في إعلان جديد يعكس تسارع تبني الذكاء الاصطناعي حول العالم، كشف سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي" (OpenAI)، أن عدد مستخدمى تطبيق "تشات جي بي تي" (ChatGPT) تجاوز 800 مليون مستخدم نشط أسبوعيًا، فى إنجاز غير مسبوق يجعل المنصة واحدة من أكثر خدمات الذكاء الاصطناعي استخدامًا عالميًا. وجاء الإعلان خلال الكلمة الرئيسية لمؤتمر Dev Day الذي نظمته الشركة، حيث أشار ألتمان إلى أن هذا النمو اللافت يشمل مستخدمين من قطاعات متعددة، من الأفراد والمطورين إلى الشركات والمؤسسات الحكومية، مؤكدًا أن "الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة للتجربة، بل أصبح شريكًا في العمل والإبداع اليومي". وأضاف ألتمان أن أكثر من 4 ملايين مطوّر يستخدمون الآن تقنيات OpenAI لبناء تطبيقاتهم، مشيرًا إلى أن أنظمة الشركة تعالج أكثر من 6 مليارات وحدة بيانات (Token) في الدقيقة عبر واجهاتها البرمجية، وهو رقم يعكس حجم الاستخدام الهائل والاعتماد المتزايد على خدمات الشركة. نمو مذهل وتوسع في البنية التحتية تأتي هذه القفزة بعد أشهر قليلة فقط من إعلان OpenAI في أغسطس الماضي أنها تقترب من 700 مليون مستخدم أسبوعي، بعد أن كانت أرقام مارس 2025 تشير إلى نحو 500 مليون مستخدم.وتسابق الشركة الزمن حاليًا لتأمين كميات ضخمة من الرقائق المخصصة للذكاء الاصطناعي (AI Chips) وبناء بنية تحتية متقدمة تدعم تشغيل النماذج الضخمة التي تعتمد عليها منتجاتها. جيل جديد من التطبيقات الذكية خلال المؤتمر، أعلن ألتمان عن مجموعة أدوات جديدة داخل ChatGPT تتيح للمطورين بناء تطبيقات تفاعلية متقدمة داخل المنصة نفسها، بالإضافة إلى إمكانية إنشاء أنظمة “وكلاء ذكيين” (Agentic Systems) قادرة على التعلم والتكيف والتفاعل مع المستخدمين بطرق أكثر طبيعية وشخصية.وأوضح ألتمان أن هذه التقنيات "ستمكّن من إنشاء جيل جديد من التطبيقات القادرة على الحوار والتفاعل اللحظي والتخصيص وفقًا لاحتياجات المستخدمين". ChatGPT: من فكرة إلى ظاهرة عالمية منذ إطلاقه في نوفمبر 2022، حقق ChatGPT نموًا غير مسبوق، ليصبح أسرع منتج رقمي انتشارًا في التاريخ وأحد أبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي الاستهلاكية.ومع إطلاق خدمة OpenAI Pulse مؤخرًا، أصبح بإمكان المستخدمين تلقي تقارير صباحية مخصصة مبنية على اهتماماتهم، مما يعزز تحول الأداة من مجرد روبوت دردشة إلى مساعد ذكي استباقي. لكن في المقابل، واجهت الشركة بعض الانتقادات المتعلقة بسلوك النموذج في مواقف معينة، مثل ما عُرف إعلاميًا بـ"قضية ألان بروكس"، وهو مستخدم زُعم أنه تلقى نتائج مضللة من ChatGPT حول اكتشاف رياضي جديد، ما أثار نقاشًا حول حدود الذكاء الاصطناعي ومخاطره النفسية والمعرفية. أوبن إيه آي: من منظمة غير ربحية إلى عملاق عالمي ورغم أن الشركة لا تزال مسجلة قانونيًا كمؤسسة غير ربحية، فإنها أصبحت أعلى الشركات الخاصة قيمةً في العالم بعد بيع أسهم بقيمة 6.6 مليارات دولار رفعت تقييمها السوقي إلى 500 مليار دولار، متجاوزة العديد من الشركات التقنية الكبرى. وفي الأسبوع ذاته، أطلقت OpenAI نسخة جديدة من أداة Sora لتوليد الفيديو بالذكاء الاصطناعي، إلى جانب شبكة اجتماعية مصاحبة، كما أعلنت عن شراكة مع شركة Stripe لإطلاق منصة جديدة للتجارة الذكية المعتمدة على “الوكلاء الرقميين”. مستقبل الذكاء الاصطناعي بين النمو والرقابة يأتي هذا التوسع الكبير في وقت تتزايد فيه المخاوف العالمية بشأن تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي ومراقبة تأثيره على سوق العمل والمجتمع، إلا أن ألتمان أكد في كلمته أن هدف الشركة هو "تمكين البشر لا استبدالهم"، وأن المرحلة المقبلة ستركّز على تطوير أدوات أكثر أمانًا وموثوقية. بهذا الإنجاز، يرسّخ ChatGPT مكانته كأحد أهم ابتكارات العصر الرقمي، ويؤكد أن سباق الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد منافسة بين الشركات، بل تحول إلى سباق لتشكيل مستقبل التقنية والإنسان معًا.