الدراس لدورة حياة وانهيار المنظمات والمؤسسات في القطاع الحكومي والخاص وغير الربحي يلحظ أن البيروقراطية تمثل نقطة الارتكاز في ذلك، وبقدر الاقتراب والابتعاد من تلك النقطة يكون ازدهار المنظمة أو انهيارها، وذلك لأن البيروقراطية تُعتبر منطلقاً مهماً في التنظيم العصري للمنظمات والشركات والمؤسسات منذ القرن الثامن عشر الميلادي نظراً للتحولات الاقتصادية في مساري التصنيع والإنتاجية، والتي صُممت أساسًا وفقاً لهذا المفهوم لضمان الكفاءة، والانضباط، ومركزية الصلاحيات والمسؤوليات وفقاً لما تبناه عالم الاجتماع ماكس فيبر وخصوصاً مع ظهور المكينة الصناعية. أخبار متعلقة الفنان علي الغامدي اختفاء ثقافة الصوَرومع أهميته كمفهوم تنظيمي في إدارة المنظمات، إلا أنه قد يؤدي في كثير من الأحيان إلى مشاكل هيكلية خطيرة تسهم في انهيار المنظمات على المدى الطويل، وتعيق مسار الإبداع والتطور، وتحد من الأفكار الابتكارية، وتبطئ من سرعة تداول الأفكار وتنفيذها داخل أروقة المنظمات، والتي تظهر بمظهـر اللجـام الذي يعيق الحصـان الأصيل عن الركض السريع في ميدان السباق والتنافس على إحراز جائزة ذات قيمة معنوية ومادية، كما أن البيروقراطية توجد البيئة الخصبة لانتشار الفيروسات والميكروبات داخل المنظمات، وتدعم أنظمة حماية المصالح الشخصية للمتنفذين من القيادات العليا، وتُضعف الرقابة الفعّالة والشفافية، وتُعّظم أثر الفساد الداخلي للمنظمة لترتفع بعد ذلك معدلات دوران الموظفين وتسرب الكفاءات المؤهلة للمنافسين من القطاعات الأخرى. ومن خلال إجراء استفتاء سريع لعدد من العاملين بقطاعات متعددة اتضح ارتباط مصطلح «البيروقراطية» في أذهانهم بالبطء والرتابة، والسلطوية، وتعقيد الإجراءات وخصوصاً للمعاملات البسيطة والتي من الممكن أن تنتهي بصورة سريعة وبجودة عالية وتحقيق مستويات رضى عالية للعميل والمستفيد، ولا شك أن البيروقراطية تمثل أقصر الطرق لتبادل التهم بين العاملين لتبرير الفشل والتدهور الإداري، والعائق الرئيس في تسويق ثقافة المنظمة للمستهدفين بالانضمام والاستقطاب، وترويج خدماتها ومنتجاتها للعملاء المحتملين، وتلبية احتياج السوق المتعطّـش للسرعة والإبداع والتجديد. ومن أبرز صورها الجمود الإداري، والتراتبية الإدارية غير الفعّالة، والتي تسعى إلى إيجاد واستحداث الأنظمة المعقدة للإجراءات، والمتمركزة على القواعد التي يصعب تغييرها، والمعيقة للابتكار والتكيف مع التغيرات الخارجية نتيجة للبطء والتراخي في اتخاذ القرار وخصوصاً تلك القرارات الحاسمة والفارقة في مسار المنظمة ومستقبلها، ويأتي نتيجة تعدد المستويات الإدارية وتعقيد الإجراءات في معالجة القضايا، وبهذا يظهر مدى خطورتها وكونها مرضاً عضالاً، يتطلب التدخل الإداري العاجل للمعاجلة وخصوصاً في البيئات التنافسية وسريعة التغير. ومن صورها التركيز على الإجراءات بعيداً عن الأهداف الاستراتيجية للمنظمة بحيث يصبح الموظف أكثر اهتمامًا باتباع القواعد وعدم تحقيق النتائج، والاتجاه نحو تحقيق السلامة الإدارية لا تحمل المسؤولية وتجويد الأداء، وشيوع ما يُعرف بظاهرة عبادة النموذج، والعمل بالإجراءات لأجل الإجراءات ذاتها، والهروب من غضبة وسخط المدير العام والرئيس التنفيذي نتيجة التجاوز الإداري لسعادته، ومخالفة العرف السائد في التعقيد لا التنظيم، والتقيد بمبدأ وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون. وأخيراً فالحرب على البيروقراطية حرب طويلة الأمد لارتباطها بطبيعة الإنسان ذاته، ورؤيته وإدارته للأمور والقضايا، وتغيير تلك المفاهيم الإدارية يتطلب قائداً فذاً بمواصفات قيادية معينة أجملها الرئيس التنفيذي لشركة جنرال إلكتريك جاك ولش بأن الرئيس هو ذلك الشخص الملهم والمخوّل باستخدام مكنسة التنظيف والتغيير داخل المنظمة لتلك الممارسات السلبية، وإقناع العقول المقاومة للتغيير بضرورته وأهميته، واستبدال الأنظمة الإدارية الاستبدادية والبيروقراطية، ولتحقيق ذلك التغيير فإنه من المهم إشراك جميع عناصر المنظمة في إعلان الحرب على البيروقراطية عبر إنشاء وإيجاد قنوات تواصلية بين مختلف العاملين بغض النظر عن مستوياتهم الإدارية للإبلاغ عن الممارسات البيروقراطية، وتقديم المقترحات والمعالجات، والعمل وفق عقلية المجموعات الصغيرة لمعالجة المهام الصغيرة وتطويرها. @mesfer753