كتبت هبة السيد

شهدت الأسواق العالمية أمس الاثنين موجة بيع واسعة لأسهم التكنولوجيا، بدءًا من طوكيو وصولًا إلى نيويورك، بعد أن أثار ظهور نموذج ذكاء اصطناعي صيني منخفض التكلفة قلق المستثمرين بشأن تهديده لهيمنة الشركات الرائدة في هذا المجال مثل "إنفيديا".

وشركة "ديب سيك" الناشئة أطلقت الأسبوع الماضي مساعد ذكاء اصطناعي مجاني تقول إنه يستخدم بيانات أقل وبتكلفة أقل بكثير مقارنة بالخدمات الحالية.

وقد تصدر تطبيق "ديب سيك" قائمة التطبيقات المجانية الأكثر تحميلًا على متجر "آبل" في الولايات المتحدة، متفوقًا على منافسه الأميركي "ChatGPT".

أدى هذا الخبر إلى تراجع مؤشر ناسداك التكنولوجي بأكثر من 3%، حيث كانت "إنفيديا" أكبر المتأثرين، مع هبوط أسهمها بنسبة تجاوزت 17%، وتسبب ذلك في خسارة الشركة أكثر من 600 مليار دولار من قيمتها السوقية، وهو أكبر انخفاض يومي في تاريخ وول ستريت، وفقًا لبيانات LSEG، كما شهدت شركات أخرى مثل "برودكوم" و"مايكروسوفت" و"ألفابت" انخفاضات كبيرة في قيمتها السوقية.

لم تقتصر موجة البيع على الأسواق الأمريكية فقط، بل بدأت في آسيا حيث انخفضت أسهم "سوفت بنك" اليابانية بنسبة 8.3%، وامتدت إلى أوروبا حيث تراجعت أسهم شركة "ASML" الهولندية بنسبة 7%، كما سجل مؤشر فيلادلفيا لأشباه الموصلات انخفاضًا بنسبة تجاوزت 10%، في أسوأ أداء له منذ مارس 2020.

يرى خبراء أن نموذج "ديب سيك" قد يكون بمثابة "الفأرة الأفضل"، مما يهدد بتغيير السردية السائدة حول الذكاء الاصطناعي التي دعمت الأسواق في السنوات الأخيرة، كذلك  النموذج الجديد، الذي يعتمد على تكلفة منخفضة وفعالية عالية، قد يقلل الطلب على الشرائح الإلكترونية والبنية التحتية للطاقة ومراكز البيانات الضخمة، لكنه في الوقت نفسه قد يجعل الذكاء الاصطناعي أكثر انتشارًا ويوسع نطاق استخدامه.

في حين أشاد البعض بنموذج "ديب سيك" باعتباره لحظة فارقة في تاريخ الذكاء الاصطناعي، اعتبر آخرون أن موجة البيع في الأسواق كانت مبالغًا فيها، يرى محللون أن نموذج "ديب سيك" يستهدف الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر الشخصية، ما يجعله منافسًا لـ "ChatGPT" و"Gemini" من "ألفابت"، لكنه لا يهدد الطلب على الشرائح المستخدمة في مراكز البيانات، التي تظل المصدر الرئيسي لإيرادات شركات مثل "إنفيديا" وفقا لما ذكرته رويترز.

ومع تصاعد القلق حول تأثير "ديب سيك"، يتوقع أن يستمر الجدل حول كيفية تأثير هذه النماذج الجديدة على الأسواق والشركات الكبرى،  وبينما يرى البعض في هذه التطورات فرصة لتعزيز الابتكار، يخشى آخرون من أن تكون بداية لتغيرات جذرية في هيكل الصناعة.