في مشهدٍ اقتصادي يتسارع فيه الابتكار وتتصدر فيه التقنية محركات النمو، رسّخ ملتقى (بيبان 2025)، مكانته كأحد أبرز الأحداث الريادية في الشرق الأوسط، بعد أن اختتم فعالياته في الرياض تحت شعار (وجهة عالمية للفرص)، محققًا حصيلة اتفاقيات وإطلاقات تجاوزت 38 مليار ريال، وبحضورٍ فاق 100 ألف زائر.
ولكن ما جعل ملتقى (بيبان) هذا العام مختلفًا لم يكن في الأرقام وحدها، بل في تحوله إلى منصة عملية لتسريع التحول الرقمي وريادة الأعمال، من خلال مبادرات نوعية وشراكات محلية ودولية غيّرت موازين المشهد الريادي في المملكة والمنطقة.
من التمويل إلى الرقمنة.. بيئة متكاملة للريادة:
قدّمت الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (منشآت) عبر ملتقى (بيبان 2025) تجربةً رائدة في بناء منظومةٍ متكاملة لتمكين رواد الأعمال من دخول العصر الرقمي بثقة. فعلى مدى أربعة أيام حافلة، امتدت من يوم الأربعاء 5 نوفمير 2025 إلى يوم السبت 8 نوفمبر 2025، تحوّل الملتقى إلى منصة حيوية لتوليد الفرص، إذ شهد توقيع أكثر من 60 اتفاقية ومذكرة تفاهم تجاوزت قيمتها 38 مليار ريال، لتجسّد رؤية المملكة في تحويل الريادة إلى واقعٍ اقتصادي ملموس.
وجاء (بيبان 2025) امتدادًا لمسار رؤية السعودية 2030 في دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة بوصفها المحرّك الأهم لتنويع الاقتصاد الوطني وصناعة الوظائف المستقبلية. فمن خلال ما أطلقه من اتفاقيات تمويلية مبتكرة ومبادرات نوعية، عزّز الملتقى وصول رواد الأعمال إلى حلول مالية مرنة وتقنيات تمكينية، وأسّس لبيئة استثمارية ديناميكية تدفع بعجلة الابتكار والتحول الرقمي في المملكة إلى آفاقٍ أوسع.
وقد انطلقت مسيرة التمكين في اليوم الأول من الملتقى، بتوقيع 21 اتفاقية ومذكرة تفاهم، وإطلاق مبادرات ريادية وتمويلية بقيمة تجاوزت 22.3 مليار ريال. واستمر هذا الزخم في اليوم الثاني، الذي شهد توقيع 22 اتفاقية إضافية، وإطلاق خمس مبادرات داعمة وممكنة، مما عكس إصرار مختلف الجهات على دعم هذا القطاع الحيوي.
أما اليوم الثالث، فشهد تركيزًا على المحافظ التمويلية، إذ وقعت الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (منشآت) 11 اتفاقية ومذكرة تفاهم، إضافة إلى سبعة إطلاقات تجاوزت قيمتها الإجمالية 7.6 مليارات ريال، وهي مبالغ خُصصت لدعم المشاريع الريادية وقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
وتُوّج الملتقى في يومه الرابع والأخير بتوقيع أربع اتفاقيات تعاون ومبادرات بقيمة قاربت 8.1 مليارات ريال، بهدف مباشر لدعم رواد الأعمال وتعزيز وصولهم إلى حلول مالية ميسرة ومتنوعة.
وقد تجسد هذا الدعم في ثلاث اتفاقيات تمويلية ضخمة وقعتها (منشآت) مع شركات متخصصة، وأبرزها: الاتفاقية مع شركة ليندو للتمويل لتقديم محفظة بقيمة قدرها 6 مليارات ريال، والاتفاقية مع شركة (تمويل الأولى) لتخصيص 1.2 مليار ريال، إلى جانب اتفاقية مع شركة (تأجير للتمويل) لتقديم 500 مليون ريال، بما يسهم في تنويع أدوات التمويل وتوسيع الفرص أمام رواد ورائدات الأعمال لتطوير أعمالهم وتنمية مشاريعهم.
ولم يقتصر الدعم على الجانب المالي، بل امتد ليشمل الاحتضان والتطوير؛ إذ وقعت (منشآت) اتفاقية تعاون مع مؤسسة الأميرة العنود الخيرية، لدعم رواد الأعمال في مختلف المناطق عبر احتضان مشاريعهم وتوسيع نطاقها في الأسواق المحلية.
تعزيز منظومة الابتكار والاحتفاء بالتميز:
في ختام الملتقى، لم تغفل (منشآت) عن تكريم الابتكار والتميز الأكاديمي والمالي، فبإعلانها فتح باب التسجيل في الدفعة الحادية عشرة من برنامج (رواد الابتكار)، أكدت الهيئة دورها كحاضنة للمشاريع النوعية.
وشهد الحفل تكريم أفضل خمس جامعات ريادية على مستوى المملكة، وتتويج الفائزين في مسابقة كأس العالم لريادة الأعمال، بالإضافة إلى الاحتفاء بأبرز الجهات التمويلية الداعمة للمنشآت لعام 2024، اعترافًا بدورها المحوري.
التحول الرقمي في قلب الفعاليات:
كان التحول الرقمي محورًا رئيسًا في جميع أبواب ملتقى (بيبان) هذا العام، خاصة في باب التجارة الإلكترونية، الذي جذب أكثر من 36 ألف زائر ومستفيد، مما يعكس الإقبال المتزايد على الحلول التقنية والذكاء الاصطناعي في قطاع الأعمال.
كما احتضنت مسارح الملتقى أكثر من 200 متحدث محلي وعالمي ناقشوا قضايا محورية مثل: الذكاء الاصطناعي، والتمويل الرقمي، وسلاسل الإمداد الذكية، والاستدامة، والفضاء، عبر 80 ورشة عمل وأكثر من 3000 جلسة استشارية وإرشادية، في تأكيدٍ أن التحول الرقمي لم يَعد خيارًا بل أساسًا لتنافسية المنشآت في المستقبل.
شراكات عالمية وتأثير عابر للحدود:
لم يقتصر الدور الريادي للملتقى على دعم الشركات المحلية، بل امتد إلى بناء جسور تعاون دولية عززت موقع السعودية في الاقتصاد الرقمي العالمي. فقد شهد (بيبان 2025) توقيع اتفاقيات مع جهات دولية من بينها: منظمة التجارة الخارجية اليابانية (JETRO)، والوكالة الفرنسية لتطوير الأعمال، ووكالة سنغافورة لتطوير الأعمال، والوكالة الوطنية للابتكار في تايلند، إلى جانب مؤسسات من كوريا والهند والسويد.
وتؤسس هذه الشراكات لمرحلة جديدة من التعاون في مجالات الابتكار وريادة الأعمال الرقمية، وتؤكد أن المملكة باتت مركزًا إقليميًا لتقاطع الأفكار والتقنيات والاستثمارات.
“بيبان 2025”.. ما التأثير المتوقع على الاقتصاد السعودي؟
لم يكن ملتقى (بيبان 2025) مجرد فعالية اقتصادية عابرة، بل تحوّل إلى رافعة إستراتيجية تدفع الاقتصاد السعودي نحو مرحلة جديدة من التنويع والابتكار، متماشيًا مع مستهدفات رؤية المملكة 2030. فمن خلال ما شهده من اتفاقيات بمليارات الريالات، ومبادرات نوعية في التقنية وريادة الأعمال، رسّخ الملتقى موقع المملكة كمركزٍ عالميٍ للفرص، ومختبرٍ متجددٍ لصناعة المستقبل الاقتصادي، ويشمل ذلك:
1- تعزيز النمو الاقتصادي والتنويع:
- دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة: تضمن الأرقام التمويلية الضخمة (أكثر من 38 مليار ريال)، استمرارية المنشآت الصغيرة والمتوسطة ونموها، التي تمثل العمود الفقري للنمو الاقتصادي وتوليد الوظائف.
- الابتكار والتقنية: يدفع التركيز على محاور مثل: الذكاء الاصطناعي، والفضاء، والتجارة الإلكترونية – التي استقطبت أكثر من 36 ألف زائر – عجلة الابتكار ويدعم الاقتصاد الرقمي، مما يرفع تنافسية الاقتصاد الوطني.
2- توفير الوظائف وتمكين الكفاءات:
- دعم رواد الأعمال: توفير التمويل الميسر والاحتضان والدعم الإرشادي يصنع بيئة خصبة لولادة مشاريع جديدة، ومن ثم؛ زيادة فرص العمل النوعية للشباب السعودي.
- تطوير منظومة الابتكار: يربط تكريم الجامعات الريادية وإطلاق الدفعة الحادية عشرة من برنامج (رواد الابتكار)، المخرجات التعليمية والبحثية بمتطلبات السوق، مما يضمن تدفقًا مستمرًا للكفاءات والمشاريع المبتكرة.
3- ترسيخ المكانة العالمية:
تعزز الشراكات الدولية الموقعة مع 8 وكالات ومؤسسات عالمية من آسيا وأوروبا، مكانة المملكة كمركز عالمي للنشاط الريادي والتجاري، كما يسهل هذا الانفتاح دخول الشركات السعودية للأسواق الدولية، ويزيد من جاذبية المملكة للاستثمارات الأجنبية المباشرة، خصوصًا في قطاعات التقنية والابتكار وريادة الأعمال الرقمية.
4- تسريع التحول الرقمي وتمكين التجارة الإلكترونية:
برز ملتقى (بيبان 2025) كمحركٍ رئيسٍ لتسريع التحول الرقمي، خاصة في قطاع التجارة الإلكترونية الذي شهد إقبالًا غير مسبوق تجاوز 36 ألف زائر ومستفيد.
ويعكس هذا الحضور الكبير التحول في سلوك السوق المحلي نحو الاعتماد على الحلول الرقمية والمنصات الذكية، ويؤكد نجاح جهود (منشآت) في تمكين رواد الأعمال من تبنّي التقنيات الحديثة في إدارة أعمالهم وتوسيع نطاقها. لقد أصبح الملتقى مختبرًا مفتوحًا للابتكار الرقمي، إذ تتقاطع فيه التقنية بالتمويل، والفكرة بالفرصة، لتتولد منه مشاريع تمهّد لاقتصاد سعودي أكثر ذكاءً واستدامةً ومنافسةً عالميًا.
“بيبان”: من ملتقى سنوي إلى محرك إقليمي لتسريع الاقتصاد المعرفي:
لقد تجاوز ملتقى (بيبان) مكانته كحدث سنوي، ليُصبح منصة تسريع اقتصادية ووطنية رائدة، تعمل كقوة دافعة للتحول الرقمي وريادة الأعمال على مستوى المملكة والمنطقة. ويكمن ابتكار الملتقى في قدرته على صهر مكونات النجاح الأربعة، وهي: التمويل، والتعليم، والتقنية، والاستثمار، وصنع القرار تحت مظلة إستراتيجية واحدة. ويضمن هذا التجميع المحكم تحويل الأفكار الناشئة إلى مشاريع واقعية ذات جدوى، وتصعيد هذه المشاريع لتصبح شركات مؤثرة قادرة على قيادة النمو.
ومع تسجيل الملتقى لأرقام مفصلية، مثل تجاوز عدد الشركات الناشئة المشاركة ألف شركة من 66 دولة، وإبرام صفقات استثمارية بقيمة بلغت 22.2 مليون ريال في (حلبة المستثمرين) وحدها، يواصل (بيبان)، ترسيخ موقع المملكة كمحورٍ عالميٍ للفرص الرقمية والاقتصادية.
ومن ثم؛ قد أثبت (بيبان 2025) بنحو قاطع أن التحول الرقمي في السعودية لم يَعد مجرد طموح مؤجل أو شعار مستقبلي، بل حقيقة اقتصادية تتجسد على الأرض، فمن خلال المبادرات التمويلية المبتكرة، والشراكات الدولية الواسعة النطاق، والتمكين الحقيقي لرواد الأعمال، يُقدم الملتقى دليلًا ملموسًا على جدية المملكة في بناء اقتصادها المتنوع والمستدام.
وبينما تواصل المملكة رحلتها نحو بناء اقتصاد متنوع ومستدام، يبقى (بيبان) هو المسرّع الأكبر، الذي يفتح الأبواب أمام مستقبلٍ رقميٍ أكثر شمولًا وابتكارًا في المنطقة.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة البوابة العربية للأخبار التقنية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من البوابة العربية للأخبار التقنية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
