في أسبوع الموضة في لندن، قدّمت سيمون روشا Simone Rocha عرضًا غير تقليدي لمجموعة ربيع وصيف 2026، حيث بدت التصاميم وكأنها قصة بلوغ حيّة تُروى على خشبة العرض خلال أسبوع الموضة في لندن London Fashion Week.

مزجت روشا الهشاشة بالتحدي، والطفولة بالمراهقة، لتمنح الحضور تجربة بصرية وسردية عن مرحلة الانتقال بين البراءة والثقة، تلك اللحظة الحاسمة في رحلة الهوية.

البدايات: ضعف المراهقة الأولى

1. افتتح العرض بتنورة من الأورجانزا المزهرة فوق الكرينولين، مقترنة بحمالة صدر من الترتر تنزلق عن الكتف، وكأنها تستحضر لحظة الحفلة المدرسية الأولى بكل ارتباكها وخجلها.
2. عكست هذه البداية المزاج العام للمجموعة: ضعف هشّ وميلاد أنوثة جديدة.

تفاصيل مسرحية تحمل رمزية عاطفية

1. برزت الإكسسوارات كأداة سردية أساسية، ظهرت التيجان الصغيرة والقلائد غير المتماثلة كرموزٍ للأناقة البريئة، فيما حملت العارضات وسائد حريرية تحوّلت إلى حقائب، وكأنها أسرار المراهقة المخبأة.
2. حتى مشية العارضات، أكتاف منحنية ووقفات مترددة - جاءت لتجسد حيرة سن المراهقة بكل ما تحمله من توتر داخلي.

التحوّل: من الارتباك إلى الثقة

1. مع تقدم العرض، بدأت التصاميم تأخذ منحى أكثر قوةً ونضجًا. برزت الفساتين ذات الأرداف المبطنة والقصات الهندسية الجريئة، مع ألوان صفراء مخضرة أعادت إبراز براعة روشا في اللعب بالأشكال.
2. أما فساتين الترتر المرفقة بظهر من الكرينولين فقد أعادت تشكيل الجسد بخطوط أكثر وضوحًا وإقدامًا، لتعكس تحوّل المزاج من الخجل إلى الثقة.

الرموز الرومانسية لروشـا

لم تغب بصمات روشا الرومانسية المميزة:

• فستان بوبلين قطني مطلي بفينيل زهري لامع.
• قميص وردي مزدوج مُزين بفيونكات سوداء دقيقة.
• فستان ساتان مكلل بزهرة خشخاش أيسلندية.

هذه العناصر أعادت التوازن بين قوة الموضوع ودقة الحرفية التي تنتظرها عميلات روشا دائمًا.

بين السرد والتجريب

1. مع ذلك، لم يخلُ العرض من التحديات، ففي بعض الإطلالات، بدا الالتزام بتجسيد المراهقة حرفيًا زائدًا عن الحد، خاصة في التنسيقات المثقلة بالإكسسوارات، ما هدد بجعل القصة أقوى من التصميم نفسه.
2. لكن روشا نجحت عمومًا في خلق تجربة سردية متكاملة تجمع بين الرومانسية والاضطراب الداخلي.

مشروع ثلاثي عن النضوج

1. عند النظر إلى مسيرة سيمون روشا الأخيرة، تبدو هذه المجموعة جزءًا من ثلاثية سردية متواصلة، من الطفولة الساحرة في الموسم الماضي، إلى المراهقة القلقة في هذا الموسم، على أن تصل الذروة في استكشاف مرحلة النضوج الكامل.
2. بذلك، أثبتت روشا أنها واحدة من أبرز مصممي لندن القادرين على تحويل الموضة إلى لغة أدبية ومرآة إنسانية، تروي ليس فقط جمال الرحلة، بل أيضًا صعوبتها.

بين المسرحية والواقعية

1. ما يميز رؤية سيمون روشا هذا الموسم هو قدرتها على التحرك بخفة بين الطابع المسرحي والواقعية القابلة للارتداء.
2. فبينما بدت بعض الإطلالات وكأنها تنتمي إلى عالم الأحلام والرمزية، جاءت أخرى أكثر انسيابية وبساطة، لتُبرز كيفية ترجمة الفكرة الجوهرية إلى ملابس يومية.
3. التنانير المكسوة بالترتر والفساتين المبطنة برقة الورق الشفاف، على سبيل المثال، حملت بصمة فنية واضحة، لكنها في الوقت نفسه صُممت بقابلية للتكيّف مع أسلوب المرأة المعاصرة.

خامات تعكس التناقضات

1. كان للمواد المستخدمة دور بارز في تعزيز ثنائية الطفولة والبلوغ.،الأورجانزا الشفافة اصطدمت بالساتان اللامع، والبوبلين القطني المريح جاء في مواجهة الفينيل الجامد، لتُجسّد هذه المفارقات البُعد العاطفي للمجموعة.
2. لم تكتفِ روشا باستخدام هذه الخامات كعناصر زخرفية، بل وظّفتها كسرد بصري، يكشف عن هشاشة المراهقة وقوة الانتقال نحو النضج.

تفاصيل شعرية

1. التفاصيل الصغيرة كانت جزءًا لا يتجزأ من هوية العرض. الفيونكات السوداء الرفيعة، الورود المعلّقة بعناية، وحتى طريقة وقوف العارضات، كلها عناصر ساهمت في إيصال الرسالة العاطفية.
2. بدا العرض وكأنه مسرحية بصرية، حيث تُروى قصة كل فتاة من خلال الفستان الذي ترتديه، ووقفاتها المترددة أو نظراتها الحائرة.

تصعيد الدراما البصرية

1. مع تقدم العرض، بدا واضحًا أن سيمون روشا لم تكن تسعى فقط إلى استعراض فساتين بقدر ما أرادت خلق حالة مسرحية متكاملة.
2. الألوان لعبت دورًا بارزًا في هذا التصعيد، إذ انتقلت من درجات وردية وباستيلية حالمة إلى ألوان أكثر جرأة كالأسود الغامق والأصفر المخضر.
3. هذا التدرج اللوني لم يكن عشوائيًا، بل جسّد تطور الحالة النفسية من البراءة إلى المواجهة.

الإكسسوارات كأدوات سرد

1. لا يمكن تجاهل دور الإكسسوارات التي قدمتها روشا كجزء من القصة. الحقائب التي اتخذت شكل الوسائد مثّلت رمزًا للراحة والطفولة.
2.  بينما التيجان المعدنية والقلادات غير المتماثلة أوحت بتحدي القواعد التقليدية.
3. هذه التفاصيل عززت البعد الرمزي للمجموعة، حيث بدت كل قطعة كإشارة ضمنية إلى مفترق الطرق بين عالم الطفلة والمرأة الناضجة.

عرض يوازن بين الجرأة والحساسية

1. رغم بعض المبالغات المقصودة في تنفيذ بعض الإطلالات، فإن العرض بمجمله حافظ على التوازن بين الجرأة والحساسية.
2. فقد نجحت روشا في أن تضع جمهورها أمام مشاعر متناقضة، الإعجاب بجمال القصات، والحنين لفترة المراهقة، مع لمسة من القلق حول هشاشة هذه المرحلة.
3. هذا التوتر كان جزءًا من قوة العرض، حيث ترك انطباعًا عاطفيًا أكثر من مجرد عرض أزياء تقليدي.

رحلة النضوج بين الحلم والواقع

1. أثبتت سيمون روشا في ربيع وصيف 2026 أنها لا تكتفي بخلق أزياء جميلة فحسب، بل تصوغ قصصًا تُلامس الذاكرة والمشاعر.
2. المجموعة كانت أشبه برحلة بصرية وشاعرية بين الطفولة والمراهقة وصولًا إلى عتبات النضوج، رحلة حملت الكثير من التناقضات بين الهشاشة والقوة، وبين الحلم والواقع.
3. بهذا العرض، أكدت روشا قدرتها على إعادة تعريف الأنوثة من منظور جديد، يجعل من الموضة وسيلةً لسرد الحكايات الإنسانية العميقة بقدر ما هي وسيلة للتعبير عن الذوق والهوية.