في كشف علمي مثير، أعلن فريق من الباحثين بقيادة علماء من جامعة كامبريدج عن رصد إشارة راديوية خافتة تعود إلى حقبة "الفجر الكوني" أي بعد نحو 100 مليون سنة فقط من الانفجار العظيم، هذه الإشارة، الصادرة من ذرات الهيدروجين البدائي، تحمل معلومات ثمينة حول كتلة وطبيعة أولى النجوم التي أضاءت الكون. الخط 21 سم يكشف أسرار النجوم الأولى اعتمد العلماء في تحليلهم على ما يُعرف بخط الـ21 سنتيمتر، وهو تردد راديوي ينبعث من الهيدروجين المحايد في الفضاء، ووفقًا لدراسة نُشرت في مجلة Nature Astronomy، فإن هذا الخط تأثر بشكل واضح بإشعاع النجوم الأولى، التي تُعرف باسم “الجيل الثالث من النجوم” أو Population III، وتُعتبر هذه النجوم مختلفة تمامًا عن النجوم الحديثة، من حيث الحجم، والحرارة، والعمر. REACH وSKA: نافذتان على الماضي السحيق قاد هذا الاكتشاف مشروع REACH بالتعاون مع شبكة التلسكوبات الراديوية القادمة SKA (مصفوفة الكيلومتر المربع)، حيث لا يتم رصد الأجرام السماوية بصريًا كما يفعل تلسكوب جيمس ويب، بل من خلال تحليل الإشارات الإحصائية للموجات الراديوية القادمة من أعماق الكون. وأوضحت الأستاذة أنستاسيا فيالكوف، من معهد علم الفلك بجامعة كامبريدج، أن هذه الدراسة هي الأولى من نوعها التي تأخذ بعين الاعتبار تأثير الأشعة فوق البنفسجية وأشعة إكس الناتجة عن الأنظمة النجمية الثنائية على إشارات الهيدروجين. وكانت الدراسات السابقة قد قللت من أهمية هذه العوامل في التأثير على تطور الكون البدائي. بداية لفهم كتل النجوم الأولى قالت فيالكوف إن التقنية الجديدة تفتح الباب أمام معرفة ليس فقط متى بدأت النجوم بالتكوّن، بل وأيضًا ما إذا كانت ضخمة أم صغيرة. وصرّح الدكتور إيلوي دي ليرا أسيدو، الباحث الرئيسي في مشروع REACH، أن “نتائج هذا المشروع ستحدد مستقبل علم الفلك الراديوي، مع مشاركة مواقع مهمة مثل صحراء كارو في جنوب أفريقيا.” خطوة نحو فهم الفجر الكوني تمثل هذه النتائج خطوة مهمة نحو فهم كيف بدأ الكون يتحول من الظلام إلى الضوء، وكيف ظهرت المجرات من العدم. وبينما لا يزال مشروع REACH في مرحلة المعايرة، فإنه يقدّم بالفعل لمحات نادرة عن أول مليار سنة من عمر الكون — وهي فترة لا يمكن دراستها بسهولة عبر الوسائل البصرية الحالية. يرى العلماء أن هذه الإشارة الراديوية الخافتة، القادمة من بداية الزمن الكوني، قد تحمل مفتاح فهم كيفية نشأة أولى النجوم، وتطور بنية الكون كما نعرفها اليوم. فبين كل إشارة، تكمن قصة من قصص النور الأول في تاريخ الكون.