مظهر الشتات.
نجده في تمزق وحدة الأمة، الذي به تمزقت دولنا لدول مختلفة متباينة، لكل منها مشروعها السياسي، القومي أو اليساري أو التدين السياسي، ونجده في تمزق الدين لمذاهب، متباينة متصارعة ومتحاربة، ونجده في تدمير الفقه المغلوط وعلى رأسه الإمامة والتطرف والإرهاب لأوطاننا ودولنا وشعوبنا، ونجده في تمزق الوطن الواحد لأوطان العصبيات والمذاهب، والشعب الواحد لشعوب العصبيات والمذاهب، وأصبحنا ريشة في مهب الريح تتقاذفها مصالح الدول الإقليمية والعالمية.
جذور الشتات.
الخلل نجده في مشكلة الأمة الأساس، غيبة مشروعها الجامع للنهضة والحياة والمجد والحضارة. فالمشروع الوحيد الذي جمع أشتاتها، ووحد كلمتها ومسارها، وبنى دولتها، هو مشروع كتاب وحي الله القرآن، وقد هجرته الأمة لكتب الناس، لنقرأ التاريخ ونقرأ واقعنا منذ صفين لليوم، سنجد مشاهد الدماء والقتل والكراهية والهوان، بسبب اتباعنا قول الناس.
أمة الموتى.
نحن نقرأ القرآن بعيون الموتى، وبهذه القراءة أوقفنا زمننا عند زمنهم، ومن هنا بدأ الحصاد المر، فالقرآن من قدوس حي لا يموت، فهو حي لا يموت، يرافق مسيرة الوجود الإنساني من يوم الخلق ليوم الحق، وهذه هي المسيرة القرآنية لا ما يدعيه فقه الإمامة المغلوط، فالقرآن كما وصفه الله هدى ونور ينير لنا دنيانا وأخرتنا، ويخرجنا من الظلمات للنور.
ولنتدبر هذه الآيات التي تشهد حالنا وتصفه:
١-القرآن نور الله وهديه.
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَاۤءَكُم بُرۡهَـٰنࣱ مِّن رَّبِّكُمۡ وَأَنزَلۡنَاۤ إِلَیۡكُمۡ نُورࣰا مُّبِینࣰا﴾ [النساء ١٧٤]
﴿الۤرۚ كِتَـٰبٌ أَنزَلۡنَـٰهُ إِلَیۡكَ لِتُخۡرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِ رَبِّهِمۡ إِلَىٰ صِرَ ٰطِ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡحَمِیدِ﴾ [إبراهيم ١]
﴿وَكَذَ ٰلِكَ أَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡكَ رُوحࣰا مِّنۡ أَمۡرِنَاۚ مَا كُنتَ تَدۡرِی مَا ٱلۡكِتَـٰبُ وَلَا ٱلۡإِیمَـٰنُ وَلَـٰكِن جَعَلۡنَـٰهُ نُورࣰا نَّهۡدِی بِهِۦ مَن نَّشَاۤءُ مِنۡ عِبَادِنَاۚ وَإِنَّكَ لَتَهۡدِیۤ إِلَىٰ صِرَ ٰطࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ﴾ [الشورى ٥٢]
﴿فَـَٔامِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَٱلنُّورِ ٱلَّذِیۤ أَنزَلۡنَاۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣱ﴾ [التغابن ٨]
٢-القرآن موحد الأمة ومؤلف القلوب.
﴿وَأَلَّفَ بَیۡنَ قُلُوبِهِمۡۚ لَوۡ أَنفَقۡتَ مَا فِی ٱلۡأَرۡضِ جَمِیعࣰا مَّاۤ أَلَّفۡتَ بَیۡنَ قُلُوبِهِمۡ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَیۡنَهُمۡۚ إِنَّهُۥ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ﴾ [الأنفال ٦٣]
﴿وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَ ٰطِی مُسۡتَقِیمࣰا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُوا۟ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِیلِهِۦۚ ذَ ٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام ١٥٣]
﴿وَهَـٰذَا كِتَـٰبٌ أَنزَلۡنَـٰهُ مُبَارَكࣱ فَٱتَّبِعُوهُ وَٱتَّقُوا۟ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ﴾ [الأنعام ١٥٥]
﴿تِلۡكَ ءَایَـٰتُ ٱللَّهِ نَتۡلُوهَا عَلَیۡكَ بِٱلۡحَقِّۖ فَبِأَیِّ حَدِیثِۭ بَعۡدَ ٱللَّهِ وَءَایَـٰتِهِۦ یُؤۡمِنُونَ﴾ [الجاثية ٦]
﴿إِنَّ هَـٰذِهِۦۤ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةࣰ وَ ٰحِدَةࣰ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُونِ﴾ [الأنبياء ٩٢]
﴿وَإِنَّ هَـٰذِهِۦۤ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةࣰ وَ ٰحِدَةࣰ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱتَّقُونِ﴾ [المؤمنون ٥٢]
٣- اتباع غير القرآن تفرق وخلاف.
﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ فَرَّقُوا۟ دِینَهُمۡ وَكَانُوا۟ شِیَعࣰا لَّسۡتَ مِنۡهُمۡ فِی شَیۡءٍۚ إِنَّمَاۤ أَمۡرُهُمۡ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ یُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا۟ یَفۡعَلُونَ﴾ [الأنعام ١٥٩]
﴿مِنَ ٱلَّذِینَ فَرَّقُوا۟ دِینَهُمۡ وَكَانُوا۟ شِیَعࣰاۖ كُلُّ حِزۡبِۭ بِمَا لَدَیۡهِمۡ فَرِحُونَ﴾ [الروم ٣٢]
﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ فَرَّقُوا۟ دِینَهُمۡ وَكَانُوا۟ شِیَعࣰا لَّسۡتَ مِنۡهُمۡ فِی شَیۡءٍۚ إِنَّمَاۤ أَمۡرُهُمۡ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ یُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا۟ یَفۡعَلُونَ﴾ [الأنعام ١٥٩]
حصاد هجر المنهج القرآني.
﴿وَقَالَ ٱلرَّسُولُ یَـٰرَبِّ إِنَّ قَوۡمِی ٱتَّخَذُوا۟ هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ مَهۡجُورࣰا﴾ [الفرقان ٣٠]
نحن أمة تركت منهج القرآن لمنهج الفقه المغلوط، وعلى رأسه الإمامة والتطرف والإرهاب، وبإهمال المنهج القرآني، تحول الناس من كتاب رب الناس لكتب الفقهاء من الناس، فكثرت المذاهب والمِلَلْ والنِحَلْ، ودخلت الأمة واقع التشتت والشتات، وتحول عند معظمها القرآن لديكور للزينة، يوضع في السيارات والمتاجر والبيوت، واقتصر الاهتمام به بعناوين شكلية، وبالهجر اختفى الهدى والنور، فغرقت الأمة في ضلام الجهل والخرافة والتخلف، وعادت القوى التي تحررت الأمة من هيمنتها، للاستعمار والهيمنة مجدداً.
المخرج من الشتات.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة أين نحن اليوم من مشروع القرآن مُكَوِّنْ الأمة وباني حضارتها ودولتها؟ وفي الإجابة الصادقة يبدأ طريقنا للخلاص.
كان "العرب" قبل كتاب الرسالة، قبائل متصارعة متحاربة تقاتل بعضها وتُغير على بعضها للنهب والسلب، وتخوض الحروب لعقود بسبب فرسي رهان، وتتحكم بهم قوى ثلاث اليهود وفارس والروم،
فبعث الله رسولاً منهم برسالة الإسلام الخاتم رحمة للعالمين، ومع منهجه الرحماني تآلفت قلوبهم وتوحدت، وبه تغيرت النفوس والعقول والقيم ،وبه تغيرت حياة العرب بمجملها، فتخلصوا من هيمنة اليهود وفارس والروم وسادوا برسولهم ورسالتهم.
المخرج الوحيد.
ولا مخرج للأمة غير استعادة منهج هدي القرآن ونوره، وترك مناهج العصبية والمذهبية، لتشق طريقها مجدداً، وتخرج من دهاليز الضلام والتخلف والحروب.
جمعتكم وعي بقرآنكم، وتلاحم دوره بدوركم، ففيه ذكركم، وعزتكم وكرامتكم، أفلا تعقلون.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة نيوز لاين ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من نيوز لاين ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.