عرب وعالم / السعودية / عكاظ

معلنون مضلِّلون!

اعترف أحد «المشاهير» أن أغلب إعلانات زملائه تضليل وكذب، وكشف أنه رفض إعلاناً جاء بسيناريو أن يهدي والدته ذهباً أمام الكاميرات ويستعيده عقب التصوير، محذراً من إعلانات مضللة كهذا النوع.
وانعكس الكذب المتداعي في إعلانات المشاهير في انهيار القيمة الإعلانية لهم، وشهدت إعلانات منصات التواصل في السنوات الأخيرة انهياراً كبيراً في نتائجها التسويقية، الأمر الذي ساهم بتراجع القيمة بما يصل إلى ٨٠%؜ وتقليص عقود الكثيرين منهم وإغلاق بعض الأنشطة والمحلات التي باتت لا تحقق الأهداف المرسومة، بل أصبحت نذير شؤم لنفور المتابعين منها.
ومن العوامل التي رفعت الوعي والتثقيف لدى المتابعين بتراجع تأثير المشاهير التسويقي حالات الإحالة والتحقيق لعدد منهم، بعد اكتشاف وزارة التجارة تسويقهم منتجات ومسابقات مخادعة ومغشوشة، ما وضع مصداقيتهم على المحك.
وعزا عدد منهم لـ«عكاظ»، أسباب ذلك لكثرة الخداع، وعدم إلمامهم بأساليب الإعلانات الصحيحة، واعتمادهم على الخداع والتضليل، وهو ما كانت وزارة التجارة له بالمرصاد، إضافة لدخول منصات التواصل لاستقبال الإعلانات المباشرة بأسعار تقل عنهم بما يصل إلى ٩٠%؜.

«كبّسوا يا عصابة راسي»


مواطنون قالوا لـ«عكاظ»: إن بعض من يطلق عليهم المشاهير كانوا يعتمدون على نشر مشاهدات مليونية، وبعد ظهور لرفعها بشكل وهمي تراجعوا عن إظهارها. وطبقاً لنواف العجمي، فإنه لا يشتري أي منتج يعلن عنه المشاهير لعدم مصداقية كثير منهم. ويقول سلطان العتيبي: إنه اشترى عسلاً وعطوراً اتضح أنها ليست مطابقة لحجم «التغليف العاطفي» الذي ينتهجونه.
ولفت أبو أحمد إلى أنه أغلق نشاطه التجاري بعدما دفع مبالغ إعلانية آخرها 10 آلاف لتأتي المبيعات بنحو 300 ريال، ما يعكس أن المؤثرين اليوم بلا تأثير.
وطبقاً لعدد من التجار رفضوا ذكر أسمائهم، فإنهم أغلقوا بالفعل متاجرهم؛ كافيهات ومطاعم وعطورات وغيرها، بعد إعلانات المشاهير لها، وذهب آخرون لثقافة «كبّسوا يا عصابة راسي» لرفع المشاهدات اللحظية.
وذكر أحد المسوّقين أنه تم إلغاء نحو 95%؜ من عقود المشاهير والإبقاء على 5%؜ منهم، فيما حذّر عدد من المختصين من تبعات إعلانات المشاهير في تسويق الوهم، واستنزاف ميزانيات الأسر، وأهمية نشر الدور التوعوي والتثقيفي في الإعلام.

الترويج بالكذب والخداع


أستاذ المحاسبة المالية بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور سالم باعجاجة، يرى أن إعلانات المشاهير في حساباتهم أدت إلى خداع الكثير من الناس، خصوصاً في سلع ومنتجات التجميل وأمراض الجلدية، إذ يحصل هؤلاء على مبالغ كبيرة، واستخدمت متاجر إلكترونية سلعاً مجهولة المصدر، وسوّقتها بواسطة المشاهير ما أضر بكثير من المستهلكين، وسبق لوزارة التجارة أن حذرت من الانسياق خلف هؤلاء الأدعياء وكشفت نتائج سلوكهم.
أما المستشار الأسري الدكتور صالح جعري الزهراني، فقال: إن إعلانات المشاهير غير الصادقة والمضللة تمثل ظاهرة مثيرة للجدل، إذ تؤثر بنحوٍ كبير على الأسرة والمجتمع لما تنشره من رسائل وهمية وترويج مضلل لمنتجات أو خدمات، ما يؤدي إلى تشويش الرؤية الحقيقية للمستهلكين والمجتمع بأسره، ومن ثم يمكن لهذه الظاهرة أن تؤدي إلى العديد من الآثار السلبية، مثل التأثير على الثقة والقيم الأسرية عندما يتعرض الأفراد، وخصوصاً الأطفال، لإعلانات غير صادقة من مشاهير لثقتهم فيهم. ومن الآثار تقليل القيم الأسرية المهمة كالصدق والنزاهة، والتأثير على الاستهلاك الزائد، فإعلانات المشاهير غير الصادقة غالباً ما تشجع على الاستهلاك الزائد أو شراء المنتجات التي قد لا تكون ذات جودة أو قيمة فعلية، ما يؤدي إلى ضغط مالي على الأسرة وتبديد الموارد دون فائدة حقيقية، وتشويه صورة الشباب، إذ تؤثر إعلانات المشاهير الكاذبة على الشباب والمراهقين، وتعطي صورة مغلوطة عن النجاح والقيم الأخلاقية، ما يؤثر سلباً على تطويرهم الشخصي وتطورهم الاجتماعي، كما تؤدي إلى تعزيز الثقافة الاستهلاكية السطحية، فإعلانات المشاهير غير الصادقة تعزز ثقافة الاستهلاك السطحي إذ يتم التركيز على المظاهر الخارجية والتملك بدلاً من القيم الداخلية والمبادئ الاجتماعية. ومن المهم تعزيز الوعي بأهمية البحث والتحقق من مصادر المعلومات، إضافة إلى دعم وسائل الإعلام الصحيحة والشفافة التي تسعى لنشر المعلومات بنزاهة وصدق.

لا تلُم إلا نفسك


الأخصائية النفسية أمل الجهني تقول: إن للإعلانات المضللة تأثيرات نفسية سلبية على الضحايا، ومنها الإحباط، إذ ينتاب الضحية شعور بالغضب لتعرضه للغش والاستغلال بعد دفعه مبالغ مالية كبيرة، وكذا فقدان الثقة والشعور بالضّعف، إذ يشعر الضحية بعدم القدرة على حماية نفسه من مثل هذه الممارسات، إلى جانب الأذى النفسي إذ تتسبب هذه الإعلانات في أذى نفسي عميق في بعض الحالات، خصوصاً إذا تعلّق الأمر بمنتجات أو خدمات صحية. ومن الآثار السلبية أيضاً الشعور بالذنب لوقوع المستهلك في حبال الغش والخداع، فيلوم نفسه على عدم الحذر. وللتضليل تأثير على الصحة النفسية للمجتمع، فتنتشر ظاهرة القلق والتوتر بين الناس الخوف من الوقوع ضحية للغش، ويفقد المشاهير الذين يشاركون في هذه الإعلانات مصداقيتهم وثقة جمهورهم، ويصبح من الصعب على المستهلكين تمييز الإعلانات الحقيقية من المضللة، ما يُعيق اتخاذهم قرارات شرائية سليمة.
وتضيف الجهني، إن إعلانات المشاهير المضللة تشكل ظاهرة خطيرة تلحق الضرر بالضحايا على المستوى النفسي والمادي، لذا يجب تكثيف الجهود لمكافحة هذه الظاهرة، من خلال رفع مستوى الوعي، وتغليظ العقوبات، وتعزيز دور الإعلام، وتمكين المستهلكين.

تلميع المنتج «المضروب»


المحامية منال السعدي، قالت: إنه مع تطور التكنولوجيا والبرامج الحديثة وظهور العديد من برامج التواصل الاجتماعي وانتشارها الواسع، أدرك أصحاب الشركات الناشئة والكبرى أهمية الإعلان التجاري بالمعنى الحديث، في ضوء سرعة التأثير الواضح لدى مسوّق المنتج، وبالنظر إلى المقومات يعد الإعلان أهم الوسائل لنجاح المشروع وتوسّعه، ولعلنا نتحدث عن أهم التطبيقات التي يستخدمها الأغلب ويروج لها بعض من المؤثرين الذين ذاع صيتهم باستخدامهم اليومي لها، وعرض إعلانات بمبالغ فلكية من أجل التكسب وصناعة المحتوى العائد لهم بالفائدة المادية، فعندما يقوم أحد مؤثري التواصل الاجتماعي بنشر إعلان لسلعة معينة أو منتج أو محل تجاري، يركض المستهلك وراء هذه الإعلانات ظناً منه أن جميع ما يطرح مضمون بنسبة عالية، لتكون الصدمة بعد ذلك أن المنتج تشوبه عيوب وأن إظهاره بأفضل صورة كان من قبل بعض المؤثرين الذين يكون هدفهم المادة دون الجودة، وهذا لا يعني التعميم عليهم وأن الجميع كذلك، ولكن لكل قاعدة شواذ، فمن الناحية القانونية من هو الضامن لمثل هذه العيوب؟ وهل يعاقب المؤثر على فعله أم صاحب المنتج؟ النظام مدرك في بادئ الأمر الأخطار الكامنة في الإعلان التجاري المضلل والاعتماد على المبالغة في وصف المنتج، ويسعى للحد من أن تكون الأهداف غالباً تصبو إلى تحقيق على حساب المستهلك، ولذلك نجد النظام يسعى لتغيير هذه الظاهرة، وحماية المستهلك من أضرار الإعلانات المزيفة متى تجاوز أهدافه.
وتجدر الإشارة إلى أن الأصل في الإعلان التجاري أن يكون على قدر من المصداقية، وألا يشوبه التضليل، وأن يكون المستهلك على اطلاع تام بالتفاصيل كافة، فالحماية القانونية حفظت حق المستهلك في التقدم بشكوى ضد الإعلان المضلل.

حجب المحل وسحب الرخصة


تضيف المحامية منال السعدي، أن نظام التجارة الإلكترونية رصد مثل هذه الممارسات، وحظر العرض أو البيان أو الادعاء بعبارات من شأنها أن تؤدي بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى خداع المستهلك أو تضليله من جهة المؤثر ومن جهة صاحب المنتج، فالإعلانات تخضع لضوابط لا يمكن تجاوزها، وفي حال ضُبط منتج يحتوي على مخالفات فإن النظام كفل للمستهلك الحق في رفع دعوى تنظرها اللجنة المختصة،
ومع عدم الإخلال بأي عقوبة أشّد ينص عليها نظام آخر، يعاقب كل من يخالف أياً من أحكام النظام أو اللائحة بالإنذار وغرامة لا تزيد على مليون ريال، وإيقاف مزاولة التجارة الإلكترونية مؤقتاً أو دائماً، وحجب المحل الإلكتروني جزئياً أو كلياً، مؤقتاً أو دائماً، وسحب رخصة الإعلان التجاري «موثوق» في حال تكرر المخالفات.

«الزخرفة» لن تخدع المستهلك


الإعلامي عبدالرحمن المنصوري قال إن إعلام مواقع التواصل لم يعد ذلك المتزن الذي يقدم المعلومة الإعلانية وفق أنظمته وقوانينه، لأنه انتقل من المؤسسية إلى الفردية، وأصبح صاحب المحتوى منصة إعلامية وفق ما يقدمه من محتوى وصل للحد الذي أثر على المجتمع في عاداته وتقاليده، لغياب الرقابة الذاتية، وعزف المشهور على عاطفة المتلقي، فالمادة الإعلامية بيد هؤلاء المشاهير تحتاج رقابة، ولهذا شرعت الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع في رقابة المتجاوزين لأمانة الكلمة والصورة وعرض المنتج، وتم القبض على نماذج قدمت محتوى متجاوزاً للوائح وأنظمة الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع، ما ساهم في وعي المجتمع بعدم مصداقية من يُطلق عليهم المشاهير، وجاء الوعي من رسائل التحذير من هيئة الإعلام، ما أفرز وعياً أثّر على مستوى مشاهدات هؤلاء، وساهم في عزوف أصحاب الشركات عن الإعلان عندهم، ما يؤكد دور المتابعين بأهمية الانتقاء في محتوى ما يُقدم، توافقاً مع الأنظمة واللوائح والعادات والتقاليد.
ويضيف المنصوري: علينا أن نقيم ورشاً ودورات في كيفية صناعة المحتوى، وطريقة تقديم رسالة الإعلام الحقيقية، لأن ما نراه اليوم يحتاج لخطة إستراتيجية تستهدف المجتمع ووعيه بوسائل إعلام اليوم ومشاهيره، لخطورة الوضع، ولعل «تم القبض» رسالة لأولئك المشاهير بأن يعوا دورهم الحقيقي، وأنهم تحت الرقابة، وما انخفاض نسبة إعلان المشاهير إلا مبشر ليقظة المجتمع ووعيه، وأن زخرف القول والصورة لن يغريه.

أخبار ذات صلة

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا