في مساء باريس الساحر، وبينما كانت أنوار برج إيفل تنعكس على سماء المدينة، اختار أنطوني فاكاريلو أن يكتب فصلًا جديدًا في قصة دار سان لوران Saint Laurent، حيث كشف عن مجموعته لربيع وصيف 2026 في عرضٍ اعتُبر من أكثر العروض ترقبًا في أسبوع الموضة، لم يكن العرض مجرد استعراض للأزياء، بل كان بيانًا فنيًا متكاملًا، جمع بين المسرحية والواقعية، وبين الإغراء والقوة، وبين الحنين والتجديد.
عند سفح البرج، امتد مسرح العرض على شكل حدائق فرنسية مُصممة بعناية على هيئة شعار كاساندرا الأيقوني للدار، تزينها أزهار الكوبية البيضاء، في مشهد يوازن بين الفخامة والحميمية، هذا الإطار البصري لم يكن مجرد ديكور، بل تجسيدًا مباشرًا لهوية سان لوران، التناقض المدهش بين الصرامة والبساطة، وبين العاطفة والانضباط.
مشهد مسرحي عند برج إيفل: العرض كلوحة بصرية
- لا يمكن فصل العرض عن مكانه، فسان لوران ارتبط بباريس كما ارتبط الأيقون بظلاله، اختيار فاكاريلو أن يقيم عرضه عند سفح البرج لم يكن مجرد صدفة سياحية، بل إعادة تثبيت لباريس كقلب دار الأزياء. بدا المشهد وكأنه مسرحية تُعرض تحت نجوم المدينة، حيث اختلطت إضاءة البرج مع خطوط التصاميم.
- الديكور لم يكن ترفًا، بل جزءًا من السرد، تصميم الحدائق على هيئة شعار كاساندرا يرمز إلى التجذر في الهوية، فيما شكلت الأزهار البيضاء تذكيرًا بنقاء الفكرة الأصلية لسان لوران، جعل الأنوثة قوية، وجعل القوة أنثوية.
الجلد كدرع والشفافية كغواية
- افتتح العرض بجاكيتات جلدية سوداء مصقولة بتفاصيل حادة، وتنانير ضيقة، وبلوزات راكبي الدراجات النارية، لم يكن الجلد مجرد قماش هنا، بل درعًا رمزيًا يعكس القوة والسلطة، مع إحساس غامض بالإغراء.
- لكن سرعان ما كسر فاكاريلو هذه الصلابة بالانتقال إلى قطع أكثر نعومة، معاطف خندق شفافة مصنوعة من النايلون، وفساتين سفاري بأقمشة منسدلة، وبلوزات قطنية بفيونكات، هنا لعب المصمم على ثنائية القوة والهشاشة التي طالما كانت أساس هوية الدار.
شاهدي أيضاً: مجموعة Saint Laurent ربيع 2025 في أسبوع باريس للموضة
ملابس السهرة: دراما راقية بروح عصرية
عندما تحولت المجموعة إلى ملابس السهرة، أخذ العرض طابعًا دراميًا حالمًا، فساتين مستوحاة من عصر الجمال بأكمام منفوخة وقصات مكشكشة انزلقت على المدرج، لكنها لم تكن رومانسية مفرطة، إذ كبحها فاكاريلو بضبط الأقمشة.
ظهرت الفساتين السوداء الضيقة بجانب أخرى شفافة تكشف أكثر مما تخفي، لتجسد ما يُشبه إغراءً راقيًا، يوازن بين جرأة السبعينيات وبين أناقة القرن الحادي والعشرين.
الألوان والإكسسوارات: فلسفة البساطة في سان لوران
غلب على المجموعة الطابع الأحادي: الأسود والأبيض والألوان المحايدة. الألوان لم تكن مجرد اختيار جمالي، بل إستراتيجية بصرية، حيث عززت وضوح الفكرة: المرأة التي لا تحتاج إلى زخارف لتفرض حضورها.
الإكسسوارات جاءت مكملة: أحذية عالية الكعب بأحزمة دقيقة، حقائب صغيرة الحجم، مجوهرات معدنية بسيطة. الشعر الأملس والمكياج الخفيف عززا من صورة المرأة الغامضة والسيطرة.
المرأة في رؤية فاكاريلو: الغامضة المسيطرة
- تجلت رؤية فاكاريلو بوضوح في رسم شخصية المرأة: ليست مجرد أنثى أنيقة، بل قوة غامضة. تظهر قوية بالجلد، وهشة بالحرير، وفي كل الحالات، هي من تملك زمام الأمور.
- هذه الازدواجية تعكس مسار سان لوران التاريخي: جعل المرأة تتجاوز الكليشيهات، لا كرمز للرقة فقط، ولا كرمز للسلطة فقط، بل مزيجًا لا يقبل التصنيف.
شاهدي أيضاً: مجموعة Saint Laurent لخريف وشتاء 2025-2026
الحوار مع الأرشيف: بين الوفاء والتجديد
- كما يفعل دائمًا، حاور فاكاريلو أرشيف الدار دون أن يقع في فخ الحنين.
- استعار روح الثمانينات المتمردة، الجلود، التنانير القصيرة، السترات الحادة.
- لكنه ألبسها ثوبًا معاصرًا، بأقمشة تقنية وشفافية تعكس لغة العصر.
- النتيجة لم تكن مجرد إعادة إنتاج، بل إعادة تفسير واستحضار الماضي كأداة لابتكار المستقبل.
سان لوران كقوة ثقافية
- عرض ربيع وصيف 2026 لم يكن عرض أزياء فقط، بل بيانًا ثقافيًا. منذ تأسيسه، ارتبط سان لوران بالتحرر، من البدلة النسائية في الستينات إلى تحدي التقاليد في السبعينيات.
- اليوم، يواصل فاكاريلو هذا الإرث بتصاميم تحاكي المرأة المستقلة والتمرد الأنيق، بهذا المعنى، يصبح العرض حدثًا سياسيًا أيضًا، يطرح صورة للمرأة العصرية: قوية، أنيقة، وغامضة، لا تخضع إلا لقوانينها الخاصة.
بين المسرحية والعملية: خط فاصل
- رغم أن العرض كان مثيرًا، إلا أن بعض الإطلالات بدت مسرحية أكثر من عملية، وكأنها مصممة لمنصة العرض لا للحياة اليومية.
- هذا التوتر بين الجمال البصري والجانب التجاري يظل معضلة في كثير من عروض سان لوران.
- لكن ربما هذه هي قوة الدار: أنها لا تسعى لإرضاء الجميع، بل تفرض لغتها الخاصة، سواء أعجبت الجميع أو لا.
الرسالة الفنية: إغراء بلا اعتذار
- في النهاية، مثّل العرض تجسيدًا لفلسفة سان لوران، الإغراء دون اعتذار، الملابس تكشف وتغوي، لكنها تبقى راقية، لا تسقط في الابتذال.
- فاكاريلو أثبت مرة أخرى أنه يعرف كيف يوازن بين الأرشيف والابتكار، بين الأنوثة والقوة، وبين التجاري والفني.
سان لوران في 2026 دار لا تعرف التنازلات
- مجموعة ربيع وصيف 2026 ليست مجرد عرض ناجح، بل تأكيد على مكانة سان لوران كقوة ثقافية أكثر من كونها مجرد دار أزياء.
- من الديكور إلى الألوان، ومن القصات إلى الرسالة، كان العرض بمثابة بيان فني صارخ: سان لوران لا يساوم.
في زمنٍ تبحث فيه الموضة عن التوازن بين الاستدامة والابتكار، بين الإبهار والتسويق، يضع فاكاريلو بصمته بثقة، هذه ليست أزياء للجميع، بل أزياء لمن يملكون الجرأة على ارتدائها، وبهذا، كرّس العرض هوية سان لوران كما أرادها مؤسسها: أزياء للمرأة التي تعرف أنها أقوى من العالم، وتجرؤ على أن تُظهر ذلك.
شاهدي أيضاً: مجموعة Saint Laurent ريزورت 2025
شاهدي أيضاً: مجموعة Saint Laurent ما قبل خريف 2025
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ليالينا ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ليالينا ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.