تستعد الصين لإدخال أكبر حاملة طائرات مسيّرة في العالم إلى الخدمة بحلول نهاية شهر يونيو. تُعرف هذه المنصة الثورية بلقب “أمّ المسيّرات”، وهي مصممة لحمل ما يصل إلى 100 طائرة مسيّرة ضمن سرب واحد وإطلاقها، بما في ذلك المسيّرات الانتحارية (الكاميكازي). تهدف حاملة الطائرات المسيّرة هذه، التي ستعزز من قدرات جيش التحرير الشعبي الصيني (PLA)، إلى دعم العمليات القتالية، ومهام المراقبة، والإنقاذ في حالات الطوارئ، إضافةً إلى استخدامات أخرى متعددة. تُعرف المركبة باسم «جيو تيان»، وهي مركبة جوية غير مأهولة (UAV) تزن 11 طناً، وتستطيع نقل ما يصل إلى مئة طائرة مسيّرة أصغر بوزن إجمالي يبلغ ستة أطنان، لمسافة تصل إلى 7000 كيلومترًا، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست (SCMP). كُشِف عن المركبة لأول مرة في نوفمبر الماضي في معرض تشوهاي الجوي الدولي، أكبر معرض طيران تجاري في الصين. وتتميز بقدرتها على إطلاق مسيّرات كاميكازي، أو ما يُعرف بالذخائر الجوّالة، وهي طائرات بدون طيار مصممة للتحليق في انتظار الأهداف، ثم الاصطدام بها وتفجيرها. ازدادت شهرة هذا النوع من المسيّرات في الحروب الحديثة، خاصةً بعد استخدام روسيا المكثف لها في غزو أوكرانيا لاستهداف البنية التحتية الحيوية ومواقع القوات. من جانبها، طورت أوكرانيا وسائل للتصدي لهذه المسيّرات، منها إسقاطها مبكرًا، وتركيب أنظمة دفاع جوي مقدّمة من الحلفاء، وبناء حواجز مؤقتة حول الأهداف المحتملة. مع أن المسيّرات الانتحارية ليست جديدة، فإن حاملة «جيو تيان» صمّمت لإطلاق أسراب كاملة من المسيّرات المنسّقة، التي قد تكون قادرة على التغلب على بعض أنظمة الدفاع الجوي التقليدية، بحسب صحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست. وفي هذا السياق، قال الكولونيل أندرو كونك، قائد أنظمة الدفاع الجوي الأرضي في قوات المارينز الأمريكية، في تصريح له في عرض عسكري في 30 أبريل:«ما يُبقيني مستيقظًا في الليل فعلًا هو فكرة أسراب الطائرات». ومع أن المسيّرة الواحدة تعد معدّة استهلاكية، فإن استخدامها استخدامًا منسقًا ضمن أسراب، خصوصًا عند توظيف الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة لتجاوز العقبات والرد على التدخلات، يمنحها فعالية كبيرة، إذ إن تكاليف بنائها وتشغيلها غالبًا ما تكون أقل من أنظمة الدفاع الجوي المصممة لإسقاطها. ومع ذلك، تظل هناك تساؤلات حول مدى فعالية “جيو تيان” في البيئات العسكرية المعقدة، خاصةً تلك التي تتمتع بقدرات حرب إلكترونية متقدمة، ولا تزال العديد من مواصفاتها التقنية غير معلنة. وفي تصريح لمجلة لايف ساينس قالت إلسا كانيا، الزميلة البارزة في مركز الأمن الأمريكي الجديد والمتخصصة في الاستراتيجية العسكرية الصينية والتقنيات الدفاعية الناشئة: «غالبًا ما يُوظَّف تشغيل الصين لأنظمة الأسلحة المتطورة لأغراض دعائية، بما يعزز الردع ويثير الانتباه، حتى وإن كانت القدرات الفعلية لتلك الأنظمة غير مؤكدة بالكامل». وأضافت: «نظرًا لحجم جيو تيان، هناك شكوك حول قدرتها على البقاء في بيئات عالية التنافسية. ولكن، بوصف الصين مصدّرًا رئيسيًا للأنظمة غير المأهولة، فإن الكشف المتعمد عن أنظمة متطورة قد يكون جزءًا من استراتيجية التأثير الدعائي العالمي». وتجدر الإشارة إلى أن استخدام أسراب المسيّرات لا يقتصر على الأغراض العسكرية فحسب، بل يمتد إلى مهام أخرى مثل استكشاف الموارد الطبيعية، وتقييم أضرار الكوارث الطبيعية، والبحث عن ناجين، وتوجيه فرق الإنقاذ في المناطق الخطرة، وذلك بفضل تصميمها المعياري القابل للتخصيص. ستنطلق أول مهمة تجريبية لحاملة جيو تيان قبل نهاية يونيو، على أن تشمل اختبارات عملياتية أولية قبل انضمامها رسميًا إلى أسطول جيش التحرير الشعبي من المركبات الجوية غير المأهولة. اقرأ أيضًا: ما هي تقنية طائرات الدرون ؟ الجيل الجديد من التجسس: تحنيط الطيور الميتة وتحويلها إلى طائرات مسيرة ترجمة: وليد محمد عبد المنعم تدقيق: يامن صالح مراجعة: باسل حميدي المصدر