تم النشر في: 23 سبتمبر 2025, 5:12 مساءً كنتُ أتنقل بين المقاطع في الموقع الأسود الشهير “T”، أبحث عن شيء يسلّيني، فإذا بي أجد نفسي أمام مشهدٍ يثير التفكير أكثر مما يثير الضحك. كان المقطع يتحدث عن شخص استغل عروض اليوم الوطني على علاجات الأسنان، لكنه خرج من العيادة بأسنان غير متناسقة. ضحك البعض، لكن الرسالة الخفية كانت أوضح من أن تُخفى: “لا تثق في العروض، فهي ليست يومًا استثنائيًا، بل يوم مليء بالمفاجآت غير السارة.” لم يتوقف الأمر عند هذا المقطع. مرّ أمامي آخر يصور شخصًا غافلًا في مشهد تمثيلي، مع تعليق يقول: “القبيلة الفلانية إذا فعلت هكذا.” ضحك البعض من جديد، لكني شعرت بشيء مختلف: هذه ليست مجرد نكتة عابرة، بل محاولة لصناعة صورة نمطية جاهزة عن جماعة كاملة. صورة قد تترسخ في الأذهان مع كل إعادة مشاهدة ومشاركة. القولبة الفكرية ليست جديدة على مجتمعاتنا. في الماضي، كنا نسمع حكايات مشابهة تُتداول بين الناس: “الجنسية الفلانية يدخل الرجل منها منزله بالحب، والأخرى يدخل بعصبية مطالبًا بالطعام.” اليوم تغيّر الزمن، لكن الفكرة بقيت، الفرق فقط أن سرعة انتشارها صارت هائلة، تدفعها خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتصل إلى ملايين خلال ساعات. ورغم أن هذه القوالب قد تبدو مجرد “مزاح”، إلا أنها تحمل أثرًا خطيرًا. فهي تُسهل التنمر، وتزرع الكراهية، وتعلمنا أن نحكم على الآخرين من أول نظرة، لا من حقيقتهم. الأخطر أنها تُعيد تشكيل وعي المجتمع بصمت، فتجعل الصور النمطية جزءًا من التفكير اليومي دون أن نشعر. ومع حلول اليوم الوطني السعودي الـ95، وجدت نفسي أتساءل: أي صورة نريد أن نقدمها عن أنفسنا للعالم؟ هل نسمح لمقاطع عابرة أن تختزل هويتنا وثقافتنا في قوالب هزلية؟ أم نستغل وعينا الجماعي لصناعة محتوى أعمق يعكس حقيقة التنوع والغنى الذي نملكه؟ الجواب يبدأ منا نحن. من وعي الفرد حين يتلقى المحتوى، ومن رفض التعميم، ومن إدراك أن كل إنسان قصة فريدة لا تختصرها لقطة أو تعليق ساخر. التقنية اليوم أداة قوية، يمكن أن تكون وسيلة لنشر التنميط، ويمكن أن تكون جسرًا لفهم أعمق للعالم من حولنا. والاختيار دائمًا بأيدينا. في النهاية، القولبة الفكرية قد تضحكنا لثوانٍ، لكنها إن تُركت بلا وعي ستكلفنا الكثير. فلنكن أكثر وعيًا، ولنرَ الإنسان كما هو، لا كما يُراد لنا أن X:samiqhtani