حمدي رزق : التحفيل الكروى
التحفيل من قبيل السخرية، ويتطور إلى إشعال العداء الكروى.. ومع هيمنة وسائل التواصل الاجتماعى على المزاج العام، يجد المتعصبون بين جماهير كرة القدم منصة واسعة لممارسة ما بات يُعرف بـ«التحفيل»، بهدف الاستهزاء بالخصم، أو الاحتفال بطريقة ساخرة أحيانًا، ومهينة فى كثير من الأحيان!!.
«الشىء إن زاد على حده انقلب إلى ضده»، والتحفيل الكروى جد زاد على حده اللطيف الساخر، أخشى أنه انقلب إلى ضده، إلى العداء المستحكم كما يُرى هذه الأيام.
«التحفيل» بمعنى الكيد والمكايدة يترجم إلى «العنف اللفظى». العداء الكروى يسود الفضاء الإلكترونى. صار طقسًا رديئًا. الزمالك يفوز، يُحفِّل الجمهور الأبيض على جمهور الأهلى، ويحط عليه بسخف بالغ. الأهلى يفوز يُحفِّل جمهور الأهلى على الزمالك، ويحط عليه بأسخف من السخف نفسه.
وهات يا تحفيل، وليته تحفيل خفيف الظل، بل سمج وبايخ ومقزز، ويتجاوز كل الأعراف الاجتماعية المتعارف عليها بين جماهير الناديين العريقين.
التحفيل زمان، وحتى وقت قريب قبل العصر الإلكترونى، كان أقرب إلى مداعبات جماهيرية مهضومة، نَغْش، ترويح، لكن تحفيل السوشيال ميديا بلغ مبلغه، بلغ الحضيض فى غالب الأحيان.
المتعصبون كرويًّا يرتكبون كل الموبقات فى تويتات وتغريدات ووسوم ورسومات ولقطات. الفضاء الإلكترونى بات أقرب إلى مرحاض كروى كلٌّ يقضى فيه حاجته.
ما هكذا تُورَد الإبل، التحفيل كطقس كروى لطيف، منعش، يقاوم الكآبة، الناس بتفرج عن نفسها كرويًّا، مناغشات، وحوارات، ولقطات لا تخلو من إفيهات، على سبيل المداعبة، ولكنها تحولت فى الأخير إلى مشتمة، بأحط الألفاظ، المتعصبون يسوقون بضاعة فاسدة، كوكتيل من العنف اللفظى (مكتوب ومصور) غريبة على ذائقة المصريين.
الروح الرياضية مفتقدة تمامًا، لا خلق ولا خلاق، وكأنهم الإخوة الأعداء، يخسرون بعضًا بسبب تسلل مشكوك فى صحته، ويعصفون ببعض لسبب ضربة جزاء ألغاها الفار، بعضى يمزق بعضى، كما قال طيب الذكر، كامل الشناوى، فى رائعته «حبيبها»!.
وبالعدوى التحفيل الكروى تجاوز الحدود، ما يسبب ضيقًا للأشقاء، ما خلّف بعض أزمات كروية عابرة للحدود، وإساءات تجاوزت الأعراف المرعية بين القبائل الكروية.
ليس هناك كود أخلاقى، أخشى أن التناحر الكروى بهذه الوتيرة الشرسة سيؤدى إلى كوارث فى الملاعب مستقبلًا. اللاعبون والأجهزة الفنية ضحايا التحفيل يتحولون إلى ثيران هائجة فى الملعب!!.
وهل لك أن تسأل: لماذا لا يعود الجمهور إلى المدرجات؟، يقينًا خشية أن يحدث ما لا تُحمد عقباه فى ظل تربص بعضهم ببعض، فى المدرجات وعلى أرضية الملعب.
الحالة العدائية المستعرة بين القبيلتين الحمراء والبيضاء تستوجب وقفة عاجلة، وعلاجات جراحية. العلاجات الموضوعية والكلام الحلو المزوق لن يُجدى نفعًا، التعصب بلغ مبلغه، وهذا جد خطير، ولابد أن تتوفر الرابطة الكروية الاحترافية على دراسة سبل العلاج.
مرت الكرة الإنجليزية بظاهرة التعصب فى الملاعب، وبالحزم والإجراءات العقابية عالجت أمورها، الدرس الإنجليزى متاح لمطالعته، وتمصيره، والأخذ به. ترْك الأمور تجرى فى أعِنّتها خطر داهم. بعض الجماهير تُوصَف بـ«مجانين الكرة»، وهؤلاء لا تُؤمَن تصرفاتهم، والكرة ساحرة تسحر البعض، يفقد صوابه الكروى.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة متر مربع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من متر مربع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.