تحسين صورة المملكة ليست رفاهية ولا شيئاً جانبياً، هذا واجب على كل واحد منا، يتشارك فيه الجميع، أفراداً ومؤسسات.فالمجتمع السعودي اليوم يواجه أشرس الهجمات الإعلامية، ليس فقط من الخارج، بل أحياناً من الداخل عبر بعض مشاهير «الميديا» الذين اقتنعوا أن يقدّموا صورة هزيلة عن أنفسهم، فانعكست على صورة وطنهم، حتى بات المتابع يظن أن هؤلاء هم الأميز بالمجتمع ونخبته!لقد تمدد هذا الوباء للأسف في شرايين الإعلام الجديد، وصار هؤلاء بجهل أو عمد يروجون لقصص مختلقة عن هدايا وسيارات، أو يقدمون محتويات مخالفة للذوق العام، في وقت تحتاج المملكة أن تُعرض على حقيقتها.. أرض الحرمين، وقبلة المسلمين، ومجتمع القيم والنهضة.والمُقلق أن هذه التجاوزات تتمدد أكثر فأكثر ويوماً بعد آخر بلا رادع، بينما الجمهور يتابع بدهشة واستغراب.والحقيقة التي يعلمها الجميع أن هؤلاء المشاهير لم يظهروا فجأة، بل وجدوا دعماً مالياً ومعنوياً من جهات وأشخاص، حتى تصدّروا المشهد وكأنهم صفوة نتاج المجتمع السعودي، بينما هم في الواقع صورة سطحية لا تمثل علمه ولا ثقافته ولا إبداعه.ومن هنا، فإن المسؤولية مشتركة، فكل متابعة أو إعجاب أو دعم يساهم في تضخيم هذه النماذج على حساب غيرها، ولا يمكن أن نطالب بإصلاح الصورة الذهنية ما دمنا نضخ لها الأوكسجين من داخلنا.لذلك فإن الحاجة إلى حلول عملية باتت ملحة، تبدأ من تفعيل الرقابة الإعلامية المتخصصة التي ترصد المحتوى المسيء وتصدر العقوبات الفورية بحق من يتجاوز القيم أو يتلاعب باسم المملكة، مع سن أنظمة جزائية واضحة تشمل الغرامات والمنع من الظهور الإعلامي عند تكرار المخالفات.كما أن ضبط الدعم المالي والإعلاني يمثل ركناً أساسياً في المعادلة، فلا يعقل أن تظل بعض الشركات ورجال الأعمال يغدقون على هذه النماذج بالتمويل، بينما المبدعون الحقيقيون يواجهون العزلة. وأجزم أن توجيه الدعم إلى أهله من الكفاءات والشباب المبدع سيجعل الأرض وأقاصيها تتحدث عن السعودية، وعندما تتاح الفرصة للمتميزين أن يتصدّروا المشهد فالمعادلة ستنقلب رأساً على عقب، وسيغضب المتربصون حين يرون صورة المملكة الحقيقية في أبهى صورها.وهنا يبرز أيضاً دور المجتمع في الاختيار الواعي، حيث لا بد من إطلاق مؤشرات وطنية توثق التزام المؤثرين بالقيم والذوق العام، ويُمنح الملتزمون وساماً رسمياً يعزز حضورهم، فيما يُحجب المسيئون عن فرص الإعلانات والتعاونات.فالحل ليس في المنع فقط، بل في صناعة البديل أيضاً، عبر دعم منصات وطنية ومبادرات شبابية قادرة على تقديم محتوى راقٍ ينافس تلك النماذج السطحية ويبرز الوجه الحقيقي للسعودية. ويبقى الجمهور شريكاً أصيلاً في المعركة، فهو من يصنع الشهرة بتفاعله.وعليه أن يدرك أن كل إعجاب أو مشاركة أو مشاهدة هو تصويت ضمني على من يمثلنا، ومن هنا يأتي النداء الصريح: احجبوا «المهابيل» واتركوهم في محيط منازلهم ينفّسون، فالمجتمع السعودي ليس لديه وقت ليهدره على جماجم فارغة جلبت لنا أصواتاً ناعقة، ونحن من ندفع فاتورة ذلك.إن الحفاظ على الصورة الذهنية للمملكة يبدأ من البيت، وينعكس في السلوك العام، ثم يُصان عبر الأنظمة والقوانين.فإذا تعاون المجتمع مع الجهات الرقابية، وتوجّه الدعم نحو المبدعين الحقيقيين، وفُسح المجال لهم، عندها فقط سنحافظ على صورة المملكة المشرقة كما هي.. وطن العزة، وموئل القيم، وأرض الأنبياء والرسالات. أخبار ذات صلة