عرب وعالم / البشاير

كفاح محمود : من مآسي (داعش) الى كوارث (الميليشيات)

  • 1/2
  • 2/2

من مآسي (داعش) الى كوارث (الميليشيات)
كفاح محمود

كاتب سياسي ومناضل كردي

[email protected]

تمرُ اليوم عشر سنوات على واحدة من اكثر مآسي وكوارث الحروب التي انتجتها منظمة الإرهاب (داعش) في وتحديدا في المدينة التي تضم واحدة من اقدم الديانات في كردستان والشرق الأوسط عموما وهي الديانة الإيزيدية،

 

في مدينة سنجار الواقعة الى الشمال الغربي من مركز محافظة نينوى بـ 120 كم، والتي استهدفتها تلك المنظمة فجر الثالث من آب أغسطس 2014م، بعد أن اجتاحت محافظة نينوى بأكملها واستولت على ما قيمته عشرات المليارات من احدث الأسلحة الأمريكية، ونجحت في ضرب طوق خانق على مدينة باستثناء ممر جبلي ضيق عجزت عن الوصول اليه،

 

وكان هو الممر المنقذ لمئات الآلاف من مواطني تلك المدينة الذين لاذوا بقمم ووديان وكهوف جبل سنجار المتاخم للحدود السورية التي يهيمن عليها ذراع من اذرع (حزب العمال الكردستاني) الذي ساعد على تأمين ممر الى داخل الأراضي السورية ومنها بمحاذاة الحدود الدولية وصولا الى محافظة دهوك حيث الملاذ الآمن.

 

ورغم الصمود الباسل للأهالي في جنوب المدينة الا ان (داعش) المجهزة بما غنمته من احدث واقوى الأسلحة الأمريكية اقتحمت سنجار ودفاعاتها بمذابح همجية لم يشهد التاريخ المعاصر شبيه لها، حيث قتل الألاف من الرجال وتم سبي أكثر من ثلاثة الاف وخمسمائة امرأة ناهيك عن استعباد الاف مؤلفة من الأطفال والصبية مع امهاتهم التي اعتبرن جواري وخادمات أقاموا لهم اسواقا للنخاسة في مراكز المدن التي احتلوها، ناهيك عن تدمير المدينة برمتها بمساجدها وكنائسها ومزاراتها واضرحتها، ولم تنجو حتى منارتها الأثرية التاريخية التي تعود للحقبة الأتابكية.

 

حينما نقرأ البانوراما الرقمية لمأساة سنجار ونشاهد ما حصل فيها من خراب ودمار وإيقاف لمظاهر الحياة، ونستمع قصص الاهالي والناجين او الناجيات المحررات، نستذكر كوارث انسانية مماثلة سبقتها في كوردستان وجرائم الأنفال التي استهدفت مئات الآلاف من المواطنين الكرد (الفيليين والبارزانيين) والكلدان والآشوريين، وتدمير اكثر من خمسة الاف قرية بمزارعها ومعابدها وينابيعها وتغييب 182 الف مواطن من سكانها في صحراوات العراق،

 

ناهيك عن ضحايا القصف الكيماوي لمدينة حلبجة والعديد من البلدات والقرى، هذه الماسي ترتبط بسلسلة أخرى من مأسي البشرية على ايدي مجرمي الحروب من العنصريين والفاشيين والمتطرفين الدينيين، ولعل ابرز شواهدها ما رأيناه في البوسنة والهرسك وما حصل في سراييفو بيوغسلافيا القديمة،

 

وفي التاريخ الابعد قليلا مذبحة الأرمن سيئة الصيت في تركيا، وما حصل لليهود على ايدي النازية وكارثتي ناكازاكي وهيروشيما في ، ناهيك عن حرب الابادة في رواندا وفيتنام وكمبوديا، هذه الكوارث والماسي لم تكن مجرد معركة أو صراعا بين الأطراف، بقدر ما كانت اعتداء على الجنس البشري عموما، حيث استهدفوا قيم إنسانية وأخلاقية عليا، استدعت اهتمام العالم بأسره باعتبار ما فعلوه جريمة بحق البشرية جمعاء وليس بحق الكرد أو الأرمن أو اليابانيين لوحدهم.

 

واليوم وفي الثالث من آب عام 2014م وبعد عشرات السنين من تلك الجرائم التي إدانتها البشرية المتمدنة، تظهر للوجود مجاميع من الفاشيين العنصريين الكافرين بكل أخلاقيات المدنية والحضارة الآدمية، لكي ينافسوا مجرمي التاريخ بأفعالهم ويستبيحوا مدنا وبلدات وقرى لواحدة من أقدم الديانات المسالمة، أولئك هم الايزيديون الذين تعرضوا عبر تاريخهم الى اكثر من سبعين حرب إبادة اطلقوا عليها (فرمانات الإيزيدية) التي استهدفت وجودهم وإبادتهم أو الغاء هويتهم وديانتهم،

 

وما حصل في سنجار وبعشيقة وبحزاني والقرى الايزيدية والمسيحية والكاكائية، لم يك معركة أو غزوة محلية أو إبادة بشرية فقط، بل كانت جريمة بحق الآدمية ومبادئ وقيم وأخلاق الإنسان وحضارته، ومحاولة لنسف كل انجازات البشرية لمئات السنين من التحضر والتقدم.

 

لقد استطاعت قوات البيشمركة بعد سنة ونصف وبقيادة الرئيس مسعود بارزاني تحريرها بالكامل، في واحدة من اصعب عمليات التحرير التي شهدتها المدن العراقية، لكن للأسف وبعد مرور عشر سنوات من الكارثة تبدو سنجار اليوم وكأنها قد خرجت للتو من مأساتها،

 

فما يزال أكثر من ربع مليون من مواطنيها يسكنون مخيمات النازحين في دهوك واربيل، بعد أن استباحتها عدة الاف من المرتزقة القادمين من دول اجنبية بالتعاون مع ميليشيات محلية إثر احداث 16 أكتوبر في كركوك عام 2017 والتي أدت الى سقوط معظم المناطق الكردستانية خارج الإقليم تحت سيطرة تلك الميليشيات التي تحول دون اتفاق حكومتي كوردستان والعراق الاتحادية على اخراج جميع هذه المجموعات المسلحة وإعادة مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية والمدنية،

 

الا ان هذه الميليشيات وقفت بالضد من تطبيق تلك الاتفاقية، مما تسبب في استمرار مأساة السكان النازحين وعدم عودتهم بسبب فقدان الأمن والسلام ودمار مساكنهم ومصادر ارزاقهم، وهذا ما يؤكده آخر تحديث لإحصائيات مكتب انقاذ المختطفين الإيزيديين والمعتمد لدى الأمم المتحدة، حيث تُظهر هذه الإحصائية خلاصة رقمية لما حدث خلال العشر سنوات الماضية:

 

عدد الإيزيديين عشية العدوان في العراق نحو 550,000 نسمة.
عدد المختطفين الكلي 6417 منهم 3548 من الإناث ومن الذكور 2869
عدد النازحين الايزيديين في مخيمات كوردستان 135860 نسمة
عدد النازحين المتواجدين في مناطق متفرقة في الإقليم يبلغ 189337 نسمة
عدد الذين قتلوا الى أكثر من 5000 نسمة
عدد الايتام بسبب العدوان 2745 يتيم
عدد المقابر التي اكتشفت 83 مقبرة جماعية وهناك العشرات من المقابر الغير مكتشفة
عدد الناجين من المقابر الجماعية 29 شخص
عدد الناجين والناجيات من قبضة الإرهابيين: 3576 منهم 1208 اناث ومن الذكور 339
عدد الأطفال الذكور الناجين 959 ومن الاناث 1070
عدد المزارات والمراقد المدمرة 68
عدد الذين هاجروا الى خارج العراق بعد العدوان 120000 نسمة
عدد المختطفين الذين استشهدوا بأيدي داعش الارهابي وتم العثور على جثثهم في المقابر الجماعية 242
عدد الاناث في الأسر 1235
عدد الذكور في الأسر 1366
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظة:
هذه الإحصائيات من مكتب انقاذ المختطفين الإيزيديين ومعتمدة لدى الأمم المتحدة وهي لا تشمل الخسائر المادية في الاملاك والاراضي والثروة الحيوانية والزراعية والسيارات والمعامل ….. الخ.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة البشاير ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من البشاير ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا