سياسة / اليوم السابع

مفتى الأردن: الفتوى مطالبة بالانتقال من التنظير إلى الاشتباك مع قضايا الواقع

أكَّد الدكتور أحمد الحسنات، مفتى المملكة الأردنية الهاشمية، أن ألفتوى مطالَبة اليوم بالخروج من إطارها النظرى إلى الواقع العملي، والاشتباك المباشر مع قضايا الإنسان وهمومه، فى ظل ما يشهده العالمُ من تراجعٍ خطير فى منظومة القيم الإنسانية وامتهان لكرامة الإنسان.

جاء ذلك خلال الجلسة الافتتاحية للندوة الدولية للإفتاء؛ حيث قال مفتى الأردن: "نجتمع اليوم فى هذا الملتقى الذى يضمُّ نخبةً من علماء الأمة الإسلامية لنبحث موضوعًا مهمًّا يُلقى بظلاله على المجتمع الإنسانى برُمته، يعبر عنه موضوع هذا الملتقى العلمي، وهو ألفتوى وقضايا الواقع الإنساني".

 

نعيش زمنًا أصبحت فيه كرامةُ الإنسان سلعةً بيد أصحاب القوة

وأوضح أن العالم يشهد مرحلةً خطيرة من الانحراف القيمي، قائلًا: "نعيش اليوم فى زمن تراجعتْ فيه كرامةُ الإنسان، وأصبح سلعةً ممتهنة لكل سائم بيده قوة السيطرة والتحكم فى العالم".

وأكَّد أن الإسلام جاء ليؤسس مبدأَ الكرامة الإنسانية الجامعة، مستشهدًا بقوله تعإلى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: 70]؛ مشددًا على أن كرامةَ الإنسان مصونةٌ مهْمَا كان دينه أو جنسه أو عِرقه أو لونه.

وأشار مفتى المملكة الأردنية الهاشمية، إلى أن مقاصد الشريعة الإسلامية جاءت لحفظ الضرورات الإنسانية الكبرى، قائلًا: "جاءت مقاصد الشريعة الإسلامية للحفاظِ على دين الإنسان، وعلى نفسه وعقله وعرضه وماله".

ولفت النَّظر إلى أنَّ الواقع المعاصر يشهد انتهاكًا صارخًا لهذه المقاصد؛ موضحًا أن ما نشاهده اليوم من عدوانٍ وإبادةٍ وتجويعٍ يُعانى منه أهلنا فى غزة وفلسطين، ومحأولة لإخراجهم من ديارهم بغير وجهِ حقٍّ، واحتلالٍ للأرض، وانتهاكٍ للعِرض، واعتداءٍ على المال -لهو دليل على أن البشرية تحتاج إلى مسار يُصحِّح نهجها ويعدل اعوجاجها".

وأكد أن الأمة الإسلامية -بعلمائها ومفتيها- تتحمل مسئوليةً أخلاقية ودينية تجاه العالم، قائلًا: "إننا كأمة إسلامية ممثلة بعلمائها ومفتيها وقادتها منوطٌ بها مهمة أمانة التكليف عن نبينا صلى الله عليه وسلم".

واستشهد بقوله تعإلى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110].
مضيفًا أنه كان لزامًا علينا أن يكون لنا الموقفُ الذى نضعه أمامَ المجتمع الإنساني، ورسالةُ الحق والضمير التى نوصلها إلى الناس جميعًا.

وتحدَّث مفتى الأردن عن تجربة دائرة الإفتاء العام فى المملكة الأردنية الهاشمية، مؤكدًا أنها قدّمت نموذجًا عمليًّا فى ربط ألفتوى بالواقع، مشيرًا إلى أن دائرة الإفتاء العام فى المملكة الأردنية الهاشمية قامت بتحويلِ ألفتوى من إطارها النظرى إلى الاشتباك مع الواقع عمليًّا.

وأضاف أنه كان لهذه الدائرة المباركة الجهدُ العظيم فى الدفاع عن حقوق الإنسان، والوقوف فى صفِّ المظلوم، ودعم صموده على أرضه بما يخدم مصلحته الحقيقية.

وكشف عن الجهود الإغاثية المباشرة التى قامت بها دائرةُ الإفتاء، قائلًا: "قامت دائرة الإفتاء العام التى تدير وقفية خير الأردن؛ بجمع ما يُقارب ستةَ ملايين دولار، وإرسالها من خلال الهيئة الخيرية الهاشمية إلى أهلنا فى غزة وفلسطين".

وأوضح أن هذه المساعدات كانت على شكلِ مساعداتٍ عينيَّة، لدعم صمودهم على أرضهم وثباتهم فى وجه الظلم والطغيان؛ مؤكدًا أن لها أكبرَ الأثر فى معيشتهم بشكل فعليٍّ وعمليٍّ مؤثر تأثيرًا حقيقيًّا.

وشدَّد مفتى المملكة الأردنية الهاشمية على ضرورة ضبط الخطاب الإفتائي؛ داعيًا علماء الأمة إلى تحمُّل مسئولياتهم، قائلًا: "ندعو اليوم علماء الأمة الإسلامية إلى الاشتباك مع الواقع الإنساني، وإخراج ألفتوى من إطارها النظري، وحالتها ألفردية، إلى الواقع العملي".

وحذَّر من خطورة الآنفلات الإفتائي؛ مؤكدًا على ضرورة ألا تُترك ساحةُ ألفتوى لكل من هبَّ ودرَج، ولا أن تُفرغ لأصحاب الأهواء والتطرُّف، الذين عاثوا فى الأرض فسادًا وإفسادًا.

وأشار أن المؤسسات الدينية الرصينة المنضبطة بالمذاهب ألفقهية المعتمدة، ذات المنهج العلمى الأصيل -هى الأقدرُ على حمل هذه المسئولية.

وفى ختام كلمته، أعلن الدكتور أحمد الحسنات عزْمَ بلاده توقيعَ اتفاقيةِ تعأونٍ مع دار الإفتاء المصرية، قائلًا:
"نعتزم فى هذا الملتقى توقيعَ اتفاقية تعأون مع دار الإفتاء فى جمهورية العربية، فى سبيل تكامل الجهود، وتكاثف المنظومة الإفتائية الرصينة".

وأوضح أن هذه الخطوة تأتى لتكون لَبِنةً جديدة فى صرح الأمة الإسلامية الراسخ، وسدًّا فى وجه من يحأول تشويهَ صورة الإسلام؛ داعيًا الله تعإلى أن يحفظ مصر وأهلها، وأن يوفق القائمين على هذا الملتقى لما فيه خير الإسلام والمسلمين.

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا