الارشيف / هو وهى / انا اصدق العلم

هل النساء أكثر قدرة من الرجال على تحمل الألم؟

هل لجنس الشخص دور في تحديد آلية استجابته للألم؟

الإجابة هي نعم، يؤثر الجنس إلى حدٍ ما، لكن المعلومات غير كافية حتى هذه اللحظة، لذلك يحاول العلماء معرفة المزيد بشأن ذلك الأمر.

قد يتعامل الرجال مع منبهات الألم ومحفزاته بشكل يختلف تمامًا عن تعامل النساء معها، خلويًا على الأقل.

عندما تدور الحوارات بين الناس بشأن تجاربهم المتعلقة بتحمل الألم مثل إجراء وشم، أو عند وقوع حوادث رياضية، أو فيما يتعلق بالولادة، يشغل غالبًا التساؤل التالي محورَ النقاش، ومفاده: هل يشعر الأشخاص من كلا الجنسين بالألم نفسه أم لا؟

اتضح أن طريقة معالجة الرجال والنساء للمنبهات المؤلمة تختلف خلويًا، وتوجد فروقات جوهرية بينهما.

السؤال الذي بقي إلى الآن من دون إجابة واضحة هو: أي الجنسين يمتلك القدرة الأكبر على تحمل الألم؟

يولد الإحساس بالألم على هذا النحو:

في البداية تكتشف الخلايا العصبية الحسية التي تسمى مستقبلات الأذية أو مستقبلات الألم المنبهات المؤلمة، ثم ترسل إشارة إلى الدماغ لتفسيرها.
تتضمن هذه المنبهات العالية والضغط المكيانيكي والالتهاب.

توجد اختلافات بين الناس في طريقة إدراكهم لهذا المنبه، وتعود هذه الاختلافات إلى عوامل مختلفة بما فيها جنس الشخص. وقد أقرت العديد من الدراسات أن حساسية النساء واستشعارهن للألم تفوق حساسية الرجال، إضافة إلى أن عتبة الألم لديهن أقل.

على سبيل المثال، وجدت دراسة أجريت عام 2012 حول آلية استجابة الرجال والنساء للضغط الجسدي، أن النساء يتحسسن الألم الميكانيكي أكثر من الرجال، وفي دراسة أخرى، أجروا تجربة استشعار الحرارة من ناحية بدء الإحساس به ومدى شدته، فأكدت نتيجتها أن عتبة الألم المتعلقة بالحرارة عند النساء أقل مما هي عليه عند الرجال.

قال جيفري موجيل، أستاذ العلوم العصبية السلوكية في جامعة ماكجيل، والباحث في اختلافات الألم لدى الجنسين: «من المعروف عالميًا أن النساء أكثر حساسية للألم من الرجال».

قال جيفري أيضًا لموقع لايف ساينس: «لقد ظهر الأمر مئات الدراسات، ومع أنها لم تُجرَ لغايات إحصائية، فإن جميعها أخذ المنحى ذاته».

مع ذلك، توجد بعض الدراسات التي تظهر العكس. فقد نُشرت دراسة في عام ، أجرى فيها الباحثون تجربة على 22 شخصًا يافعًا، 12 امرأةً و10 ذكور، وكانت الغاية من ذلك اختبار حساسيتهم للألم الحراري.

عرّضت التجربة المشاركين لمثيرات باردة وأخرى حارة، ثم طُلب منهم تقييم شدة الألم. كان تقييم الذكور لشدة الألم في كِلا المحفزات أعلى من الإناث.

مع ذلك، ما تزال هناك دراسات عديدة تشير إلى عدم وجود اختلافات بين الذكور والإناث في طريقة استجابتهم للحرارة المسببة للألم.

قال فرانك يوريكا أستاذ العلوم العصبية في جامعة أريزونا: «لطالما كان هذا الاختلاف بالرأي موجودًا بين العلماء لسنين، لعدم وجود مقاييس جديّة ذات مفهوم واضح لقياس مدى تحمّل الألم».

تتفاوت عتبة الألم والتحمّل من شخص إلى آخر عبر الاختبارات والبيئات. بالإضافة إلى ذلك، تبين العديد من الدراسات أن الإناث جديرات بالثقة أكثر من الذكور في الاختبارات، ما يزودهن بتقييمات أكثر اتساقًا لألمهن.

يدرس بوريكا الآليات التي باستطاعتها تعزيز الإحساس بالألم، وقد اكتشف مع فريقه أن مستقبلات الألم تنشط لدى الذكور والإناث بواسطة مواد مختلفة، ما يعني وجود اختلاف في الخطوة الأولى لإدراك الألم بين الجنسين.

أخبر موجيل موقع لايف ساينس قائلًا: «إلى الآن لم يؤكَّد بعد ما إذا كانت ميزات مستقبلات الألم نفسها معتمدة على جنس الفرد أم لا، ومن المعروف أيضًا أن منبهات الألم تحتاج إلى تخطي وتجاوز عتبات ألم معينة لكي تنشط مستقبلات الألم، فعادةً لن يكون محفز منخفض الشدة -مثل شرب ماء بارد- كافيًا لتنشيط مستقبلات الألم، وبالمقابل سيؤدي وجود قرحة في الفم إلى تنشيطها».

أوضح بوريكا أنه بناء على هذا السيناريو، تُخفَّض عتبة تنشيط مستقبلات الألم، ما دفع فريقه للتقصي أكثر، لمعرفة ما إذا كان هذا التحسس يعتمد على جنس الشخص.

للتحقق من الأمر، أخذ الفريق عينات من خلايا مستقبلات الألم من العقدة الجذرية الظهرية، وهي عبارة عن انتهاء قريب من النخاع الشوكي تمر من خلالها المعلومات الحسية إلى الجهاز العصبي المركزي. أُخذت هذه العينات من خلايا ذكور وإناث الفئران، ومن المُقَدّمات، أي من أعلى رتب الثدييات البشرية وغير البشرية، وعُرّضت لمواد عديدة ومتنوعة.

أشارت الدراسات السابقة إلى دور هرمون البرولاكتين في استجابة الإناث للألم، إضافة إلى دور مرسال كيميائي يسمو أوركسين في استجابة الذكور، ما بيّن أنهما العاملان المثاليان للتجربة، وأظهرت النتائج أيضًا أن سلوك الخلايا يختلف عند تعرضها لأي من المادتين في جميع الأنواع التي أُخِذت منها العينات.

يخفّض البرولاكتين عتبة تنشيط مستقبلات الألم عند الإناث، لكنه في المقابل لا يؤثر في الذكور. أما بالنسبة للأوركسين، فإنه يزيد توليد الإحساس بالألم لدى الخلايا الذكورية وبالمقابل ليس لديه أي تأثير في الخلايا الأنثوية، علمًا أن المادتين موجودتان طبيعيًا عند كِلا الجنسين ولكن بتركيزات مختلفة.

قال بوريكا: «تختلف مستقبلات الألم التي نستمدها من الحيوانات المذكرة أو المؤنثة، أو حتى من المتبرعين من البشر بعد وفاتهم، اختلافًا تامًا في العمليات المحدِثة لهذا الانخفاض بالعتبات».

أضاف أنه بإمكان هذا الاكتشاف فتح آفاق جديدة لاختراع وتصنيع علاجات مسكنة للألم واعدة ومثيرة للآمال وتناسب الرجال والنساء، خاصةً أن معظم المرضى الحساسين للألم حول العالم من النساء، فعلى سبيل المثال، يعد الألم العضلي الليفي المزمن الحالة الأكثر شيوعًا بين النساء مقارنةً بالرجال في الولايات المتحدة.

قال موجيل : «بغض النظر عن أي الجنسين أكثر حساسية للألم، توجد أدلة متزايدة، منها بحثنا هذا، تشير إلى أن العمليات العصبية المعقدة التي تدير كيفية إدراكنا للألم ومعالجته تختلف بين الذكور والإناث، وإنه في الواقع نظام مختلف بين الجنسين، وهذا ما يجعله الجزء الأكثر إثارة للاهتمام حقًا».

اقرأ أيضًا:

النساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب خلال فترة ما قبل انقطاع الطمث

لماذا تتألم النساء عند الانفصال أكثر من الرجال؟

ترجمة: رغد شاهين

تدقيق: نور حمود

المصدر

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة انا اصدق العلم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من انا اصدق العلم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا