تستعد وكالة الفضاء الأمريكية ناسا عبر برنامجها الطموح أرتيميس لاختبار تقنيات ومهام مستقبلية لرحلات مأهولة إلى كوكب المريخ، وذلك من خلال تنفيذ مهمات أطول وأكثر تعقيدًا على سطح القمر، وتؤكد الوكالة أن الهدف لا يقتصر على إعادة البشر إلى القمر، بل يتجاوز تجربة “أبولو” التاريخية التي اقتصرت على زيارات قصيرة، ليشمل بناء حضور بشري مستدام خارج الأرض، مع اختبار نظم دعم الحياة والمركبات الفضائية في بيئة قاسية تحاكي التحديات المنتظرة على الكوكب الأحمر.

بحسب ناسا، ستشهد مهمة أرتيميس 2، المقررة في عام 2026، رحلة مأهولة حول القمر لاختبار أنظمة دعم الحياة في مركبة أوريون، وفي الوقت نفسه، أنشأت الوكالة مكتبًا خاصًا للوجستيات في الفضاء العميق لتولي مهام نقل الإمدادات إلى ما بعد مدار الأرض، كما تعمل على بناء محطة Gateway المدارية المصغّرة حول القمر.

وسيجري رواد الفضاء تجارب على معدات حيوية تشمل الحفارات، وعربات القمر، وتقنيات استخراج الموارد، مع التركيز على القطب الجنوبي للقمر الذي يحتوي على جليد مائي وموارد أساسية، وتؤكد ناسا أن تعلم كيفية استخراج هذا الجليد يمثل خطوة حاسمة في التحضير لبعثات مأهولة إلى المريخ.

وتتعاون ناسا في إطار اتفاقيات أرتيميس مع شركات خاصة وعدد كبير من الدول لبناء بنية تحتية للفضاء العميق تشمل محطة Gateway ومركبات الهبوط مثل Starship التابعة لشركة سبيس إكس، غير أن البرنامج يواجه تحديات بارزة، أهمها اعتماد مهمة أرتيميس 3، المقررة قرابة عام 2027، على جاهزية مركبة الهبوط Starship HLS في الوقت المحدد، إلى جانب ضغوط مالية ناجمة عن تقليص الميزانية وفقدان كوادر بشرية.

وتشير ناسا إلى أن برنامج أرتيميس يغير نهج الرحلات الفضائية من مهام قصيرة استغرقت ثلاثة أيام، كما كان الحال في حقبة أبولو، إلى إقامة أطول قد تمتد لأسابيع أو حتى شهور على سطح القمر، وهو ما يُعتبر خطوة انتقالية أساسية نحو الرحلات الطويلة التي ستتطلبها مهام مأهولة إلى المريخ، وقد تستغرق عامًا كاملًا أو أكثر.

بهذا، يُرسّخ برنامج أرتيميس رؤية ناسا الطموحة لبناء جسر علمي ولوجستي بين الأرض والمريخ، على أن يكون القمر المحطة التدريبية الأولى للإنسان في طريقه نحو الكوكب الأحمر.