مصر اليوم / البشاير

مصطفي عبيد يكتب آخر السطر : نهاية فوكوياما

  • 1/2
  • 2/2

 

مصطفى عبيد يكتب:
نهاية فوكوياما

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نهاية فرانسيس فوكوياما
يبدو العالم في لحظة تاريخية فارقة تتبدل فيها الأفكار، وتتغير القناعات، وتتضارب قوانين التطور، لتسقط نظريات وتفقد عبارات مأثورة زخمها وواقعيتها.

قبل أكثر من رُبع قرن من الزمن، كان هناك مفكر محافظ يعمل في وزارة الخارجية الأمريكية اسمه فرانسيس فوكوياما، وقد سمع يوما خطابا لرئيس الاتحاد السوفيتي جورباتشوف يقول فيه “إن المنافسة هي جوهر الإشتراكية”، ففكر في العبارة كثيراً لينتهي بأن الليبرالية والديقراطية صارتا هدف الإنسان في كل مكان، بغض النظر عن المظلات واللافتات المرفوعة.

وبناء على ذلك كتب فوكوياما مقالا في صيحفة ناشيونال انتيرست سنة 1989 طرح فيه فكرة مفادها أن التاريخ الكوني انتهى، وأن الديمقراطية الليبرالية بقيمها عن الحرية والفردية والمساواة وحرية السوق أصبحت تمثل نهاية التطور الأيولوجي للإنسان.

ويعني ذلك أن الغالبية العظمى من البشر صار لديها قناعة تامة بأن الديمقراطية هي الصيغة الأمثل للحكومات، وهي التي ينبغي السعي لها. وسريعا لاقت المقالة إهتماما أكاديميا واسعا، واستفاضت المحاورات بشأنها، وطور فوكوياما الفكرة ليصدر عام 1992 كتابه الشهير “نهاية التاريخ”.

 

فوكوياما الذي تنبأ بنهاية التاريخ قبل ربع قرن : ياتري بيعمل إيه دلوقت

تلقف الناس شرقا وغربا طرح فوكوياما، وآمن به كثيرون، وانساق وراءه فلاسفة ومفكرون وأكاديمون. وفي سبيل الديمقراطية انتفضت شعوب، ودُبرت انقلابات، وسقطت حكومات، وأطل مغامرون وثوريون وساسة بشعارات براقة التف حولها بشر من كل لون، يبتغون عدالة غائبة، ويحلمون بحيوات رغدة.

ومن جانبهم حاول الأمريكيون بالقوة المسلحة صناعة قصة نجاح لفكرة نهاية التاريخ في أفغانستان والعراق، وانتهى بهم المطاف إلى دول مُدمرة وحروب أهلية وصراعات دموية مُفجعة، وسرعان ما تملصت الإدارات الأمريكية من النموذج الفاشل، وخرجت من التجربة بلوم وتقريع.

في 2011 وبعد ثمانية عشر عاما من طرح فوكوياما، هبت رياح التغيير على خريطتنا العربية، واستبشر الناس بانتفاضات شعبية حملت مصطلحا جميلا هو “الربيع العربي” زلزل بالفعل حكومات مستبدة قاهرة، استعبدت الناس عقودا. لكن المؤسف أنها لم ترسم واقعا طيبا للناس، بل أدت إلى تبدل خرائط الدول، وتفتت الأوطان.

الغريب أن طرح الديمقراطية نفسه كنموذج يُحتذى ومطلب إصلاحي لحيوات البشر اهتز بشدة في الدول الغربية ذاتها، وربما كان وصول دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة في 2018 إشارة واضحة لعدم صلاحية مسار الديمقراطية لصناعة حُكم رشيد ومثالي.

وإذا كان محللو السياسة قد اعتبروا وقتها صعود ترامب مجرد ارتداد وقتي وحدث استثنائي غير قابل للتكرار، فإن عودة انتخابه مرة أخرى نهاية 2024 ، وما طرحه من أفكار وسياسات وقلاقل تُنظر بصراعات شديدة القتامة، زعزع ثقة العالم في فكر فوكوياما ونظرائها تماما. فالديمقراطية الغربية لم تعد سلما للوصول إلى الحكم الرشيد، حيث يمكن لأي رأسمالي مخضرم يُجيد التعامل في الأسواق وادارة الميديا والتأثير في الجماهير أن يصل إلى الحكم ديمقراطيا، ثُم ينقلب عليها وينفرد ويتسبد ويمارس هتلرية مُحدثة. وهذا بعض ما يُخيف.

لقد بات واضحا أن ترامب ابن زمن العولمة، ومنتوج الليبرالية الغربية، هو أول خصم لحرية السوق، والعولمة، والحق في المنافسة، ودولة المؤسسات. وهو النموذج الأكثر شرقية للحاكم الفرد، شديد الاستبداد، الذي يرى نفسه على صواب دائم، وأنه فوق الجميع.
والله أعلم.
مصطفى عبيد
[email protected]
https://www.alwafd.news/5600272

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة البشاير ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من البشاير ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا