يصل الموفد الأمريكي توم براك إلى بيروت، مساء اليوم (الإثنين)، ترافقه السفيرة مورغان أورتاغوس ووفد من الكونغرس، في جولة تستكمل المساعي التي بدأها خلال الأسابيع الماضية لتثبيت وقف الأعمال العدائية على الجبهة الجنوبية. ويبدأ براك لقاءاته الرسمية صباح غد الثلاثاء من قصر بعبدا حيث يستقبله الرئيس جوزيف عون، ثم يجتمع برئيس الحكومة نواف سلام على مأدبة غداء، قبل أن يلتقي رئيس مجلس النواب نبيه بري في ختام يومه. وتتركز الزيارة هذه المرة على إبلاغ المسؤولين اللبنانيين بالموقف الإسرائيلي الرسمي من الورقة الأمريكية التي طرحها براك، بعدما تجنبت بيروت التعليق على التسريبات بانتظار الرد المكتوب. ويُنظر إلى هذا الجواب باعتباره العامل الأساسي الذي سيرسم ملامح المرحلة القادمة، سواء لجهة تعزيز التهدئة أو إبقاء الوضع معلقًا على احتمالات التصعيد. في الداخل، يستعد الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) لتحرك شعبي (الأربعاء) في رياض الصلح، اعتراضاً على ما يعتبره تغييباً للتوازنات الوطنية في مقررات الحكومة الأخيرة. التحرك يأتي كرسالة واضحة بأن أي تفاهمات خارجية لا يمكن أن تمرّ ما لم تُرفق بغطاء داخلي يعكس التوازن السياسي القائم. تُقرأ زيارة براك على أنها استمرار للانخراط الأمريكي المباشر في إدارة الملف اللبناني، ليس فقط من موقع الوسيط، بل أيضاً كمتابع لصيق لمسار الأحداث عبر مشاركة وفد من الكونغرس. الرد الإسرائيلي الذي سيبلغه إلى بعبدا سيشكل العنصر الأكثر حساسية، لأنه سيكشف ما إذا كان هناك استعداد فعلي للانتقال من وقف هش للأعمال العدائية إلى ترتيبات أوسع وأكثر استقرارًا. لكن هذا البعد الخارجي يترافق مع تعقيدات الداخل. فالحكومة تسعى إلى تقديم نفسها شريكاً مقبولاً في المساعي الدولية، فيما يسعى الثنائي الشيعي إلى فرض معادلة مفادها أن أي اتفاق لا يحظى بموافقة القوى الأساسية لن يكون ثابتاً أو قابلاً للتنفيذ. وبين هذين المسارين، تبدو الساحة اللبنانية مقبلة على توازن دقيق بين ما يُحاك في الخارج وما سيفرضه الثنائي في الداخل. بين انتظارات الغد وضغوط بعد غد، يدخل لبنان أسبوعاً محملاً بالأسئلة أكثر مما يحمل من أجوبة، حيث يتزامن البحث عن ضمانات في الجنوب مع تصاعد الاعتراض في قلب العاصمة، بما يعكس صورة بلد يفاوض على جبهتين: جبهة الحدود وجبهة الداخل. أخبار ذات صلة