في مساء باريس المفعم بالإثارة، وتحديدًا في موقف سيارات تحت الأرض بالدائرة الحادية عشرة، انطلقت أولى عروض ميغيل كاسترو فريتاس كمدير إبداعي جديد لدار موغلر Mugler، لم يكن المكان عاديًا، بل كان يحمل بين جدرانه الخرسانية الخام طابعًا وحشيًا وغامضًا، جسّد تمامًا الروح المسرحية التي اشتهرت بها الدار منذ تأسيسها على يد تييري موغلر، ومع ذلك، حمل العرض نَفَسًا مختلفًا، إذ أعاد فريتاس قراءة الأرشيف العريق للدار من منظور معاصر، متوازنًا بين القصّ الهندسي الدقيق والمسرحية البصرية التي تجعل موغلر دائمًا علامة فارقة في عالم الموضة.
كان الجمهور على موعد مع عرض يختلط فيه الواقع بالخيال، ويُترجم من خلال التصاميم التي جمعت بين القوة الأنثوية والرقة المفاهيمية، ليعلن فريتاس بداية فصل جديد لدار أيقونية صنعت أمجاد الموضة في القرن العشرين.
الفضاء المكاني: الدراما تبدأ من المكان
اختيار موقف سيارات تحت الأرض لم يكن مجرد صدفة، بل كان رسالة واضحة:
- الخلفية الخرسانية الخام عززت من حضور التصاميم ذات البعد النحتي.
- الإضاءة الخافتة أضافت غموضًا سينمائيًا، وكأن العارضات خرجن من فيلم خيال علمي.
- الصوت والموسيقى جاءا متوائمين مع أجواء "الوحشية الحضرية"، مما منح العرض إيقاعًا مسرحيًا يعكس تاريخ موغلر في العروض الاستعراضية.
هذا المزج بين المكان البسيط والتصاميم الفخمة جعل الجمهور يعيش تجربة كاملة تتجاوز حدود الأزياء إلى عالم فني متكامل.
العودة إلى الساعة الرملية: إرث موغلر الأبدي
من أبرز الرموز التي بُني عليها العرض هو شكل الساعة الرملية، والذي يعد توقيعًا ثابتًا في هوية موغلر.
- الخصور الضيقة والأكتاف العريضة رسمت معالم جسد أنثوي خارق.
- القصّات الدقيقة أعادت للأذهان إبداعات تييري موغلر في الثمانينيات.
- الأقمشة الفاخرة مثل الصوف والساتان ثنائي الوجه أعطت للتصاميم ملمسًا يجمع بين القوة والأنوثة.
كانت هذه العودة بمثابة جسر يربط بين مجد الماضي ورؤية المستقبل، مع ترك بصمة جديدة تخص فريتاس وحده.
شاهدي أيضاً: مجموعة Mugler ربيع 2025 في أسبوع باريس للموضة
لوحة الألوان: من الخرسانة إلى الذهب
الألوان جاءت متدرجة بين الهدوء والجرأة:
- الرمادي الخرساني والـ بيج البودري عكسا الصرامة المعمارية.
- الأسود اللامع أضفى نفحة درامية كلاسيكية.
- الذهبي المعدني منح إطلالات بدلات البنطلون لمسة مستقبلية.
- الشفافية مع تطريزات النجوم السماوية أضافت وهجًا ساحرًا يليق بالسجاد الأحمر.
هذه الثنائية بين الألوان "الباردة" و"البرّاقة" رسخت مفهوم العرض، التناقض هو مصدر القوة.
الحرفية الزخرفية: مجوهرات، ريش، وخيال
أحد أبرز عناصر العرض كان الزخارف الحرفية التي جاءت بروح مسرحية، ولكن مع معالجة عصرية:
- صديريات مرصعة بالجواهر على شكل ثريات، لكن بلمسة غير لامعة لابتكار جمالية "فاخرة بلا استعراض زائد".
- الريش الذي غطى المعاطف والسترات، محولًا التصاميم إلى كائنات خيالية بين الأزياء والوحوش الأسطورية.
- التطريزات السماوية على الفساتين الشفافة، التي جعلت العارضات أشبه بنجمات عابرة للفضاء.
هنا يظهر توازن فريتاس بين المبالغة المسرحية التي يحبها موغلر، وبين الرؤية العصرية التي تهتم بالارتداء الواقعي.
أيقونات العرض: فساتين تكتب التاريخ
من بين جميع الإطلالات، برزت عدة قطع استثنائية:
- الفستان الجلدي الأسود بنقشة وردة منحوتة عند فتحة الصدر، والذي ابتعد خط عنقه عن الجسم ليخلق وهمًا باروكيًا هندسيًا.
- البدلة السوداء الضيقة مع تنورة مكسوة بالريش، مزيج بين السلطة والخيال.
- المعطف الأسود اللامع بخصر مبالغ فيه، صورة عصرية لشكل الساعة الرملية.
- فستان شفاف مطرز بالنجوم، مزود بقفازات مدمجة، وكأنه مخصص لظهور سينمائي على السجادة الحمراء.
هذه القطع لم تكن مجرد أزياء، بل كانت بيانات بصرية تعكس فلسفة موغلر الجديدة تحت قيادة فريتاس.
شاهدي أيضاً: مجموعة Mugler في أسبوع باريس للموضة خريف 2024
بين هوليوود والبساطة البلجيكية
ما يميز هذه المجموعة هو الحوار بين مرجعيات متباينة:
- من جهة، نجد سحر هوليوود الكلاسيكي بتجلياته في الفساتين اللامعة والمسرحية.
- ومن جهة أخرى، تظهر صرامة الموضة البلجيكية التي اتسمت بها فترة التسعينات، مع التركيز على البناء التفكيكي والخطوط الواضحة.
هذا التوازن بين "الخيال" و"البساطة" جعل المجموعة جسرًا ثقافيًا بين مدرستين مختلفتين، لكنها مع ذلك حملت توقيعًا خاصًا يعكس رؤية فريتاس.
موغلر بين الماضي والحاضر: إعادة تعريف القوة الأنثوية
لطالما ارتبط اسم موغلر بـ المرأة الخارقة، القوية، التي تتجاوز الحدود التقليدية للأنوثة.
- في هذه المجموعة، استمر هذا الإرث، لكن مع لمسات أكثر نعومة ورقيًا.
- فريتاس لم يكتفِ بإعادة تقديم المرأة الحديدية لموغلر، بل أعاد صياغتها لتكون مزيجًا من القوة والخيال والعملية.
وبذلك، أصبحت المجموعة صالحة لأن تُرتدى في الحياة اليومية الراقية، وليس فقط في العروض الاستعراضية أو المناسبات الكبرى.
الرسالة الخفية: نحو فصل جديد
قدّم العرض أكثر من مجرد أزياء، بل كان بمثابة بيان افتتاحي لمسيرة فريتاس في موغلر:
- الجرأة: لم يخشَ أن يفتتح أولى مجموعاته بمسرحية قوية.
- الوضوح: اهتم بالبناء والقصّ أكثر من الزخرفة الفارغة.
- العملية: ترك بابًا مفتوحًا لمستقبل أكثر بساطة وقابلية للارتداء.
بهذا المعنى، فإن العرض لم يكن مجرد تكريم للأرشيف، بل كان بداية لإعادة صياغة هوية موغلر بما يتناسب مع القرن الحادي والعشرين.
موغلر في ربيع وصيف 2026
- جاء عرض موغلر لربيع وصيف 2026 ليعلن بوضوح أن الدار تدخل مرحلة جديدة، ميغيل كاسترو فريتاس أثبت أنه قادر على حمل إرث موغلر الأسطوري مع إضافة صوته الخاص.
- لقد كانت المجموعة مزيجًا من الدقة النحتية والمسرحية البصرية، من الرومانسية الخيالية إلى الواقعية العملية، ومن الماضي المجيد إلى المستقبل المشرق.
في النهاية، يمكن القول إن ما شهدناه لم يكن مجرد عرض أزياء، بل كان مشهداً سينمائياً متكاملاً، أعاد تعريف مفهوم الأنوثة القوية في موغلر، ومهّد الطريق لفصل جديد يعد بالكثير من الإبداع.
شاهدي أيضاً: مجموعة Mugler ما قبل خريف 2024
شاهدي أيضاً: مجموعة Mugler خريف وشتاء 2023
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ليالينا ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ليالينا ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.