يحذر الباحثون من علاجات الأضداد وحيدة النسيلة لعلاج داء ألزهايمر لأن مخاطرها قد تفوق الفوائد التي توفرها. على هذا، طور العلماء أجسامًا مضادة وحيدة النسيلة للأشخاص المصابين بداء ألزهايمر استنادًا إلى النظرية القائلة بأن ترسبات الأميلويد قد تسهم في الإصابة بالمرض وأن هذه العلاجات قد تزيل هذه الترسبات. ومع ملاحظة الباحثين تحسنًا في النتائج المخبرية لهذه العلاجات، لكنهم قالوا أن التحسن كان ضئيلًا لدى الأشخاص، وأن المخاطر المحتملة تفوق تلك الفوائد، إذ قد تفوق مخاطر علاجات الأضداد وحيدة النسيلة للمصابين بداء ألزهايمر فوائدها وفقًا لتحليل تلوي أجراه باحثون في الأكاديمية الأمريكية لأطباء الأسرة. استند الباحثون إلى 19 دراسة درست تأثيرات ثمانية أجسام مضادة وحيدة النسيلة في 23202 مشارك. وذكر الباحثون عدم ظهور أي دليل على تحسن الأداء الوظيفي العام أو اليومي للأشخاص الذين يستخدمون العلاجات سوى الحد الأدنى من التغيرات. يقول الطبيب المتخصص في طب الشيخوخة مايك جورينشتين في مركز نورثويل هيلث: «تُعزى أهمية هذه المقالة لظهور علاجات جديدة لداء ألزهايمر. لذلك، من الضروري أن يفهم المرضى وعائلاتهم ما إذا كانت هذه العلاجات تناسبهم، وما فوائدها وأضرارها المحتملة». صرح الدكتور جورينشتين لموقع ميديكال نيوز توداي: «درس هذا التحليل التلوي ثمانية أجسام مضادة وحيدة النسيلة مختلفة تعمل على نحو مختلف قليلاً عن بعضها بعضًا، وأظهرت مستويات متفاوتة من النتائج المفيدة والآثار الجانبية». وأضاف: «وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على وصف كل من عقار ليكانيماب وعقار أدكانيماب لعلاج داء ألزهايمر، ويفضل وصفهما لمرضى الضعف الإدراكي المعتدل والخرف المبكر». ما الأجسام وحيدة النسيلة؟ طُورت الأضداد وحيدة النسيلة استنادًا إلى ترسبات الأميلويد التي تعد سببًا في تطور داء ألزهايمر؛ إذ تهدف هذه الأدوية إلى تقليل ترسبات الأميلويد. وفقًا للجمعية الأمريكية للسرطان فإن الأجسام المضادة هي بروتينات يصنعها الجهاز المناعي للمساعدة على مكافحة الأمراض. على هذا، ترتبط هذه الأضداد بمولد الضد الذي يحفز الاستجابة المناعية. بعد تحديد العلماء للمستضد المسؤول عن داء ألزهايمر أو غيره من الأمراض، يمكنهم تعديل أجسام مضادة تستهدف مستضدًا معينًا، وفور التصاقها بالمستضد تساعد الأجسام المضادة الجهاز المناعي على مهاجمة الخلايا الأخرى التي تحتوي على المستضد. المخاطر المحتملة لتناول الأضداد وحيدة النسيلة: بحسب بيان جورينشتين: «تتمثل الآثار الجانبية الأشيع للعلاج بالأضداد وحيدة النسيلة بشذوذات التصوير المرتبطة بالأميلويد ARIA، منها الوذمة الدماغية والنزيف داخل المخ التي تعد الأكثر خطورة وتهديدًا للحياة، إذ تختلف نسبة حدوث هذه الآثار الجانبية باختلاف الأضداد وحيدة النسيلة». أفاد الباحثون أن الأضداد وحيدة النسيلة قد تسبب الوذمة الدماغية والنزيف. وقد ارتبطت هذه المخاطر الصحية بأدوية معينة نذكر منها: ارتبط دواء بابينوزوماب بارتفاع نسبة الوفيات. ارتبط كل من دواء ليكانيماب وأدكانيماب ودونانيماب بشذوذات ARIA-H والنزيف الدماغي المجهري والنزيف الطفيف في الدماغ وداء هيموسيديريوس. ترافقت شذوذات ARIA-E مع أعراض مثل الصداع والارتباك والقيء واضطرابات في الرؤية أو المشي، على نحو ملحوظ لدى الأشخاص الذين تناولوا عقار ليكانيماب وعقار دونانيماب. وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على هذه الأدوية بناءً على فوائدها التي ظهرت في النتائج المخبرية مثل التصوير الطبي والمؤشرات الحيوية. مع ذلك، قال الباحثون إن الأضداد وحيدة النسيلة لم تقدم سوى فوائد ضئيلة في القدرات الإدراكية والوظيفية، وهي فوائد أقل بكثير مما قد يعد ذو أهمية سريرية. وفقًا لبيان الدكتور مارك إيبيل البروفيسور في جامعة جورجيا وأحد المؤلفين الرئيسيين للدراسة: «استنادًا إلى هذا البحث، لا أوصي بتناول الأضداد وحيدة النسيلة لعلاج ألزهايمر، لكن من المهم إلمام المرضى ومقدمي الرعاية إلمامًا تامًا بالفوائد المحدودة والأضرار المحتملة الكبيرة والتكلفة المرتفعة لهذه الأدوية. يجب أن يكون واضحًا أنه تقريبًا بعد 18 إلى 24 شهرًا، لن يلاحظ معظم المرضى ومقدمو الرعاية فائدة هذه الأدوية». يؤكد الدكتور جورينشتين مخالفًا لرأي إيبيل أن العلاجات قد تكون مفيدة في بعض الأحيان ويجب إطلاع المرضى على جميع أنواع العلاجات المتاحة تبعًا للظروف المناسبة. يقول جورينشتين: «أنصح بمناقشة خيارات العلاج مع المرضى الذين يعانون ضعفًا إدراكيًا خفيفًا ويتمتعون باستقلالية وظيفية إلى حد كبير للمشاركة بفعالية في عملية اتخاذ القرارات العلاجية، إذ إن كلًا من الدعم الاجتماعي القوي والتوقعات المنطقية والالتزام بجداول العلاج والمراقبة الدقيقة أمور ضرورية بنفس القدر. لكنني لا أوصي بهذه العلاجات للمرضى الذين يعانون تدهورًا إدراكيًا متقدمًا، ويعتمدون وظيفياً إلى حد كبير على مقدمي الرعاية». مع ذلك، نوّه إلى إمكانية تقديم الدراسة لمعلومات إضافية. أضاف جورينشتين: «في الوقت الحالي، يوصى بالعلاج بالأضداد وحيدة النسيلة إلى حد كبير للمرضى الذين يعانون ضعفًا إدراكيًا خفيفًا أو في المراحل المبكرة من داء ألزهايمر لتحقيق الفائدة المثلى. على هذا، قد تُحقق قيمة أكبر لو ركز التحليل التلوي على هؤلاء المرضى لزيادة الصلة بالفئة التي تُعالج سريريًا». الأبحاث والعلاجات الحالية لداء ألزهايمر: وفقًا للباحثين فإن المراجعات السابقة للعلاج بالأضداد وحيدة النسيلة شملت عيوبًا جسيمة. على سبيل المثال، أشاروا إلى أن بعض مراجعات تجارب المرحلتين الأولى والثانية استخدمت جرعات مختلفة عن تلك التي استخدمت في التجارب اللاحقة. إضافةً إلى ذلك، فإن المراجعات السابقة لم يحللها الباحثون استنادًا إلى اختلاف النتائج السريرية الدنيا للمرضى. توجد أدوية عدة قد تساعد على إبطاء معدل التدهور المعرفي، ثلاثة من هذه الأدوية هي مثبطات إنزيم الكولين إستراز مثل دونيبيزيل، وريفاستيجمين، وغالانتامين. غالبًا ما تكون هذه الأدوية هي الخيار الأول للمرضى الذين يعانون ضعف الإدراك البسيط والخرف الخفيف إلى المتوسط. مع أنه لا يوجد علاج شافٍ لمرض ألزهايمر في الوقت الحالي، فإن تدبير المرض يتم إلى حد كبير عن طريق مزيج من تثقيف المريض ومقدمي الرعاية والخدمات الداعمة وتعديل السلوكيات ونمط الحياة والأدوية لتحسين نوعية الحياة، إذ قد تسبب هذه الأدوية لدى بعض الأشخاص آثارًا جانبية مثل الغثيان والقيء والإسهال وفقدان الوزن وبطء معدل ضربات القلب. بحسب جورينشتين: «يعمل دواء ميمانتين عن طريق آلية مختلفة ويمكن إضافته إلى مثبطات الكولين إستراز في حالات الخرف الأكثر تقدماً، أو إذا كان المرضى لا يستطيعون تحمل مثبطات الكولين إستراز التي قد تسبب الدوخة وتفاقم الارتباك لدى بعض الأشخاص. على هذا، عادةً ما يكون علاج المشكلات السلوكية في داء ألزهايمر، التي تكون غالبًا أكثر إزعاجًا من الأعراض الإدراكية، مزيجًا من العلاج السلوكي وتثقيف الأسرة ومقدمي الرعاية والأدوية، إذ يُفضّل اتباع نهج غير دوائي للحد من عبء الأدوية وآثارها الجانبية. إذا أصيب المرضى بأعراض سلوكية حادة مثل الاكتئاب، يمكن استخدام فئات عدة من الأدوية المضادة للاكتئاب مثل مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية SSRIs، ففي مراحل الخرف المتقدمة قد يصاب المرضى بالانفعالات والأوهام التي تعالج بتعديلات سلوكية، وفي بعض الحالات تعالج بتناول الأدوية المضادة للذهان». اقرأ أيضًا: هل يمكن لرذاذ أنفي مبتكر أن يؤخر مرض ألزهايمر مدة 10 سنوات أو أكثر؟ هل يمكن أن تساهم بعض بكتيريا الأمعاء في ظهور أعراض ألزهايمر؟ ترجمة: حيان الحكيم تدقيق: ريمي سليمان مراجعة: باسل حميدي المصدر