الارشيف / مصر اليوم / الحكاية

"إرهاب تكميم الأفواه في إسرائيل".. اتهامات الخيانة والسجن تُلاحق منتقدي العدوان على غزة

تعيش إسرائيل "عصر تكميم الأفواه"، وأصبح "الخيانة والسجن" تهمة وعقابًا جاهزين لمن يُدِن جرائم الحرب والمجازر، التي ارتكبها -ولا يزال يرتكبها- جيش الاحتلال في غزة، منذ بدء العدوان على القطاع في السابع من أكتوبر الماضي.

هذا ما تعرض له معلم التاريخ في دولة الاحتلال، مائير باروتشين، الذي اقتحمت شرطة الاحتلال مسكنه في تل أبيب، وكبلته بالسلاسل قبل أن تزج به في الحبس الانفرادي بسجن "المجمع الروسي" سيئ السمعة في القدس المحتلة، في أوائل نوفمبر الماضي.

والأدلة التي جمعتها شرطة الاحتلال، كانت عبارة عن سلسلة من المنشورات التي نشرها "باروتشين" على موقع التواصل الاجتماعي ""، ينعى فيها المدنيين الذين أودت بحياتهم آلة القتل الإسرائيلية، وينتقد الحرب الانتقامية التي يشنها جيش الاحتلال على غزة، وأدت إلى استشهاد نحو 23 ألفًا و843 وإصابة60 ألفًا و317، وأكثر من 8 آلاف مفقود، وتدمير المنازل والبنية التحتية.

وكتب "باروتشين" أسفل صورة عائلة أبو دقة، الذي قُتل في إحدى الغارات الجوية الأولى على غزة، في منشور على "فيسبوك" يوم 8 أكتوبر الماضي: "الصور المروعة تتدفق من غزة.. تم القضاء على عائلات بأكملها.. أنا لا أقوم عادة بتحميل صور كهذه، لكن انظروا ماذا نفعل انتقاما".

وأضاف: "أي شخص يعتقد أن هذا له ما يبرره بسبب ما حدث بالأمس، يجب عليه إلغاء صداقته.. أطلب من الجميع أن يفعلوا كل ما هو ممكن لوقف هذا الجنون. أوقفه الآن.. ليس لاحقًا، الآن".

وفقد "باروتشين" -مدرس مادة التاريخ- في ريشون لتسيون، بالقرب من تل أبيب، قبل ثلاث سنوات، حين كتب في منشور على "فيسبوك": "معظم الإسرائيليين لا يعرفون الكثير عن الفلسطينيين.. يعتقدون أن جميعهم إرهابيون، ما أحاول القيام به في منشوراتي هو تقديم الفلسطينيين كبشر".

وبعد عشرة أيام من تلك الرسالة على فيسبوك، تم فصله من وظيفته التدريسية في بلدية بيتاح تكفا. وبعد أقل من شهر، كان في سجن شديد الحراسة، وتم احتجازه لمنح الشرطة المزيد من الوقت للتحقيق في الآراء الناقدة التي لم يحاول إخفاءها.

وهنا، نسبت صحيفة "أوبزرفر" البريطانية، إلى صحفيين مخضرمين ومثقفين ونشطاء حقوقيون، قولهم إنه داخل إسرائيل لا توجد مساحة عامة كبيرة للمعارضة بشأن الحرب على غزة، حتى بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على الهجوم الذي أودى بحياة 23 ألف فلسطيني، ولا توجد نهاية في الأفق.

وأوضحت الصحيفة أن ما حدث لـ"باروتشين" رسالة سياسية، مشيرة إلى ما قالته صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية، في افتتاحيتها: "كان الدافع وراء اعتقاله هو الردع وإسكات أي انتقاد أو أي تلميح للاحتجاج ضد السياسة الإسرائيلية".

و"باروتشين" ليس المعلم الوحيد المستهدف، إذ استدعت سلطات الاحتلال يائيل أيالون، مديرة مدرسة ثانوية في تل أبيب، بعد أن نشرت مقالاً في "هاآرتس" انتقدت فيه إخفاء وسائل الإعلام الإسرائيلية معاناة المدنيين في غزة، وجاء في المقال: "على المواطنين الإسرائيليين أن يدركوا هذا الواقع".

وتم إيقاف أيالون عن العمل، وبعد أن عادت بأمر من المحكمة، تعرضت للاعتداء من قبل بعض التلاميذ، الذين هتفوا ضدها "عودي إلى بيتك".

ومثل "باروتشين" أمام المحكمة التعليمية هذا الشهر، وبموجب قانون العمل الإسرائيلي، لا يحق للسلطات البلدية طرد معلم كان أداؤه ممتازًا دائمًا، كما أن قوانين حرية التعبير تحمي حقه في النشر عن الحرب.

ومنذ فصله من عمله، يعيش "باروتشين" على مدخراته بينما ينتظر الحكم بإعادته، لكن حتى لو فاز في تلك القضية، فإن "تهمة الخيانة" لم يتم إسقاطها، ويمكنه العيش في ظلها لمدة خمس سنوات، وهو الحد الأقصى الذي يمكن أن تحاكمه الشرطة.

وفى حديثه لـ"أوبزرفر"، قال باروتشين: "هذه القصة أكبر بكثير من قصتي الشخصية، إنه وقت مطاردة المخالفين في الرأي في إسرائيل والاضطهاد السياسي"، مضيفًا: "لقد أصبحت من مؤيدي حماس، لأنني أعربت عن معارضتي لاستهداف المدنيين الأبرياء".

ولفتت الصحيفة إلى أن سلطات الاحتلال ألقت القبض على "باروتشين" ونكلت به لمجرد معارضة استهداف المدنيين في غزة، في حين أصبح التحريض على الإبادة الجماعية للفلسطينيين أمرًا طبيعيًا في دولة الاحتلال.

وروى "باروتشين" ما تعرض له من تنكيل على يد شرطة الاحتلال، قائلا: "تم اقتيادي إلى مركز الشرطة لاستجوابي بشأن اتهامات بالتحريض على الفتنة".

وعندما أوضح للشرطة أنهم بحاجة إلى مذكرة من النائب العام لتوجيه الاتهام إلى مواطن إسرائيلي بارتكاب هذه الجريمة، تم إعداد "تهم الخيانة" على النحو الواجب.

وعندما وصل إلى مركز الشرطة، تم تقييد ذراعيه وكاحليه، وأُطلع على مذكرة تفتيش لمنزله، واصطحبه خمسة محققين إلى هناك، وقلبوا شقته رأسًا على عقب، وصادروا في جهازي كمبيوتر محمول وستة محركات أقراص ثابتة، ثم طلبت الشرطة المزيد من الوقت للتحقيق، فأمر القاضي باحتجازه.

وقال باروتشين: "لم يُسمح لي بأخذ أي شيء معي إلى الزنزانة.. دخلت بملابسي وبقيت بنفس الملابس لمدة أربعة أيام.. كانت هناك حمامات بمياه باردة، وقطعة صغيرة من الصابون، وبطانيتين تفوح منهما رائحة دخان السجائر، ومنشفة صغيرة".

ويضيف: "لم يُسمح لي بكتاب أو تلفزيون أو أي شيء.. لم يكن يُسمح للحراس بالتحدث معي، ولم تكن هناك نوافذ، لذلك لم أكن أعرف النهار من الليل. وفي كل مرة يأتي آمر السجن للتحقق كنت أسأله عن الوقت، لحساب الوقت المتبقي".

وأخبر المستجوبون باروتشين، أن منشوراته تشبه بروتوكولات حكماء صهيون، وهي من أشهر الوثائق المعادية للسامية في العالم، وكان رده "أنا مدرس تاريخ، فسألتهم: هل قرأتم هذه الكتب من قبل؟ ولم يجيبوا".

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الحكاية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الحكاية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا