من البدء أنا ضد اقتباس الأعمال الدرامية أو السينمائية بتمصيرها أو سعودتها أو لبننتها وهكذا.. فالأعمال الفنية هي منتج مكان، وسأذكر الأسباب تالياً، فلكل مجتمع تركيبة اجتماعية يتفرد بها عن بقية المجتمعات ليس تفضيلاً أو علوّاً أو دنوّاً، وإنما وضع ديموغرافي له خصائص متفردة لسكانه وثقافته وعاداته تتحكم في بنية تفكيره. والثقافة بالمفهوم الشامل تميز الاختلافات بين بيئة وبيئة، وبتلك الخصوصية يصبح كلّ شعبٍ ليس له شبيه متطابق معه، بل يكون متفرداً بميزةٍ عن بقية الشعوب.ودول أمريكا الجنوبية لا تتطابق كلها مع جيرانها، وكذلك الدول الآسيوية أو الأفريقية أو الإسكندنافية، وهكذا، ولو أن روائياً استعار ميزة مكان ما داخل روايته فهذا يعد جهلاً منه بالمكان الذي يكتب عنه، وهذه النقطة أتذكرها طرفةً عبرت ساحتنا الأدبية ذات فترة زمنية سابقة، إذ إن أحد الكُتَّاب كتب نصّاً سرديّاً بوجود نهر في قصته، وهو يتحدّث عن مدينة سعودية، وتذهب القصة إلى سعادة البطل بالوقوف على النهر، ذلك الخلل كان مدعاة لسخرية الصديق الشاعر أحمد عايل فقيهي (رحمه الله). الذي أريد قوله عن المكان قلته في مقدمة هذا المقال، إن للمكان ثقافةً متلازمةً مع عشرات الخصائص الخاصة به.. وعدم فهم تلك الخصوصية الثقافية يشوّه العمل المقتبس منه، وكذلك يشوّه المكان المعروض فيه ذلك العمل المقتبس.. كما أنه يكون مادة للسخرية أو المقارنة أو الإضعاف للمواد الفنية المنتجة. ولو انتقلنا إلى أضرار ذلك الاقتباس فأول أمر يشي بأن البلد المتعمد على الاقتباس ليس لديه كُتَّاب يقدمون قصصاً تخص مجتمعهم أو أن المنشغلين بناتج المواد الفنية ليسوا معنيين بتقديم قصص منتمية لبيئة المكان المعروض به تلك الأعمال، وإذا كان الاقتباس قائماً على الربحية كون المادة المقتبسة حققت نجاحاً مهولاً في بلدٍ، وانتشر ذلك النجاح لبقية بلدان العالم، فمن المخجل أن يتم اقتباس العمل الناجح فقط لكي يكسب المنتج.إن الاقتباس هو فشل كُتَّاب البلد، وفشل مخرجي البلد، وفشل المنتجين، وفشل من يدير هذا القطاع الضخم.. هذا رأيي، وهو رأي قابل أن يؤخذ به أو يُهمل أو تصم عنه الآذان. أخبار ذات صلة