الارشيف / مصر اليوم / الحكاية

من حرب أكتوبر إلى غزة.. "الثعلب" كيسنجر.. إنجازات عديدة آخرها العيش لمئة عام

لاعتبارات عديدة لا يمكن اعتبار هنري كيسنجر الخارجية الأسبق سياسيا بسيطا يمكن تصنيفه في خانة واحدة.. لقد كان ثعلبا ماكرا، وشخصية كبيرة مؤثرة حتى بعد مغادرته منصبه.

عاش هنري كيسنجر عمرا مديدا وحياة عملية طويلة وعريضة، وتوفى ف بمنزله في ولاية كونيتيكت وقد ناهز 100 عام.

اللافت أن هذا السياسي الأمريكي المخضرم، لم يخلد إلى الراحة ولم يعتزل العمل، بل واصل نشاطه وأداء أدوار دبلوماسية من خلال شركته الاستشارية الخاصة، حتى أنه في يوليو من هذا العام زار بشكل مفاجئ العاصمة الصينية بكين والتقى برئيسها شي جين بينج!

هنري كيسنجر كان قد وصل إلى الولايات المتحدة مع أسرته في عام 1938 هاربا من النظام النازي في ألمانيا، ومن هناك بدأ مشواره بدراسة المحاسبة ثم الالتحاق بالجيش فالاستخبارات العسكرية ثم تخصص في العلوم السياسية والدبلوماسية، وأصبح واحدا من ألمع وزراء الخارجية في التاريخ الأمريكي.

وعلى الرغم من أن هنري كيسنجر كان يعاني في بداية مشواره الأمريكي حين دخل البلاد وكان عمره لا يتجاوز 15 عاما، من غلبة لهجته الألمانية، إلا ان ذكاءه الحاد ومثابرته العنيدة دفعت به إلى الصفوف الأمامية في بلده الجديد.

باستخدام "السياسة المكوكية"، سطع نجم وزير الخارجية الأميركي الأسبق، هنري كيسنجر، بعد حرب عام 1973، وكان "رجل السلام" الذي أفضت جهوده إلى توقيع معاهدة بين وإسرائيل لاحقا، وكان له مواقف عدة حول قضايا منطقة الشرق الأوسط.

في الشرق الأوسط، شكل كيسنجر ما يعرف باسم "الدبلوماسية المكوكية" للفصل بين القوات الإسرائيلية والعربية بعد تداعيات حرب يوم الغفران عام 1973.

واندلع هذا الصراع بعد أسبوعين من أداء كيسنجر اليمين كوزير للخارجية مع احتفاظه بمنصبه في البيت الأبيض كمستشار للأمن القومي.

وكانت حرب الستة عشر يوما التي بدأت في 6 أكتوبر 1973، بهجمات منسقة على إسرائيل من قبل مصر وسوريا، أصعب الاختبارات في حياة كيسنجر المهنية.

وهددت الحرب وجود إسرائيل، وأشعلت مواجهة مع الاتحاد السوفييتي، وألهمت وغيرها من المصدرين العرب لفرض حظر نفطي أدى إلى شل تدفق الوقود في العالم.

وساعدت "دبلوماسيته المكوكية" الشهيرة بعد حرب عام 1973 في استقرار العلاقات بين إسرائيل وجيرانها العرب.

وتفاوض كيسنجر على إنهاء حرب أكتوبر عام 1973 التي أشعلتها الهجمات المشتركة بين مصر وسوريا على إسرائيل.

ويعرف كيسنجر بدوره كوسيط بين اسرائيل والدول العربية، وفي 1973 بعد الهجوم المباغت للدول العربية على إسرائيل، نظم جسرا جويا كبيرا لمد الحليف الإسرائيلي بالأسلحة.

وجاء وقف إطلاق النار في أعقاب الجسر الجوي الأميركي المثير للأسلحة إلى الدولة اليهودية والذي أثبت أهميته لدرء التقدم الأولي للجيوش العربية.

كان هو ومسؤولون أميركيون آخرون يشعرون بالقلق من أن الصراع قد يتصاعد إلى أول صراع عسكري مباشر بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، الراعي الرئيسي للقاهرة ودمشق وقتها.

وفي ، كانت نتائج الحرب إيجابية في معظمها، وانتهى القتال عندما وافق الرئيس أنور السادات على إجراء محادثات عسكرية مباشرة مع الإسرائيليين.

وكان كيسنجر قادرا على الحفاظ على أساسيات "الانفراج" مع استبعاد السوفييت من مفاوضات السلام التي تلت ذلك.

ومن أجل تمديد وقف إطلاق النار الهش وتحقيق الاستقرار في العلاقات بين إسرائيل وجيرانها العرب، قام كيسنجر بما أصبح "مهمته المميزة".

وابتداءً من يناير 1974، ذهب إلى الشرق الأوسط 11 مرة للترويج لاتفاقيات فض الاشتباك العسكري التي من شأنها تسهيل حقبة جديدة من مفاوضات السلام.

وكانت أكثر مهمات "الدبلوماسية المكوكية" شهرة هي الماراثون الذي استمر 34 يوما في ذلك الربيع، حيث زار القدس 16 مرة ودمشق 15 مرة، وسافر إلى ستة دول أيضًا.

ولم تسفر هذه الماراثونات عن أي اتفاقات سلام دائمة خلال فترة تولي كيسنجر مهام منصبه، لكنها نجحت في تحقيق الاستقرار في منطقة مضطربة وجعلت الولايات المتحدة "وسيط حصري" بالشرق الأوسط، مع استبعاد الاتحاد السوفييتي.

كان كيسنجر من أشد المنتقدين للسياسة الخارجية لجيمي كارتر وبيل كلينتون، قائلا إن "الرئيسين يريدان تحقيق قفزة سريعة للغاية نحو السلام في الشرق الأوسط".

ولكن بالنسبة لكيسنجر، لا يمكن أن يحدث ذلك إلا "خطوة بخطوة".

وبعد دخول الولايات المتحدة وحلفائها عام ٢٠٠٣، عقد كيسنجر اجتماعات مع الرئيس الأميركي الأسبق، جورج بوش الابن، ونائبه، ديك تشيني، لتقديم المشورة لهما بشأن السياسة هناك.

وقال لهما إن "الانتصار على التمرد هو استراتيجية الخروج الوحيدة".

وفي حديثه عن الحرب في العراق على وجه التحديد، قال كيسنجر لصحيفة "نيويورك تايمز"، بعد ذلك بعام إن بوش "أراد تحويل العراق إلى نموذج لإمكانية التطور الديمقراطي داخل العالم العربي".

وفي مقال رأي بصحيفة "واشنطن بوست" في أغسطس 2012، تحدث كيسنجر عن الأحداث التي شهدتها المنطقة عام 2011، فما يعرف بثورات الربيع العربي.

وكتب في مقاله" غالبا ما يتم الاحتفال بالربيع العربي من خلال تلاوة أسماء المستبدين الذين تمت الإطاحة بهم، لكن الثورات، في النهاية، سيتم الحكم عليها في المقام الأول من خلال ما تبنيه، وليس ما تدمره".

وأضاف:" إذا أخطأت الولايات المتحدة في فترة الحرب الباردة بالتركيز المفرط على العنصر الأمني، فإنها تخاطر الآن بالخلط بين الشعبوية الطائفية والديمقراطية".

ووسط هذه الهزات، يتجدد الجدل حول محددات السياسة الخارجية الأميركية، حيث يحكم الواقعيون على الأحداث من منظور الاستراتيجية الأمنية؛ ويرى المثاليون فيها فرصة لتعزيز الديمقراطية.

لكن الاختيار ليس بين الاستراتيجي والمثالي، وإذا لم نتمكن من الجمع بين العنصرين، فلن نتمكن من تحقيق أي منهما، حسبما قال كيسنجر في المقال المطول.

وفي مقال رأي نشرته صحيفة "واشنطن بوست" في مارس الماضي، تطرق الكاتب إلى الاتفاق بين السعودية وإيران وما قاله كيسنجر حيال ذلك.

وكتب ديفيد إجناتيوس في مقاله: "قال لي كيسنجر خلال مقابلة أجريت معه هذا الأسبوع إنني أرى أنه تغيير جوهري في الوضع الاستراتيجي في الشرق الأوسط".

ونقل عن كيسنجر قوله "السعوديون يوازنون الآن بين أمنهم لدى الولايات المتحدة والصين".

بعد الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في الشهر الماضي، قال كيسنجر إن إسرائيل مضطرة إلى فرض عقوبة ردا على ذلك، وإن وقف إطلاق النار السريع أمر مستحيل.

وقال في مقابلة مع ماتياس دوبفنر، الرئيس التنفيذي لشركة أكسل سبرينجر، لقناة فيلت التلفزيونية الألمانية، إن محادثات السلام "لا يمكن تصورها بالنسبة لي" إذا "تمكن الإرهابيون من الظهور علانية واحتجاز الرهائن وقتل الناس".

وردا على سؤال حول شعوره تجاه احتفال العرب بهجوم حماس في شوارع برلين من خلال توزيع الحلوى، قال كيسنجر إنه "لا يوجه اللوم للشعب الألماني".

لكنه قال إنهم سمحوا لعدد كبير جدا من الأجانب بدخول البلاد.

وأضاف: "لقد كان من الخطأ الفادح السماح بدخول هذا العدد الكبير من الأشخاص من ثقافات وأديان ومفاهيم مختلفة تماما، لأن ذلك يخلق مجموعة ضغط داخل كل دولة تفعل ذلك".

وكان كيسنجر يشتهر بنظارتيه السوداوين السميكتين وفرض نفسه صورة للدبلوماسية العالمية عندما عينه الرئيس الأميركي الأسبق ريتشادر نيسكون مستشارا للأمن القومي في العام 1969 ومن ثم وزيرا للخارجية.

وقد احتفظ بالمنصبين معا من 1973 إلى 1975 وطبع لعقود الدبلوماسية الأميركية، حتى بعدما ترك منصبه كوزير للخارجية.

ورغم استقالة نيكسون عام 1974 جراء فضيحة ووتريجايت، صمد كيسنجر في منصبه وزيرا للخارجية في عهد خلفه جيرالد فورد حتى العام 1977.

وقد حاز في 1973، تقديرا لجهوده السلمية خلال حرب فيتنام، جائزة نوبل للسلام مناصفة مع الفيتنامي لي دوك ثو بعد التوصل إلى وقف لإطلاق النار في إطار النزاع.

وعن السنوات الثماني التي قضاها في الخدمة الحكومية، والتي امتدت من عام 1969 حتى عام 1977، منح الرئيس الأميركي السابق، جيرالد فورد، كيسنجر وسام الحرية الرئاسي.

والأربعاء، توفي كيسنجر، عن 100 عام، في منزله بولاية كونيتيكت، بحسب ما أعلنت مؤسسته.

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الحكاية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الحكاية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا