أثار إطلاق شركة ناشئة جديدة في وادي السيليكون جدلًا واسعًا، بعد أن أعلن باحث الذكاء الاصطناعي المعروف تماي بيسيروجلو عن تأسيس شركته "ميكانيز" (Mechanize)، التي تهدف إلى “أتمتة كل الأعمال” و”أتمتة الاقتصاد بالكامل” وهي رؤية يعتبرها كثيرون صادمة ومثيرة للقلق. وأعلن بيسيروجلو عن الشركة عبر منشور على منصة X (تويتر سابقًا)، موضحًا أن الشركة تسعى لتوفير البيانات والتقييمات والبيئات الرقمية التي تُمكّن من استبدال أي وظيفة بشرية بوكيل ذكاء اصطناعي، بدءًا من الأعمال المكتبية. وقال بيسيروجلو إن السوق المستهدف "ضخم جدًا"، إذ تُقدّر أجور العمال في الولايات المتحدة بحوالي 18 تريليون دولار سنويًا، وفي العالم بأكثر من 60 تريليون دولار. لاقى الإعلان هجومًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة وأن بيسيروجلو هو مؤسس معهد “إيبوك” (Epoch) لأبحاث الذكاء الاصطناعي، والذي كان يُنظر إليه كجهة بحثية محايدة تقوم بتقييم تأثيرات الذكاء الاصطناعي اقتصاديًا. أحد مدراء المعهد علّق ساخرًا على X قائلاً: "يا لها من هدية عيد ميلاد! أزمة علاقات عامة جديدة". في حين عبّر البعض عن خيبة أملهم، معتبرين أن مشروع "ميكانيز" يقوّض مصداقية المعهد البحثي الذي يترأسه. تزايدت الانتقادات بعد أن كشفت منشورات سابقة أن شركة OpenAI دعمت تطوير أحد المؤشرات البحثية للذكاء الاصطناعي في “إيبوك”، والذي استخدمته لاحقًا للإعلان عن نموذجها الجديد GPT-4o — مما دفع البعض للتشكيك في استقلالية الأبحاث التي ينتجها المعهد. المستخدم أوليفر هابريكا رد على إعلان بيسيروغلو قائلاً: "يبدو أن هذا يؤكد أن أبحاث ‘إيبوك’ كانت تُستخدم لتعزيز قدرات الذكاء الاصطناعي، وهو ما كنا نأمل عدم حدوثه". حصلت "ميكانيز" على تمويل من شخصيات بارزة مثل نات فريدمان، دانيال غروس، باتريك كوليسون، وجيف دين، أحد كبار المهندسين في Google. وأكد المستثمر ماركوس أبراموفيتش دعمه للشركة، مشيرًا إلى أن الفريق المؤسس يتمتع بخبرة فريدة في الذكاء الاصطناعي. رغم النقد اللاذع، يؤمن بيسيروغلو بأن الأتمتة الكاملة للعمل ستخلق نموًا اقتصاديًا هائلًا، وتُنتج وفرة من السلع والخدمات. ويقول إن الأتمتة ستؤدي إلى رفع مستوى المعيشة، حتى وإن قلّت الأجور، مشيرًا إلى أن الناس قد يحصلون على الدخل من الإيجارات، والأسهم، والمساعدات الحكومية. وأضاف أن الأجور قد ترتفع فعليًا في بعض المجالات التي لا يستطيع الذكاء الاصطناعي أداءها. لكن، ومع وجود نية واضحة لاستبدال جميع العمال، يثير المشروع تساؤلات جوهرية: من سيتبقى ليشتري ما تنتجه الآلات؟ وإن لم تكن هناك وظائف، فمن أين يأتي الدخل؟ رغم الرؤية المثيرة للجدل، يعترف بيسيروغلو بأن وكلاء الذكاء الاصطناعي الحاليين غير فعالين بما يكفي، ويعانون من مشاكل مثل ضعف الذاكرة، وعدم القدرة على إكمال المهام المستقلة، وصعوبة تنفيذ الخطط طويلة المدى دون أخطاء. ولهذا، يرى أن العمل على تحسين هذه القدرات ضرورة تكنولوجية حقيقية، وأن “ميكانيز” ستُسهم في تطوير هذا المجال - وهي حاليًا تبحث عن موظفين جدد.