مصر اليوم / اليوم السابع

فتاوى الصيام.. ما أثر سماع الفحش من القول على أجر الصوم؟

ينشر "" فقرات يوميًا عن فتاوى الصيام فى شهر الكريم، بهدف التذكير والتوعية، وذلك نقلا عن الأسئلة والأجوبة المنشورة على موقع دار الإفتاء المصرية من قبل أمانة الفتوى.

ما أثر سماع الفحش من القول على أجر الصوم؟

ما يَعرِض للصائم من سماعِ كلامٍ فاحشٍ وألفاظٍ بذيئةٍ ليس من مفسدات الصوم عند جمهور الفقهاء، ولا تأثير له في صحةِ الصوم، وإن كان ذلك يُعرِّضه للإثم وانتقاص ثواب صومه، ويُخشى عليه من ضياع الأجر؛ إذ اجتناب ذلك كله من مقتضيات المحافظة على العبادة وكمالها.

بيان المراد بالصيام

الصوم إمساك مخصوص عن شَهْوَتَيِ الفَمِ والفَرْجِ، أو ما يقوم مقامهما، في جميع أجزاء النهار، بنيَّةٍ قبل أو معه إن أمكن، فيما عدا زمن الحيض والنفاس وأيام الأعياد، كما فى "الذخيرة" للإمام القَرَافِي المالكي.

بعض من آداب الصيام
للصيام آدابٌ يجب على الصائم أن يتحلى بها، منها: أن يجتنب الفُحشَ في القول والفعل، وأن يحفظ بصره عن النظر للمحرمات، وأذنه عن الاستماع إليها؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ؛ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ»، وعنه أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ» أخرجهما الإمام البخاري في "صحيحه".

فهذه الأخلاق وإن كان من الواجب على المسلم أن يتحلَّى بها في كلِّ وقت؛ إلا أنها في الصيام آكد من غيره.

قال ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" : [قال الداودي: تخصيصه في هذا الحديث ألا يرفث ولا يجهل -وذلك لا يحل في غير الصيام- وإنما هو تأكيدٌ لحرمة الصوم عن الرفث والجهل... فينبغي للصائم أن يُعَظِّمَ من شهر رمضان ما عظَّم الله ورسوله، ويعرف ما لزمه من حرمة الصيام] .

وقال الإمام النووي في "المجموع" : [(وقول) المصنف ينبغي للصائم أن ينزِّه صومه عن الغيبة والشتم، معناه: يتأكد التنزه عن ذلك في حق الصائم أكثر من غيره للحديث، وإلا فغير الصائم ينبغي له ذلك أيضًا ويؤمر به في كل حال، والتنزه التباعد].

الفحش في القول وبيان حقيقته
الفُحش هو التحدث بما هو مستقبحٌ وفيه بذاءةٌ بألفاظٍ ظاهرةٍ معروفةٍ يستخدمها أهلُ الفساد؛ كما عبَّر بذلك الإمام الغزالي في "إحياء علوم الدين"  حيث قال في تعريف الفُحش: [فأما حده وحقيقته: فهو التعبير عن الأمور المستقبحة بالعبارات الصريحة، وأكثر ذلك يجري في ألفاظ الوقاع وما يتعلق به، فإن لأهل الفساد عباراتٍ صريحةً فاحشةً يستعملونها فيه، وَأَهْلُ الصَّلَاحِ يَتَحَاشَوْنَ عَنْهَا، بل يكنون عنها ويدلون عليها بالرموز فيذكرون ما يقربها ويتعلق بها] .

فيجب على المسلم أن يكون حسن الخُلُق، طيب اللسان في كل وقتٍ وحال؛ فعن أبي الدَّرْدَاءِ رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلَ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ» أخرجه التِّرْمِذِيُّ في "سننه". وفي الحديث عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «فَإِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَالتَّفَحُّشَ» أخرجه مسلم في "صحيحه"، وعنها أيضًا رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَوْ كَانَ سُوءُ الْخُلُقِ رَجُلًا يَمْشِي فِي النَّاسِ؛ لَكَانَ رَجُلَ سُوءٍ، وَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْنِي فَحَّاشًا» رواه الخرائطي في "مساوئ الأخلاق".

وعن مسروق أنه قال: كنا جلوسًا مع عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يحدثنا إذ قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاحشًا ولا متفحشًا، وإنه كان يقول: «إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا» رواه البخاري ومسلم في "صحيحيهما" واللفظ للبخاري.

قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم": [فيه الحث على حسن الخلق وبيان فضيلة صاحبه وهو صفة أنبياء الله تعالى وأوليائه، قال الحسن البصري: حقيقة حسن الخلق: بذل المعروف، وكف الأذى، وطلاقة الوجه] .

أثر سماع الفحش من القول على أجر الصيام والواجب على المسلم في ذلك
أمَّا الاستماع للبذيء من القول، فذلك مما حذرت منه الشريعة، حيث أمرت بمجانبة أهل الفسق واللوم، والإعراض عما يصدر من حديثهم وعدم التلبس بفعلهم؛ وذلك لعدم اعتيادِ أخلاقهم وفحش قولهم، قال تعالى: ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾ [الفرقان: 72].

قال الإمام الفخر الرازي في "مفاتيح الغيب" : [إنه سبحانه وتعالى مدحهم بأنهم يعرضون عن هذا اللغو، والإعراض عنه: هو بأن لا يفعله ولا يرضى به ولا يخالط من يأتيه، وعلى هذا الوجه قال تعالى: ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾] .

وغنيٌّ عن البيان أن المسلم يكون مرتكبًا لمعصيةٍ إذا تكلم بفُحشٍ، كغيبةٍ وما في معناها، ويتأكد ذلك في حقه إذا كان صائمًا، إلا أن صومه يقع صحيحًا ولا يُطالب بالقضاء، وهو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، وذلك مع الإثم، وخشية التعرض لضياع الأجر.

قال ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" : [واتفق جمهور العلماء على أن الصائم لا يفطره السب والشتم والغيبة، وإن كان مأمورًا أن ينزه صيامه عن اللفظ القبيح، وقال الأوزاعي: إنه يفطر بالسب والغيبة، واحتج بما رُوي أن الغيبة تفطر الصائم، قال ابن القصار: معناه أنه يصير في معنى المفطر في سقوط الأجر، لا أنه يفطر في الحقيقة].

ووقوع الصوم صحيحًا مع فعلِ منهيٍّ عنه كالغيبة وما في معناها من المشاتمة والفُحش، لا يمنع من وقوعِ صاحبها في المعصية الموجبة للإثم -كما بينَّا سابقًا- وكذلك نقصان الثواب أو ضياعه.

ويجري السماع من الصائم للفحش وبذيء الكلام وقبيح الألفاظ، مجرى فعل اللسان في تجنب الفحش ووجوب هجره، فالسماع إحدى الأدوات الباعثة على إظهار المسموع، فإذا كان المسموع منكرًا لفُحشِه فالباعث على سماعه منكرٌ أيضًا.

فيجب على الصائم أن يكف سمعه عن التلبس بما هو محرمٌ شرعًا، حتى إن بعض الفقهاء قد رغب للصائم الكف عن التمتع بالشهوة المباحة، كالتلذذ بالسمع والنظر والشم.

فإذا كان الكف عن الشهوة المباحة من مسموعٍ ومشمومٍ ومُبْصَرٍ هو من سنن الصوم ومرغباته رغم أنه مباح؛ فمن باب أولى وجوب الكف عن ما هو منهي عنه منهما.

الخلاصة
بناء على ذلك: فإن ما يَعرِض للصائم من سماعِ كلامٍ فاحشٍ وألفاظٍ بذيئةٍ ليس من مفسدات الصوم عند جمهور الفقهاء، ولا تأثير له في صحةِ الصوم، وإن كان ذلك يُعرِّضه للإثم وانتقاص ثواب صومه، ويُخشى عليه من ضياع الأجر؛ إذ اجتناب ذلك كله من مقتضيات المحافظة على العبادة وكمالها.

لمزيد من الفتاوى عن صيام شهر رمضان اضغط هنا..

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا