فيديو / صحيفة اليوم

زمنٌ مُلفّق... من الذي انتزع قروناً من بين أيدينا؟


[email protected]
ماذا لو أن عدداً من القرون التي نعتقد أننا عبرناها... لم تكن يوماً موجودة؟ ماذا لو كان جزء من التاريخ مجرد فراغ، وأننا عالقون في لحظة زمنية مختلقة تمت هندستها؟ فرضية (السنوات المفقودة) ليست ترفاً فكرياً ، بل زلزالاً فلسفياً يهزّ أركان الزمن الذي نبني عليه تصوراتنا عن الواقع.
طُرحت هذه الفرضية في التسعينيات، وتحديداً على يد الباحث الألماني هيريبيرت إيلج، الذي لم يكتف بمساءلة الوثائق، بل ذهب لأبعد من ذلك: قال إن حوالي 297 سنة بين عام 614م و911م لم تحدث قط ، تم اختلاقها عمداً ، لأسباب دينية وسياسية كما يدعي ، ويؤكد أنه بتحالف بين الإمبراطور الروماني أوتو الثالث، والبابا سلفستر الثاني، والإمبراطور البيزنطي قسطنطين السابع ، تم إعادة تشكيل التقويم بحيث يُحكم أوتو في عام (1000) لما يحمله الرقم من رمزية مسيحية، ولكي يعيدوا كتابة التاريخ بما يخدم تصوراتهم للسلطة والشرعية.
هذا الادعاء، الذي يبدو للوهلة الأولى كفنتازيا تاريخية، يعري شيئاً أعمق: هشاشة الزمن كفكرة ، نحن لا نعيش الزمن، بل نؤمن به كما وصلنا. لا أحد فينا عاش عام 800م. نحن فقط نقرأ ما قيل عنه. لكن، من يملك سلطة السرد... يملك سلطة الزمن ، ومن يملك الزمن، يستطيع أن يصنع الوهم ، هذه ليست مجرد لعبة مؤرخين، بل انقلاب على الفهم البشري نفسه.
الفرضية تدعونا لا إلى تصحيح التاريخ، بل إلى فضحه ، كل شيء في هذه الفرضية يعارض المنطق الظاهري: السجلات الإسلامية، الصينية، والكسوفات الفلكية، كلها تبدو متسقة. لكن السؤال ليس في الدقة الفلكية، بل في الدقة السياسية للزمن. لأن الزمن، كما يُقدَّم لنا، ليس محايداً بل هو منتج أيديولوجي...!
اختيار (بداية) أي تقويم، (نهاية) عصر، و (ولادة) عصر آخر، هو عمل سلطوي متقن جداً والقرون الوسطى، التي يقول البعض إنها لم تحدث كما نعتقد، كانت فترة مثالية لتزوير الإدراك الزمني بسبب الفوضى وضعف التوثيق.
الفكرة هنا ليست في إثبات صحة الفرضية رقماً، بل في تفكيك إيماننا المطلق بالتاريخ. ماذا لو كانت هناك فترات تم طمسها بالكامل؟ ماذا لو أن (السنوات المفقودة) لم تكن 297 فقط، بل آلاف السنوات الأخرى التي لا نجد لها بقايا مادية؟
إذا صحّت الفرضية، فنحن لسنا في 2025 بل أقرب إلى 1728. لكن هذا ليس مجرد فرق حسابي. هذا يعني أننا ضحايا خدعة كونية، نعيش في عصر غير حقيقي، وتقدمنا الحضاري مبني على تقويم كاذب. وهذا ما يفتح الباب أمام سيناريوهات أكثر رعباً: هل يمكن أن تُختلق عصور كاملة؟ هل المستقبل أيضاً يمكن برمجته كما بُرمج الماضي؟
العقل الفلسفي لا يقف عند دحض الأدلة، بل يتجاوزها إلى إعادة بناء الأسئلة. فإذا كان الزمن مؤسساً على تراكم الإدراك، فإن إعادة ترتيب الإدراك تعني إعادة تشكيل الواقع. نحن لا نعيش (وقائع) بل (تسلسلات مصدق بها) وما بين زمن يحكى عنه، وزمن نعيشه، تقف (السنوات المفقودة) كشبح يقول لنا: كل ما تعتقد أنه حدث... قد لا يكون حدث.
السنوات المفقودة، إذاً ليست فقط في الكتب. هي فينا. هي تلك الفترات من حياتنا التي لم نفهمها، التي ضاعت بين سرديتين، بين ذاكرة مشوشة وأرشيف مغلق.
لسنا بحاجة لتصديق الفرضية كي نصاب بالذعر. يكفي أن نصدق أنها ممكنة. يكفي أن ندرك أن التاريخ ليس ما حدث بل ما قيل لنا إنه حدث.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا