في اليوم الوطني الخامس والتسعين للمملكة هناك كم هائل من المنجزات الجميلة التي لا يمكن حصرها، لم تستطع دول بتأريخها الطويل وخبراتها القديمة أن تحقق نسبةً معقولة من عددها وتنوعها وجودتها. هذا الكلام ليس تحيّزاً عشوائياً أو عاطفةً وطنية إنشائية، وإنما واقع نعيشه ويشهد به العالم، القريب والبعيد، والمحب والكاره. عندما تكون لديك منجزات حقيقية فإنها هي التي تتحدث عن نفسها، وهي التي تثبت أن الوطن كان في ورشة عمل جبارة منذ تأسيسه، ولم يكن يُطعم الشعب شعارات وأحلام وأمنيات تتلاشى بعد رنين الخطب وإطفاء المايكروفونات.أشياء كثيرة خلّدها التأريخ للمؤسس العظيم الملك عبدالعزيز، رحمه الله، وكانت سبباً في وصول الوطن إلى ما هو عليه الآن، من أهمها عبقريته في دمج النسيج الاجتماعي المختلف والمتباين والمتصارع أحياناً في كثير من أجزاء المملكة، وتحويله إلى نسيج متآلف متناغم متجانس متصالح، انخرط بكامله في مشروع الدولة الوطنية الحديثة. المساحة الشاسعة التي كانت تتناثر عليها مكونات عديدة منفصلة تتصارع من أجل البقاء تحولت إلى كيان واحد ذابت فيه الخلافات، وتلاشت بعد تكوينه التمايزات، لم يعد هناك سوى مواطن سعودي بكامل حقوقه في كل جزء من أجزاء الوطن. وحدة حقيقية وليست صورية، وصلت حد الانصهار في بوتقة واحدة من أجل بناء وطن حقيقي صلب قادر على حماية نفسه وإنجاز مشروعه الحضاري.لم يكن ذلك بالأمر اليسير لولا دهاء الملك عبدالعزيز، وصدق نواياه وإخلاصه لمشروع الوطن. لقد أثبت بأفعاله لكل ذلك الشتات أنه يريد فعلاً بناء دولة حديثة تنقلهم إلى المستقبل، يتشارك فيها الجميع. أذاب كل الاحتقانات والترسبات المتراكمة، وأزال الحواجز النفسية، وتعالى فوق الثارات، وحول الخصوم إلى شركاء، وهذه أفعال لا يستطيعها سوى العظماء أمثال الملك عبدالعزيز، الذي يندر أن يكون له شبيه، والذي لم ينصفه التأريخ كما يجب رغم كل ما قيل وكُتب عنه إلى الآن. أخبار ذات صلة