يبدو أن هيئة تنظيم الإعلام قررت أخيراً أن تقول للمشهد الإعلامي: «كفى فوضى وتلوث بصري»!ودأبت على أن تضع النقاط على الحروف، وعلى الإعلانات، والاستعراضات، والتجاوزات الأخلاقية، والمشاهدات.وفي خطوة طال انتظارها؛ أعلنت هيئة تنظيم الإعلام عن قرارات جديدة تكبح جماح (المحتوى الهابط) الذي اجتاح المنصات، واضعة بكل صرامة ووضوح حداً للمحتوى الذي يكشف سِتر الأسر وينشر (غسيلهم الوسخ) أمام خلق الله.ويكشف أيضاً العورات الجسدية التي تجعل (النفس تلعي) لبعض (فقاعات الصابون) اللواتي يمشين على مبدأ «إذا أردتِ أن تكوني بالمقدمة؛ قفي بالمؤخرة»!مؤكدة على ضرورة احترام الذوق العام واللباس المحتشم.والحد من استخدام اللغة المبتذلة التي تحمل تأويلات لا أخلاقية، أو التباهي بالأموال والأنساب ما من شأنه إثارة العنصرية بين أفراد المجتمع.هذه القرارات تعيد التوازن للمشهد الإعلامي، وتُنظف الساحة من كل تلوث سمعي وبصري.جميل جداً أن نرى هيئة تنظيم الإعلام تُنظمه وتفرض النظام، فالإعلام لا يمكن أن يتحول إلى (سوق حراج) يعرض فيه كل بائع بضاعته حتى لو كانت رخيصة!ولأننا نعيش في زمن الترند، والحصول على أكبر قدر من المشاهدات مهما كلف الأمر، هذه الخطوة التنظيمية لا تحسب كإجراء رقابي فقط، بل كضوابط إعلامية لا يمكن تجاوزها لمن لا يحترم نفسه بالدرجة الأولى وينشر محتوى هابطاً يليق بأخلاقياته.وبما أنكم الآن (عيني عليكم بارده) تعملون على قدمٍ وساق، هناك جانب آخر يستحق الالتفات منكم، أولئك (الخراطيّن) الذين يبيعون الوهم تحت لافتة (العلاج بالطاقة)، وتنظيف الهالة، وجذب الحظ والمال والحبيب والغريب.صدقوني هؤلاء أخطر من الذين كانوا يعرضون أنفسهم كسلع رخيصة الثمن ليجنوا المشاهدات، فهم يعبثون بعقول الناس وجيوبهم ويخلطون الحابل بالنابل بخرافاتهم واعتقاداتهم وما هم إلا (تجار أوهام) يتلاعبون بمشاعر السُذج تحت غطاء التنمية الذاتية والاستشفاء بالجذب والكون!ومن فضلكم أخبروني؛ كيف يُشفى الشخص بالجذب لأني (مزكمة) ولا أستطيع جذب حتى المناديل؟!اقتراحي البسيط لهيئة تنظيم الإعلام؛ بعد أن ضبطتم فوضى الإعلانات، وخصوصية المشاهدات، التفتوا مشكورين إلى (فوضى الطاقة) ومن يروجون لها، ونظفوا الساحة والمواقع من (سوق الخرافة) والجذب والخرابيط الذي يتسع يوماً بعد يوم.وأعانكم الله، فتنظيف العقول من المعتقدات غير السوية لا يقل أهميةً عن تنظيف الشاشات.وعلى كل حال قرائي العقلاء؛ اجذبوا بالطاقة هذا المقال إلى مطبعة هذه الصحيفة الموقرة، فـ(بيني وبينكم) أنا ما عندي طاقة لا سلبية ولا إيجابية، عندي (لوز بجري) تبغوا؟ أخبار ذات صلة