تم النشر في: 22 سبتمبر 2025, 6:01 صباحاً يشكّل الاعتدال الخريفي الذي حلّ اليوم - 22 سبتمبر - محطة فلكية وزراعية مهمة، حيث تتعامد الشمس على خط الاستواء فيتساوى طول الليل والنهار، وتشرق من الدرجة (90) شرقًا وتغرب عند الغرب الحقيقي، ما يجعله مرجعًا دقيقًا لتحديد الاتجاهات. وأوضح الباحث والمهتم بالتقويم الزراعي في منطقة عسير الدكتور عبدالله علي آل موسى لـ "واس", أن الاعتدال الخريفي يمثل نقطة تحول في الدورة الزراعية بالمنطقة، إذ تبدأ مظاهر التغير المناخي وتستهل معها مواسم جديدة للزراعة والحصاد. وبيّن آل موسى أن سكان عسير يطلقون على الخريف اسم "الشتاء"، وعلى الصيف "الخريف"، كما ورد في كتاب الأنواء لابن قتيبة، مضيفًا أن المزارعين يعتمدون على التقويم النجمي، ولاسيما مجموعة بنات نعش، في تحديد مواعيد أعمالهم الزراعية. وأشار إلى أن الاعتدال يتزامن مع دخول النجم السادس ومدته من 20 سبتمبر حتى 2 أكتوبر، حيث يسود الجفاف، وتبدأ بواكير نضج الذرة البلدية، ويكتمل صرام النخيل ويتحول أغلبه إلى تمر، عدا بعض الأصناف المتأخرة مثل البرحي ونبوت سلطان والهلالية وحلوة الشمال. كما يبلغ الرمان مرحلة النضج التام ويُنصح بجَنْيه في هذا الوقت، خلافًا لما يفعله بعض المزارعين من استعجال قطافه. وفي هذه الفترة يقوم المزارعون بقص أعواد الذرة غير المثمرة أو المتأخرة، في عملية تُعرف محليًا باسم "وييم"، وقد ارتبطت بحكمة شعبية متوارثة تقول: "إذا جاء السادس… إصرم زرعك أخضر ويابس"، حيث إن أعواد الذرة قبل هذا الموعد قد تسبب للمواشي ما يُعرف بـ"الحَشْرة"، وهي حالة انسداد في البلعوم قد تؤدي إلى نفوقها. أما النجم السابع ومدته من 3 حتى 15 أكتوبر، المعروف بين العامة بـ"السبع"، فيقترن بظهور نجم الصرفة الذي يُقال عند دخوله: "بها ينصرف الحر". وفيه يبدأ الليل بالزيادة على حساب النهار، وتشتد الجفافيات مع هبوب الرياح الشرقية التي تُسقط أوراق الشجر وتيبّس الأعشاب. كما يشهد هذا الموسم حصاد الذرة المحلية في عسير، وهو من أبرز المواسم الزراعية السنوية. ويتبع ذلك النجم الثامن ومدته من 16 حتى 28 أكتوبر، ويسمى محليًا بـ "الثمانية"، ويتميز بدخول الرياح الشمالية الخفيفة التي تبدأ بتلطيف الجو بعد الجفاف الشديد، ويكون هذا الوقت مناسبًا لزراعة بعض المحاصيل الشتوية مثل البصل والثوم والفول، كما يستمر جمع ثمار النخيل من الأصناف المتأخرة ويُستكمل تجهيز الأراضي للزراعات الشتوية. ويُعد هذا النجم مرحلة انتقالية تجمع بين استقرار المناخ النسبي وتحضير الأرض لمواسم جديدة، وفق خبرة المزارعين التقليدية. وأشار آل موسى أن الاعتدال الخريفي يجمع بين الظواهر الفلكية والخبرة الزراعية المتوارثة، ليشكّل وعيًا بيئيًا يعكس ارتباط الإنسان بالأرض والسماء معًا.