مجرد رؤية شخص مريض قد تُطلق نظام إنذار في عقلك وجسدك، حتى لو كان بعيدًا جدًا عنك لدرجة أنه لا يمكنه إصابتك بالعدوى. كشفت سلسلة من التجارب باستخدام نظارات الواقع الافتراضي مدى حساسية عقولنا الفائقة تجاه أعراض المرض. فعندما شاهد المشاركون شخصية افتراضية (أفاتار) تظهر علامات مرضية واضحة مثل طفح جلدي يشير إلى الحمى من مسافات متفاوتة، تنشّطت أدمغتهم فورًا وارتفع مستوى تأهب جهازهم المناعي. على الجانب الآخر، عندما شاهد المشاركون أفاتارًا يبدو صحيًا، لم تُظهر أدمغتهم نفس أنماط التنشيط، ولم تُظهر فحوصات الدم ارتفاعًا فوريًا في المؤشرات المناعية. من بين هذه المؤشرات خلايا تُعرف باسم الخلايا اللمفاوية الفطرية، التي ترتفع مستوياتها في الدم عند تعرض الجسم لمُمرض مباشرة. لكن في هذه الحالة، كان مجرد رؤية عدوى افتراضية وتوقع التعرض لها كافيًا لتحفيزها. كتب فريق البحث: «تُظهر البيانات أن الخلايا اللمفاوية الفطرية تتفاعل مع العدوى ليس فقط عند اكتشافها داخل الجسم، بل أيضًا عند التعامل معها بوصفها تهديدًا محتملًا يقترب من الجسم». عندما استخدم الباحثون التعلم الآلي لتحليل نتائج التجارب إحصائيًا، وجدوا أن نشاط الدماغ في الكشف عن التهديد قد يفسر إلى حد بعيد الاستجابة المناعية. بعد رؤية شخص افتراضي مريض من مسافة، أظهرت أدمغة المشاركين نمطًا فريدًا من النشاط، لم يظهر عندما كان الأفاتار مخيفًا أو يبدو حياديًا. أيضًا فإن الأفاتارات المرضى الأبعد مسافةً أحدثت أقوى استجابة من قِبَلِ شبكة الدماغ. المثير للاهتمام أن بعض هذه المناطق النشطة هي نفسها التي تُحفّز بعد تلقي لقاح الإنفلونزا. تشير النتائج إلى أن الدماغ عندما يستشعر تهديدًا قادمًا، يستجيب بسرعة، ما يحفز نشاط مناطق مثل تحت المهاد، الذي يتواصل بدوره مع الجهاز المناعي لتمكين الجسم من الاستعداد للمقاومة. شملت التجارب 248 من البالغين الأصحاء. في أحد الاختبارات، طُلب من المشاركين -الذين يرتدون نظارات الواقع الافتراضي- الضغط على زر عند الشعور بلمسة على وجوههم. وعندما ظهر أمامهم شخص افتراضي مريض، كان رد فعلهم أسرع مقارنةً بحالات رؤية أفاتار حيادي أو مخيف. يشير هذا إلى أن أدمغتهم كانت في حالة تأهب بسبب رؤية المرض. ويعتقد الباحثون أن هذا التوقع تطور جزءًا من استجابة الكر أو الفر، لكنهم يحذرون من وجود الكثير لاستكشافه، متضمنًا كيفية تفاعل العدوى المتوقعة مع مشاعر الاشمئزاز. «تشير هذه النتائج إلى وجود تفاعل عصبي مناعي متكامل لدى البشر تجاه تهديدات العدوى، دون الحاجة إلى اتصال جسدي مباشر». فشكرًا لأدمغتنا التي تبقى في حالة تأهب لحمايتنا! اقرأ أيضًا: السعفة أو القوباء الحلقية: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج هل التثاؤب معدٍ حقًا؟ رحلة في أسرار التثاؤب وعلاقته بالبقاء والتعاطف ترجمة: مايا نور الدين تدقيق: أكرم محيي الدين المصدر