منوعات / صحيفة الخليج

ماتت كثيراً

د. إيمان الهاشمي

قد نرى في المستشفياتِ الكثير من مظاهر العبادة، ونرى في المساجدِ الكثير من مظاهر المرض! وقد نرى في الحكماءِ بوادر من الجنون، ونرى في المجانينِ شذراتٍ من الحكمة! حتى في الطفولةِ نلاحظ بعض ملامحُ المكر، وفي المكرِ نلاحظ بعض شظايا الطفولة! ففي السجونِ قد نجد وجهَ البراءة، وفي الحريةِ قد نجد وجهَ الإجرام! كما قد نزرع في الفقد بذورَ اللقاء، ثم نحصد في اللقاء ثمار الفراق! ولذلك قد نسمع في الضجيج صراخ الصمت، وقد نسمع في الصمت نحيب الضجيج! وهكذا تكشف لنا الحياة لطفها القاسي معنا، في حين يكشف لنا الموت قسوته اللطيفة علينا، فلا شيء يبدو واقعياً فعلياً، ولا حتى قريباً البتة من الواقع، وكأن لم يعد هنالك أي شيء واقعاً في الواقع. 
اسمها (ماريا آنا موزارت) أما (نانيرل) فهو لقبها، وهي الأخت الكبرى لـ(موزارت) التي احتلت الموسيقى قلبها، فأصبحت ملحنة خرافية، تعزف الهاربسكورد والبيانو باحترافية، وذلك منذ نشأتها ونعومة أظافرها، ولكن بالرغم من بذل الجهود أو تضافرها، لم تحصل (ماريا) على الفرصة رغم توافرها، حيث كانت المرأة في ذلك العصر، تعاني الكبت والمقت والعصر، ومن الازدراء والافتراء والحصر، والتنكيل على الملامح والتشديد على الخصر، لتحديد علامات النجاح والفوز والنصر، وللتعامل مع البرجوازية ودخول القصر، ولذلك اهتم العالم بعبقرية أخيها، وأهمل عبقريتها حد تراخيها، حيث صفقوا لها ولبطولتها، منذ السابعة من عمر طفولتها، وحين كبرت كَرَدوها وطردوها من تحقيق أحلامها، وكأنهم استعبدوها وساعدوها في توطيد آلامها، خاصة بعد أن أصبحت في سنٍ مناسبة للزواج، فتحتم عليها البقاء في المنزل مع والدتها دون احتجاج، ومن شدة علامات الظلم واضطهاد النساء في ذلك الحين، أنهم وجدوا أدلة تشير بأن (ماريا) أجادت التأليف والتلحين، فقد عثروا على رسائلٍ مكتوبة بخط شقيقها موجهة إليها، وكان يمتدح فيها أعمالها التي لم يعثر أحدٌ عليها، وكأن نوتة المرأة تخرج من روحها عارية، لتجوب الآذان وحولها أنياب وحوشٍ ضارية.
بقيت مبدعتنا المظلومة ابنةً مطيعة لوالديها، حتى عندما أصبح الحب أغلى ما لديها، رفضه والدها فسقطت الحياة من عينيها، وتزوجت ممن لا تزدهر معه وجنتيها، واستمرت في هذه المعيشة الظالمة، إلى أن استقرت الحقيقة المظلمة، فمرضت وماتت كثيراً قبل أن تصاب بالعمى.
الاسـم: ماريا آنا موزارت
من أعماله:
Andante in C
النشاط:
ملحنة
الجنسية: 
النمسا
التاريخ:
1751 – 1829-78 سنة
 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا