في أسبوع الموضة في باريس، حيث تتنافس العلامات الكبرى على خطف الأنظار بالابتكار والتجديد، جاءت مجموعة كوبرني Coperni لربيع وصيف 2026 لتُقدّم قراءة مختلفة تمامًا للتكنولوجيا. فبدلًا من التوجه نحو البهرجة أو استعراض المفاهيم الرقمية الصاخبة، قرر المصممان سيباستيان ماير Sébastien Meyer وأرنو فايان Arnaud Vaillant أن يقتربا أكثر من الإنسان ذاته.
النتيجة كانت عرضًا يذوب بين الحسّ العلمي والرهافة الشعرية، تجربة جعلت من التكنولوجيا لغةً للرفق لا للهيمنة، ومن الأقمشة وسيلة للعناية لا للمظهر فقط. بهذه الروح الهادئة والمبتكرة، دشّنت كوبرني فصلاً جديدًا في مسيرتها الإبداعية، يربط بين العلم والعاطفة، وبين المستقبل والإحساس الإنساني الخالص.
ابتكار من نوع جديد: ولادة خط C+ Carewear
أهم ما ميّز العرض هو الكشف عن خط الإنتاج الجديد C+ Carewear، الذي وُلد من شراكة بحثية امتدت خمس سنوات بين كوبرني وشركة HeiQ السويسرية الرائدة في علوم الأنسجة.
هذا الخط ليس مجرد ابتكار في التصميم، بل ثورة في المفهوم ذاته:
- فالملابس الجديدة مُضمّنة بمركّبات بريبيوتيك وبروبيوتيك تساعد على تغذية البشرة أثناء ارتدائه، أي أن القماش لا يكتفي بملامسة الجلد، بل يتفاعل معه ويُعيد إليه التوازن الحيوي، في تجربة تمزج بين العناية الذاتية والموضة اليومية.
- إنها خطوة تُحوّل فكرة "ارتداء الملابس" إلى طقسٍ من الرفق بالعقل والجسد، وإلى مساحةٍ جديدة للتأمل في معنى الفخامة — فخامة تُقاس بالراحة والاهتمام، لا بالزخارف.
التكنولوجيا كحساسية جديدة
منذ تأسيسها، عُرفت كوبرني بحسّها المستقبلي وعلاقتها المتشابكة مع التكنولوجيا، من حقائب Swipe المستوحاة من الهواتف الذكية إلى التجارب الرقمية في العروض السابقة، كانت العلامة دائمًا في طليعة من يوظّفون العلم في صياغة الجمال.
- لكن هذا الموسم، جاء التوجه أكثر إنسانية. لم تعد التكنولوجيا وسيلة للانبهار البصري، بل لغة للعناية.
- كانت النتيجة مجموعة تنبض بالحياة، أقمشة تتنفس، تصاميم تتحرك بانسيابية، وألوان هادئة تذكّر بالجلد البشري ودفئه.
يصف ماير هذه الرؤية بأنها "تكنولوجيا الحنان"، حيث لا تُستخدم المعرفة العلمية لتشييد مستقبل بارد، بل لابتكار تجربة حسية تُعيد للموضة معناها الأول: اللمس، الإحساس، القرب.
الخياطة كعلم للحركة
- في المجموعة الأساسية، برزت الخياطة الدقيقة التي تعكس توازن كوبرني بين البنية والحرية.
- القمصان ذات الياقات العالية جاءت بخطوط هندسية انسيابية، والبدلات الرسمية خفيفة الوزن بدت وكأنها منحوتة حول الجسد لا عليه.
- أما فساتين الحرير المطوية، فقد استلهمت من الدراسات التشريحية لعصر النهضة، في إشارة إلى فضول المصممين القديم تجاه الجسد كمنظومة جمالية معقدة.
كانت النتيجة مذهلة: ملابس تشريحية ولكنها شاعرية، تُظهر البنية من الداخل وتحتفي بالسطح الخارجي في الوقت نفسه، كل قطعة بدت وكأنها تهمس بلغة خاصة — مزيج من الانضباط والدفء، من العلم والعاطفة.
مستحضرات من الطبيعة والرفاهية
كعادتها، لم تغب اللمسة الحِسية عن التفاصيل الصغيرة.
- قدّمت العلامة هذا الموسم حقائب Swipe المرصّعة بالأحجار الكريمة مثل الكوارتز الوردي، عين النمر، والتورمالين الأخضر. هذه المواد الطبيعية لم تكن مجرد زينة، بل رموز للطاقة الإيجابية والشفاء، لتجعل من الإكسسوارات امتدادًا لفكرة العناية التي شكّلت محور العرض.
- إلى جانب ذلك، ظهرت أحذية البيلاتس المصنوعة من مادة Bariltex، وهي خامة جديدة خفيفة الوزن تسمح بالمرونة والدعم في آنٍ واحد، لتتحول الإطلالة إلى توازنٍ مثالي بين الراحة والابتكار.
ألوان البشرة واللمسة الطبيعية
لوحة الألوان في مجموعة كوبرني جاءت هادئة ومتناغمة، تميل إلى الطبيعة والجلد:
- درجات البيج الوردي، الرملي، الأبيض الحليبي، والرمادي الفاتح هيمنت على المشهد، بينما أضافت لمسات من الأزرق الفاتح والوردي الشفاف أجواءً من الهدوء والصفاء.
- لم تكن الألوان مجرد اختيار جمالي، بل تعبير عن فلسفة إنسانية، ألوان تُشبه الدفء الجسدي، والضوء الذي يمر عبر البشرة، لتجعل من كل قطعة امتدادًا حيًا للإنسان نفسه.
شاهدي أيضاً: مجموعة Coperni ربيع 2025 في أسبوع باريس للموضة
بين الراحة والانضباط: حوار بين الحسي والعقلي
- تميّز العرض بتنوّع القصّات بين الأنيق والمريح، فكانت هناك فساتين بوستير منسدلة بأقمشة باستيل ناعمة، وسراويل واسعة تُشبه الحركة الحرة للجسم، وسراويل بسحّابات قابلة للتعديل تتيح حرية الارتداء.
- ورغم الطابع العصري، احتفظت كل قطعة بقدر من الصرامة الدقيقة التي تمنحها رُقيًا غير متكلّف.
- حتى العناصر الرياضية، التي غالبًا ما تُختزل في الموضة إلى رموز للطاقة، جاءت هنا بتأويل أنثوي ناعم، بعيد عن المبالغة. فالرياضة في نظر كوبرني لم تعد عن الأداء فقط، بل عن الإحساس بالذات والانسجام الداخلي.
الإنسان أولاً: الفكرة الفلسفية وراء المجموعة
- في خلفية العرض، كان هناك سؤال واضح: هل يمكن للتكنولوجيا أن تُعيدنا إلى أنفسنا بدلًا من أن تُبعدنا عنها؟
- كوبرني أجابت بجرأة: نعم.
عبر الأقمشة الذكية التي تُغذي الجلد، والأحجار التي تبعث الطاقة، والتصميم الذي يحتفي بالجسد الطبيعي دون مبالغة، قدّمت الدار بيانًا في الإنسانية الجديدة، تلك التي ترى في الابتكار وسيلة للشفاء لا للتنافس.
إنها رؤية تتجاوز حدود الموضة لتُصبح تأملًا في العصر الرقمي نفسه، وفي قدرتنا على إيجاد التوازن بين التقدّم والتعاطف، بين السرعة والهدوء، بين الحداثة والدفء الإنساني.
البساطة كقوة
- في قاعة عرض ذات طابع حداثي، أُطفئت الأضواء تدريجيًا لتُسلّط على النماذج التي بدت وكأنها تخرج من ضوء ناعم، أقرب إلى وهج الجلد منه إلى الإضاءة المسرحية.
- تحرّكت العارضات بخطوات بطيئة، تشبه التنفس، بينما ارتفعت أصوات خفيفة تُحاكي ضربات القلب، تذكير بأن الحياة تسري تحت القماش.
- لم يكن العرض استعراضًا بصريًا صاخبًا، بل تجربة تأملية تحاكي الهدوء الداخلي، وبهذا، أثبتت كوبرني أن الأناقة لا تحتاج إلى المبالغة، وأن التكنولوجيا قد تكون وسيلة للوصول إلى أكثر الحالات الإنسانية صفاءً.
كوبرني والمستقبل: نحو موضة "حية"
تفتح هذه المجموعة الباب أمام مستقبلٍ جديد للموضة، مستقبلٍ يربط بين العلم، الصحة، والجمال.:
- فبينما تسعى معظم العلامات لتطوير التقنيات لأغراض استعراضية، تسعى كوبرني إلى تصميم تجربة حياتية تُعيد صياغة العلاقة بين الإنسان وملابسه.
- قد يكون خط C+ Carewear هو البداية فقط، مقدمة لعصرٍ ترتدي فيه المرأة أو الرجل قماشًا يعتني به، ويمنحه إحساسًا بالراحة النفسية والجسدية في الوقت نفسه.
الدفء تحت الجلد
اختتم العرض بهدوءٍ يشبه الهمس، لكن تأثيره كان عميقًا:
- لم تكن مجموعة كوبرني لربيع وصيف 2026 مجرد فصل جديد في قصة العلامة، بل بيانًا إنسانيًا متكاملًا.
- لقد نجح سيباستيان ماير وأرنو فايان في تحويل التكنولوجيا إلى تجربة شعرية، وجعلانا نرى كيف يمكن للابتكار أن يكون أداةً للحنان لا للتجريد.
- في عالمٍ يزداد رقميةً كل يوم، تُذكّرنا كوبرني أن الدفء الحقيقي لا يزال يأتي من تحت الجلد.
وهكذا، وللمرة الأولى منذ سنوات، بدت الموضة وكأنها تستعيد أكثر ما فقدته: الإنسانية.
شاهدي أيضاً: مجموعة Coperni ما قبل خريف 2025
شاهدي أيضاً: مجموعة Coperni ريزورت 2025
شاهدي أيضاً: مجموعة Coperni خريف وشتاء 2025-2026
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ليالينا ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ليالينا ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.