيقية تبدأ من الاهتمام بالإنسان.
في النهاية، تذكر أيها المدير أن الموظفين لا يتذكرون كلماتك الرسمية بقدر ما يتذكرون كيف جعلتهم يشعرون. النظرة الصادقة أثناء المصافحة أقوى بكثير من جملة طويلة في اجتماع رسمي. اجعل من مصافحتك لحظة تقدير صادق لأنها بوابة لعالم الثقة والاحترام الذي يدوم.
أتذكر والدي غفر الله له ولجميع موتى المسلمين حينما كان يؤكد على أهمية المصافحة الحقيقية التي يجب أن يرافقها الابتسامة والنظر في عين الشخص الآخر. كان يفعل ذلك مع الجميع حتى مع الأطفال حينما يقابلهم في المناسبات. كان لا يتجاهلهم بل كانوا أولوية بالنسبة له ولذلك دعائهم له وهم كبار يدل على الأثر الإيجابي العميق الذي تركه رحمه الله في نفوسهم.
لنتفق جميعا على أن المصافحة مع الاهتمام والنظر في عين الطرف الآخر يقود إلى علاقة إنسانية قوية واحترام وألفة ومحبة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.