كنسمة هواء باردة في ليلة صيف حارة، جاء تأهل ناشئي «الأبيض» لمونديال الناشئين في قطر، للمشجع الإماراتي، الذي اعتاد أنه إذا يمّم شطر اليمين، رآه مثقلاً بالإحباطات الكروية، وإذا توجه تلقاء الشمال، لم ير إلا النكسات المتواليات على مستوى الأندية والمنتخبات.. نعم، فَرِحَ الجمهور بالتأهل وحُقَّ له أن يُسَرّ.. وسَعِدَ محبو الأبيض، لأنهم رأوا أن المستقبل أمامهم واعد وزاهر وأن زامر الحي-اللاعب الإماراتي والكادر الوطني- ما زال يطرب وأن القادم مشرق وجميل.مباريات التصفيات النهائية (الخسارة من اليابان، التعادل الصعب مع فيتنام، رغم التأهل، وخسارتنا في ربع النهائي من أوزبكستان).. تحتاج إلى تقييم تصحيحي دقيق ووقفة معمّقة ومراجعة شاملة، حتى لا نقع في نفس الأخطاء ثانية، خصوصاً لو أردنا الظهور بالمستوى اللائق وتقديم العرض القوي بالمحفل العالمي.ومن الدروس المهمة لهذا التأهل ضرورة البناء عليه والاستمرار مع المجموعة، مع التجديد والإضافة متى ما توفرت الموهبة المسانِدة له، إلى أن يصلوا تدريجياً إلى المنتخب الأول، لأن ذاكرة تأريخنا الرياضي تخبرنا بأن منتخب الناشئين يوماً ما، بقيادة المدرب القدير جمعة ربيع ومساعده الكابتن مهدي علي، وبعد خروجهم من بطولة آسيا (العراق وسوريا)، أكملوا مسيرة العزيمة ودرب المثابرة وطريق الجد والاجتهاد، فأحرزوا بطولة الخليج للناشئين، وكانت أول بطولة رسمية يفوز بها منتخب من منتخباتنا.. واصلت المجموعة مع منتخب الشباب إلى أن استلم الراية مدربنا المواطن مهدي علي خلفاً للمدرب التونسي خالد بن يحيى، وواصل معهم مسيرة النجاح (فتربع على عرش آسيا وتأهل وتألق في مونديال الشباب (ثم تحقق المجد الأولمبي) التأهل لأولمبياد لندن، ثم إحراز وصيف أولمبياد آسيا في اليابان) وبعدها مسيرة المنتخب الأول المضيئة والمعروفة للجميع.. ويقيننا أنه بكثير من العمل المضني والتقويم المستمر والتجارب القوية المتعددة والمتنوعة، سيصقل هذا المنتخب الناشئ وسيكون جاهزاً لتشريفنا في جميع مراحله.من جميل الدروس الوطنية لهذا التأهل ما سمعته من والد سهيل النوبي (لاعب منتخبنا للناشئين)، والوالد أساساً مشجع محب غيور ل«لأبيض» وعاشق لنادي النصر، وهو رغم ظروفه العائلية (علاج أحد أبنائه من مرض عضال-عافاه الله وشافاه) لا يفتأ يقف مع منتخب الناشئين.. ومما قاله والد سهيل، أنه ليس لديه سهيل فقط.. بل خمسة وعشرون «سهيلاً» في منتخب للناشئين، يدعمهم، قدر الاستطاعة، بحضوره معهم ودوام تحفيزه لهم في المعسكرات ومباريات التصفيات، وها هم الناشئون كانوا على الوعد والعهد بهم، بل وعند حسن ظن الجميع، فأفرحوا شعباً وأسعدوا أمة، وأهدوا هذا الإنجاز للدكتور عبدالله بارون، رحمه الله، وعائلته.نعم جاء تأهل ناشئينا أرَقَّ من النسيم إذا سرى، فهل سيكون، هذا التأهل، نبراساً وإلهاماً لرجال «الأبيض» في الحادي والرابع من أكتوبر المقبل، كي يشمروا عن ساعد الجِد ويبذلوا أقصى الجهد، وينثروا الفرحة وينشروا البهجة في ربوع الوطن بالتأهل الكبير للمونديال؟ أرجو ذلك وأتمناه.