في عالم التجارة، يُعدّ تعظيم المكاسب مبدأً محوريًا لتحقيق النجاح. فالتاجر يسعى دائمًا إلى زيادة الأرباح بأقل ثمن، مستثمرًا كل فرصة تُتاح له لتحقيق أكبر عائد مادي، وهذا الأمر يعد سائغاً ومحط تقدير في هذا المجال، حيث تتجلى براعة التاجر في قدرته على تحقيق التوازن بين الجودة والتكلفة وتلبية احتياجات السوق.
على سبيل المثال، يُمكننا رؤية نجاح الشركات الكبرى التي تبني استراتيجياتها على زيادة الإنتاجية وتقليل الثمن، مع ضمان رضا العملاء.
هذه الممارسات تدل على أهمية تعظيم المكاسب في تحقيق النمو والاستمرارية في عالم مملوء بالمنافسة.
وعلى نطاق آخر، فإن هذا المبدأ لا يتوافق مع مجال العلاقات الاجتماعية، لأنه قد يؤدي إلى نتائج عكسية، فالعلاقات الإنسانية تقوم على مبادئ سامية مثل العطاء، والتفاهم، والود المتبادل، وهي قيم لا تحتمل حسابات المكسب والخسارة المادية.
فعلى سبيل المثال، لو افترضنا جدلاً أن لك صديق، يتعامل معك وكأنه يستثمر في عِلاقة مادية، فيقدم لك معروفًا، ويتوقع منك مقابله، خدمة متساوية أو أكبر منها، ستجد أن هذا النوع من العلاقات سرعان ما يفقد بريقه، لأن الود الحقيقي والصداقة لا تقاسا بالمكاسب، بل بالعطاء غير المشروط.
في الحياة الزوجية أيضًا، إذا تحول أحد الطرفين إلى حسابات دقيقة لما يقدمه وما يأخذه، فإن العِلاقة ستتحول إلى معادلة باردة تخلو من الدفءوالتضحية. ومن هنا، فإن محاولة تعظيم المكاسب في العلاقات الاجتماعية يؤدي إلى انهيار تلك العلاقات التي تحتاج إلى إيثار وتسامح أكثر من تحقيق مكاسب آنية.
الفرق الجوهري بين التجارة والعلاقات الاجتماعية يكمن في الهدف المنشود، فالتجارة تهدف إلى تحقيق المنفعة المادية، بينما العلاقات تهدف إلى بناء الروابط الإنسانية التي لا تُقدّر بثمن.
كما قال الشاعر:
ولم أجد الإنسان إلا ابن سعيه.. فمن كان أسعى كان بالمجد أجدرا
ولكن في العلاقات نقول:
إذا كنت في كل الأمور معاتبًا.. صديقك لم تلقَ الذي لا تعاتبه
وفي الختام:
لا بد أن نتذكر أن التجارة والعلاقات الاجتماعية عالمان مختلفان، ولكل منهما قوانينه الخاصة، فما يصلح لزيادة الأرباح قد لا يصلح لبناء القلوب.
إذا كنتَ في كُلِّ الأمور معاتبًا.. صديقَكَ؛ لم تَلْقَ الَّذي لا تُعاتِبُهْ!
فعِش واحدًا، أو صِلْ أخاك فإنَّهُ..
مقارفُ ذَنْبٍ مَرَّةً ومُجانِبُهْ
إذا أنتَ لم تشربْ مرارًا علىٰ القذىٰ؛
ظمِئتَ، وأيُّ الناسِ تصفو مشارِبُهْ»؟!
@azmani21
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.