يعمل دواء السكري الشائع «ميتفورمين» جزئيًا بإفراز السكر من مجرى الدم إلى الأمعاء، إذ تحوله بكتيريا الأمعاء لاحقًا إلى مواد كيميائية تحسّن استجابة الأنسولين.
منذ التسعينيات، وصف الأطباء دواء الميتفورمين لعلاج مرض السكري من النوع الثاني، لكن لم يفهم العلماء تمامًا كيفية عمله.
الآن، يملأ بحث جديد حيّزًا من اللغز: يحفز الميتفورمين الجسم على طرد الجلوكوز من مجرى الدم إلى الأمعاء، إذ تتغذى البكتيريا على الكربوهيدرات لإنتاج مركبات قد تساعد على السيطرة على مستويات السكر في الدم.
في الدراسة الجديدة، افترض الباحثون أن علاج الميتفورمين زاد من كمية الجلوكوز التي تُطلَق في الأمعاء بمقدار أربعة أضعاف تقريبًا. ويبدو أن ذلك قد عزز إنتاج المركبات الدهنية التي تساعد على حماية الأمعاء وتقليل الالتهاب.
مسارات متعددة:ركزت معظم الأبحاث على تأثيرات الميتفورمين في الكبد، إذ يعزز كيفية استجابة الخلايا للإنسولين ويمنع تخليق سكر الجلوكوز. لكن بعض الدراسات أشارت إلى أن الدواء يعمل أيضًا في الأمعاء، ربما بمنع نقل الجلوكوز إلى مجرى الدم.
قال رئيس البحث الدكتور واترو أوجاوا، الباحث الطبي في جامعة كوبي في اليابان: «تأثير الميتفورمين في الأمعاء محل دراسة لأبحاث عدة، لأنه عند تناول الميتفورمين بالفم، تتعرض الأمعاء لتركيزات مرتفعة منه».
سابقًا، أظهر فريق أوغاوا أن الجسم يفرز الجلوكوز في تجويف أمعاء الإنسان، حيث ينتقل الطعام والفضلات، المعروف باسم اللُمْعَة. سواءً لدى المصابين بالسكري أو الأصحاء. ما يعني أن هذه وظيفة فسيولوجية لدى البشر.
تغذية بكتيريا الأمعاء:في الدراسة الجديدة، وجد الباحثون أن الميتفورمين ضاعف معدل إفراز الجلوكوز في الأمعاء أربعة أضعاف تقريبًا لدى خمسة أشخاص مصابين بداء السكري من النوع الثاني، وتكرر ظهور تلك النتائج لدى الفئران.
قد يؤدي إبقاء الجلوكوز خارج الدورة الدموية، بتوجيهه إلى الأمعاء، إلى خفض مستويات السكر في الدم مباشرةً، لكن العلماء يعتقدون أن هذا يفسر جزءًا فقط من التأثيرات العلاجية للميتفورمين.
قالت الباحثة نيكولا موريس، غير المشاركة في الدراسة: «لا أتوقع أن تكون هذه آلية العمل الرئيسية للدواء».
إلى جانب سحب السكر من مجرى الدم، قد يكون للجلوكوز المفرز أيضًا تأثير غير مباشر في نسبة السكر في الدم، من طريق تغذية بكتيريا الأمعاء.
«قد تشهد بعض البكتيريا، خاصةً تلك التي تتغذى على السكريات البسيطة، نموًا متزايدًا، في حين أن البكتيريا الأخرى التي تعتمد على الكربوهيدرات المعقدة أو تخمير الألياف قد تتأثر بشكل أقل».
يتكون الهيكل الأساسي لجزيء الجلوكوز من ست ذرات كربون، لذلك، لتحديد معدل تفكيك الأمعاء جزيئات الغلوكوز إلى جزيئات أخرى، كان على أوغاوا إيجاد طريقة لتتبع ذرات الكربون. حقن فريقه الفئران بالجلوكوز المحتوي على نظير ثقيل، أي نسخة من الكربون تحمل نيوترونًا إضافيًا. سمح لهم ذلك بتتبع الكربونات الثقيلة، إذ تحول البكتيريا الجلوكوز إلى مركبات أخرى.
كشفت عينات البراز أن البكتيريا في الفئران المعالجة بالميتفورمين قد حولت الجلوكوز الثقيل إلى أحماض دهنية قصيرة السلسلة. قال أوغاوا: «الأنواع البكتيرية التي تنتج الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة هي عمومًا بكتيريا جيدة، ما يشير إلى أن تأثيرات الميتفورمين قد تعزز البكتيريا الصحية».
يسبب علاج الميتفورمين زيادة الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة التي تحتوي على الكربون الثقيل بنسبة 1٪ فقط في عينات البراز. مع ذلك، فإن معظم الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة تُمتَص وتُستخدم بسرعة بدلًا من إفرازها. ما يعني أن القياس كان على الأرجح أقل من الواقع.
حتى الارتفاع الطفيف في إنتاج الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة قد يعزز وظيفة الحاجز المعوي، ويقلل الالتهاب، ويحسن حساسية الإنسولين، وكلها تأثيرات مفيدة لتدبير السكري.
كان للدراسة بعض القيود. أولًا، لم يقيّم الباحثون كيف أثرت المستويات العالية من الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة في الأمعاء في صحة الفئران. وشملت أيضًا عددًا صغيرًا جدًا من المشاركين الذين كانوا يتلقون جرعات متفاوتة من الميتفورمين جزءًا من أنظمتهم العلاجية.
أيضًا، شملت تجربة الفئران القوارض الذكور فقط، لذلك لا توضح الدراسة الفروق المحتملة بين الجنسين في الاستجابة للدواء.
إضافةً إلى اختبار تأثيرات الميتفورمين في خمسة من المرضى بالسكري، قال أوغاوا إنه أجرى تجربة أكبر على البشر لمواصلة دراسة تأثيرات الدواء في الأمعاء. لم يصدر التحليل النهائي للدراسة بعد، لكن حتى الآن، لم تظهر اختلافات بين الجنسين.
قد يكشف العمل المستقبلي كيف يؤثر الميتفورمين في إفراز الجلوكوز في الفئران التي تستهلك أنظمة غذائية مختلفة، مثل الأنظمة الغذائية عالية الدهون وعالية السكر، التي ترتبط بالسمنة.
اقرأ أيضًا:
دواء الميتفورمين: الاستخدامات والجرعات والتأثيرات الجانبية والتحذيرات
هل سيتمكن الميتفورمين – علاج مرض السكري المعروف – من هزيمة الالزهايمر ؟
ترجمة: مجد عجاج
تدقيق: لين الشيخ عبيد
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة انا اصدق العلم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من انا اصدق العلم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.