في زمنٍ يضطرب النظام الدولي وتتعدد بؤر الصراع، يطل ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بوصفه فاعلا محوريا في هندسة القرار العربي والإسلامي، حضوره في القمة الخليجية - العربية - الإسلامية الطارئة في الدوحة تجسيد لنهج سعودي يربط بين القوة الصلبة المتمثلة في الردع العسكري، والقوة الناعمة المتمثلة في بناء التحالفات السياسية والدبلوماسية. فالموقف السعودي ارتكز على مفهوم الأمن الجماعي، إذ لم يعد أمن أي دولة شأنا داخليا، بل قضية مشتركة تستوجب تضامنا يتجاوز الانقسامات، ومن خلال الدفع نحو صياغة موقف موحّد، رسّخ الأمير محمد مبدأ أن الخليج والعالمين العربي والإسلامي يشكّلون كتلة إستراتيجية واحدة في مواجهة التهديدات العابرة للحدود. مواجهة العدوان العدوان الإسرائيلي على قطر أفرز معادلة جديدة في الإقليم، فجاءت القيادة السعودية لتؤكد أن الرد لن يكون انفعاليا أو ظرفيا، بل ضمن إطار منظومة ردع متدرج: دبلوماسية ضاغطة، تنسيق عسكري خليجي، وبناء تحالفات إسلامية ودولية تحمي الشرعية والسيادة. هذه الإستراتيجية تتسق مع المدرسة الواقعية في العلاقات الدولية التي ترى أن التحالفات الإقليمية هي صمام الأمان أمام الأطماع الخارجية. السعودية قوة محورية بجانب حضورها في القمم، نسجت المملكة عبر ولي العهد شبكة لقاءات ثنائية مع قادة المنطقة (من تركيا وإيران والعراق إلى الأردن وباكستان وسورية)، وهو ما يعكس إدراكا عميقا لأهمية الدبلوماسية متعددة المسارات. هذا الحراك يثبت أن السعودية لا تتحرك كرد فعل، بل كقوة مبادِرة تعيد صياغة موازين القوى وتضبط إيقاع النظام الإقليمي. قائد الشرق وصوت العالم الإسلامي لقب «قائد الشرق» لا يُختزل في بعده الرمزي، بل يتجسد في قدرة الأمير على الجمع بين التأثير الاقتصادي عبر سياسات الطاقة والاستثمار، والتأثير السياسي عبر توحيد المواقف، والتأثير الأمني عبر دعم قدرات الردع الجماعي. وفي عالمٍ يبحث عن أقطاب إقليمية مستقلة، تقدم السعودية بقيادة محمد بن سلمان نفسها كقائدٍ للعالمين العربي والإسلامي، وكصوتٍ يوازن بين العقلانية السياسية وصلابة القرار. قراءة الحضور السعودي في قمة الدوحة الطارئة تكشف عن تحول نوعي في مفهوم القيادة الإقليمية: لم تعد المملكة متلقية للتفاعلات الدولية، بل أصبحت مُصدّرة للقرار، ومُشكّلة للتحالفات، ومُحركة للصفوف العربية والإسلامية، هي دبلوماسية بلغة الأفعال لا الأقوال، يقودها قائد الشرق الذي يُعيد رسم ملامح السياسة الإقليمية في زمن التحديات الكبرى. أخبار ذات صلة