في السابع والعشرين من يونيو الماضي، وفور الانتهاء من قرعة تصفيات كأس العالم ل«الأبيض» الإماراتي في مجموعته الحالية، تجاذبتُ أطراف الحديث مع بعض الأصدقاء عن التوقعات بكل حيادية ومنطقية -بعيداً عن العواطف الوردية- وكنتُ مع الرأي الذي يرشح إيران وقطر للتأهل مباشرة، بحكم أن إيران فريق آسيوي قوي وقطر بطل آسيا لدورتين متتابعتين.. والتنافس الضروس سيدور بيننا وبين أوزبكستان في الملحق الأول لنيل بطاقة التأهل الثالثة.. وأن مدربنا -بينتو- سيستبدل إما بكوزمين أو بمهدي علي، وليكمل أحدهما المهمة في الملحق الأول أو الثاني. ولكن قناعتي وترشيحاتي رغم كل الظروف -من يومها إلى يومنا- لم تتغير في توقّع تأهل «أبيضنا» إلى المونديال بإذن الله.. وبعد الإجماع المطلق من الشارع الرياضي على سوء مستوى وتواضع أداء مدرب منتخبنا السابق -بينتو-، تمت إقالته.. ووجد الاتحاد ضالته في كوزمين -العارف بخبايا كرة الإمارات جيداً-. ولهذا ينبغي أن نبدأ صفحة جديدة مع المنتخب، لأن الأمر لهذه اللحظة لا يزال في أيدينا، ومهما نزل بنا ما نزل وحصل، لا ينبغي أن نسمح لليأس والقنوط بأن يدبّ في القلوب، ولا وقت للبكاء على لبنٍ مسكوب.. الوقتُ وقتُ عمل فني رصين ينتظرنا. * مهمٌ أن نُذكِّر من تَجرّعَ الإحباط منّا أو نَسِي أن هذه التصفيات تتميز عن سابقاتها بنظام الملحق -بعد التأهل المباشر- وعدد الفرق التي سوف تتأهل منها، فالفرصة مواتية.. الفرصة الأولى، وإن كانت صعبة، تعتمد علينا أولاً بالفوز على أوزبكستان العنيد وقيرغيستان الصعب على أرضه.. وعليه يجب التجهيز لهما والتحضير بشكل مثالي.. ثُم -وأكرر ثُم-انتظار ما تسفر عنه مباراة قطر وأوزبكستان.. وإلا فالمسرح القاصم والمسلك الحاسم في التأهل لنا -كما أتوقعه- هو الملحق الأول والذي سيكون -في الأرجح- على أرضنا.. وإلا فالملحق الثاني هو الفرصة الأخيرة. * ختاماً: أريد أن أشدد على أن كرة القدم لا تُبنى على حث الإعلام على الوقفة الغيورة وإشاعة أجواءٍ من التفاؤل والأمل.. وتحفيز الجمهور بالمساندة الجادة مع المنتخب.. واستنهاض عزائم لاعبينا وإيقاظ هممهم، لاستخراج أفضل ما لديهم والسكوت التكتيكي الآني عن بعض زلاتهم.. والمناشدة المستمرة للكبار والصغار بالدعاء «لأبيضنا» فحسب.. فهذه أمور مهمة وضرورية ولكنها تبقى مساندة وثانوية.. كرة القدم ترتكز على توفر مدربٍ يحملُ فكراً جيداً يستطيع به أن يختار أفضل المواهب وأجود العناصر، ولديه الخبرة الكروية والحنكة الثاقبة التدريبية لتوظيف اللاعبين بشكل صحيح، ليصل بالفريق إلى أفضل النتائج الممكنة ويقدم لنا فريقاً بهوية وشخصية مُرضية.. المدرب -بشخصيته القوية- الذي يستطيع أن يفرض احترامه، ويعرف كيف يكسب لاعبيه لصفه، ويخرج أفضل ما لديهم، ويقف معهم ويعالج مشاكلهم ويحتويهم - ولا يعاديهم أو يعاندهم - وأتوقع أن المدرب كوزمين هو رجل المرحلة لهذه المهمة.. وبإذن الله سيكون التأهل معه لنا إلى المونديال.