ترأست الدكتورة آمنة الضحاك، وزيرة التغير المناخي والبيئة، وفد دولة الإمارات، في أعمال الدورة السابعة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة، بمشاركات فاعلة عززت عبرها دورها المحوري في دعم جهود الاستدامة والمرونة المناخية العالمية.
وعقدت أعمال الدورة في المقر الرئيسي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في العاصمة الكينية نيروبي، من 8 إلى 12 ديسمبر 2025 تحت شعار «تعزيز الحلول المستدامة لكوكب قادر على الصمود».
خلال إلقائها البيان الوطني لدولة الإمارات خلال الحدث، قالت الدكتورة آمنة الضحاك «فخورون في دولة الإمارات بتبنّي إرث تنموي رائد يرتكز على الاستدامة، بشكل يدعم الإنسان والطبيعة. هذه الرؤية التي غرسها الوالد المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، تشكل الأساس لالتزام دولتنا الراسخ بالحفاظ على البيئة وتنميتها. ونحن ندرك أن مواجهة تحديات المناخ العالمية لا تتطلب الطموح فحسب، بل تستدعي عملاً ملموساً واستثمارات ضخمة. ولهذا السبب أطلقت الإمارات صندوق «ألتيرا» للتمويل المناخي بقيمة 30 مليار دولار عام 2023، في خطوة حاسمة لسدّ فجوة تمويل المناخ العالمي وتسريع وتيرة التغيير الجذري».
رؤى علمية شاملة
وأضافت «يتجلى جهدنا أيضاً في ريادتنا للحلول القائمة على الطبيعة، مثل قيادتنا «تحالف القرم من أجل المناخ» بالشراكة مع جمهورية إندونيسيا. وندعو إلى تعزيز قدرة جمعية الأمم المتحدة للبيئة على معالجة هذه القضايا عبر رؤى علمية شاملة وقرارات متوازنة. فلنوحد جهودنا لنترك للأرض إرثاً يليق بأجيال المستقبل، ولتظل شعلة التعاون الدولي وقوداً دائماً لمسيرة الإنسانية نحو الاستدامة».
وضم وفد الدولة المشارك في الاجتماعات نخبة من القيادات والخبراء، حيث شارك في الفعاليات محمد سعيد النعيمي، وكيل وزارة التغير المناخي والبيئة، والدكتورة العنود الحاج، وكيلة الوزارة المساعدة لقطاع التنمية الخضراء والتغير المناخي بالوكالة، والمهندسة عائشة العبدولي، مديرة إدارة التنمية الخضراء وشؤون البيئة في الوزارة.
كما حظي الوفد بدعم دبلوماسي رفيع، حيث رافقهم خلال الزيارة الدكتور سالم النقبي، سفير دولة الإمارات لدى جمهورية كينيا، الذي كان دوره محورياً في تسهيل مهام الوفد وتعزيز التواصل الدبلوماسي خلال الحدث.
المياه تتصدر المشهد في نيروبي
خلال «الاجتماع الخاص الرفيع: المياه في العمليات المتعددة الأطراف»، أكدت دولة الإمارات التزامها الراسخ بتعزيز الأمن المائي العالمي والحلول المبتكرة لدعم استدامة الموارد المائية.
وفي معرض حديثها عن التطلعات لمؤتمر الأمم المتحدة للمياه لعام 2026، قالت آمنة الضحاك «تسهم الإمارات بفاعلية في قيادة جهود الأمن المائي العالمي بحلول أبرزها «مبادرة محمد بن زايد للماء»، ونتطلع لاستقبال العالم العام المقبل في «مؤتمر الأمم المتحدة للمياه» الذي نستضيفه بالتعاون مع جمهورية السنغال. وسيتناول المؤتمر التحدي العالمي الملح المتمثل في ندرة المياه عبر تعزيز التعاون ودعم التقنيات المبتكرة ورفع قضايا المياه على الأجندة الدولية.
وأشارت إلى أن التزام الإمارات بالأمن المائي يتجلى في تعهداتها المالية واستراتيجياتها الوطنية، بما في ذلك تعهد بقيمة 150 مليون دولار، لحلول ندرة المياه أعلن في «COP28» وبرنامج «الأنهار النظيفة» الذي رصد 60 مليون دولار لمعالجة تحديات النفايات والمياه في إندونيسيا والفلبين والبرازيل. ومحلياً، تقود «استراتيجية الأمن المائي لدولة الإمارات 2036» النهج الوطني الشامل.
حاجة ملحّة
وخلال الحدث الرفيع عن التصديق العالمي على «تعديل كيغالي» أثناء انعقاد الجمعية، أكد محمد سعيد النعيمي، الحاجة الملحّة للخفض التدريجي لمركبات الهيدروفلوروكربون (HFCs) المسبّبة للاحتباس الحراري، ودعم الإمارات لهذا الاتفاق العالمي.
وأبرز التركيز الاستراتيجي لدولة الإمارات على حماية البيئة، مستعرضاً جهود الدولة في تطبيق مستهدفات خفض الانبعاثات الكربونية عبر مختلف القطاعات للوصول إلى الحياد المناخي بحلول 2050. وانطلاقاً من الحاجة الماسّة للحدّ من الاحتباس الحراري، تعمل الدولة بنشاط على التخلص التدريجي من مركبات الهيدروفلوروكربون بحلول عام 2047 بقوانين اتحادية تفرض إجراءات صارمة للإبلاغ والتصاريح للأنشطة المتعلقة بهذه المركبات. وحث جميع الدول على الانضمام لجهود الحد من تلك المركبات والمساهمة بفاعلية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
كما تناول في حوار «أهمية دعم استقرار النظام المالي العالمي» نهج الإمارات الشامل الذي يدمج التخطيط الاقتصادي والبيئي والمالي. وأشار إلى أن نجاح الإمارات يكمن في خلق بيئة مرنة تدمج الاستدامة في التنظيم المالي، والتنمية الصناعية، واستراتيجيات الاستثمار، مما يخلق مسارات تحول واضحة للقطاعات عالية التأثير.
واستعرض نهج «الحوكمة الشاملة» الذي تتبنّاه الدولة لدمج السياسات المالية مع الأهداف المناخية، كاشفاً عن أرقام تعكس حجم الالتزام الوطني، حيث أشار إلى تعهد «اتحاد مصارف الإمارات» بتخصيص تريليون درهم للتمويل المستدام بحلول عام 2030. كما شدد على ضرورة توحيد معايير التمويل المستدام عالمياً، مشيراً إلى انخراط المؤسسات المالية الإماراتية في مبادرات أممية كبرى مثل «مبادرة تمويل برنامج الأمم المتحدة للبيئة» و«التحالف المصرفي لصفر انبعاثات». كما دعا المجتمع الدولي إلى استثمار هذه الأطر لتمكين دول الجنوب العالمي من الوصول إلى التمويل المناخي، وتسريع وتيرة الاستثمار في المشاريع التي تضمن الأمن البيئي والاجتماعي العابر للحدود.
دمج الالتزامات
خلال مشاركتها في جلسة «حوار الاتفاقيات البيئية.. من التوقيع إلى التنفيذ الفعلي»، استعرضت الدكتورة العنود الحاج، النموذج الإماراتي الرائد في دمج الالتزامات الدولية ضمن النسيج الوطني. وأكدت أن الدولة نجحت في مواءمة التزاماتها البيئية مع الرؤى الوطنية الكبرى مثل «نحن الإمارات 2031» و«استراتيجية الإمارات للحياد المناخي 2050»، مدعومة بأنظمة بيانات وطنية موحدة ومنصات تمويل خضراء تضمن استدامة التنفيذ.
كما أكدت أن التنفيذ الفعال يتطلب إشراك كل الفئات، مستشهدة بمبادرة «تعهد الشركات المسؤولة مناخياً» التي تضم مئات الشركات، والدور المحوري للشباب في صياغة السياسات عبر مجالس الشباب، ما يجعل جهود حماية البيئة جزءاً لا يتجزأ من مسيرة التنمية للدولة.
وفي جلسة الحوار الثانية «الوفاء بالوعد»، وركزت على تسريع تحقيق أهداف التنمية المستدامة، أكدت أن الإمارات تنظر إلى العمل البيئي محركاً للنمو الاقتصادي والاجتماعي، وليس مجرد التزام. وأضاءت على الحلول القطاعية التي تحقق فوائد مضاعفة، مثل مشاريع الطاقة المتجددة والنووية التي تخفض الانبعاثات وتخلق المزيد من الوظائف الخضراء، ومشاريع تحويل النفايات إلى طاقة، وهو ما يدعم التزام الدولة باتفاقيتي «بازل» و«ستوكهولم» ويعزز الاقتصاد الدائري. واختتمت حديثها بتأكيد أن الإمارات تعيد تشكيل الحوافز الاقتصادية والأنظمة المالية لتوجيه رؤوس الأموال نحو المشاريع المستدامة، منتقلة بذلك من مرحلة إدارة الضرر البيئي إلى مرحلة الوقاية الفعالة منه، لضمان مستقبل مرن ومزدهر.
فريق إماراتي
وفي سياق متصل، أدى وفد الدولة التفاوضي دوراً جوهرياً خلال الاجتماعات التي سبقت انطلاق الفعاليات الرئيسية. وقد أدارت المهندسة عائشة العبدولي، فريق التفاوض الوطني الذي تميز بكونه فريقاً إماراتياً خالصاً، جمع بين الشباب وخبرة المختصين.
وقد نجحت الكوادر الوطنية الشابة، مدعومة بالخبراء الفنيين، في المشاركة في المفاوضات - التي استمرت حتى انتهاء أعمال الاجتماعات في 12 ديسمبر الماضي - وطرح رؤية دولة الإمارات المتوازنة، ما أسهم في صياغة القرارات الأممية النهائية. وقد أثمرت هذه الجهود المكثفة، بالتعاون مع المجتمع الدولي، اعتماد 11 قراراً محورياً، شملت مسارات تفاوضية حاسمة.
ففي محور الاستدامة الرقمية والابتكار، أقرّ قرار بشأن الاستدامة البيئية لأنظمة الذكاء الاصطناعي. أما في الإدارة السليمة للموارد والنفايات، فقد اعتمدت الجمعية قرارات تعزز الإدارة السليمة للمعادن والفلزات، والكيماويات والنفايات.
وفي حماية النظم البيئية والتنوع البيولوجي، شملت المخرجات قرارات ملحّة لحماية الشعاب المرجانية، والحفاظ على الأنهار الجليدية، وتعزيز الاستجابة العالمية لحرائق الغابات، ومواجهة تدفقات طحالب السرجس. وفي ما يخص محور الصحة والمجتمع، اعتمدت قرارات بشأن الأبعاد البيئية لمقاومة مضادات الميكروبات، وتعزيز مشاركة الشباب في العمليات البيئية، واستخدام الرياضة كأداة لتعزيز الاستدامة.
وقد اختتمت الجمعية أعمالها بإعلان عقد الدورة الثامنة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة (UNEA-8) في ديسمبر 2027 تحت رئاسة جامايكا، لتواصل البناء على هذه المخرجات الطموحة.
الاجتماع الوزاري 2025
خلال مشاركتها في دورة 2025 من الاجتماع الوزاري لتحالف المناخ والهواء النظيف، رحبت العنود الحاج، بالخطوات التي اتخذها برنامج الأمم المتحدة للبيئة لتفعيل القرار 6/10 بتعزيز التعاون الإقليمي في تلوث الهواء. وأكدت أن هذه المبادرات أدوات مهمة لتسريع التعاون وتسهيل الوصول للخبرات العلمية. كما أضاءت على استثمارات الإمارات لتحسين رصد جودة الهواء، بما في ذلك نشر محطات رصد متطورة، وقوائم جرد وطنية للملوثات، وإطلاق «الأجندة الوطنية لجودة الهواء 2031».
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
