شباك نظيفة فى دور المجموعات، و٣ أهداف فقط استقبلوها أمام ألمانيا وفرنسا وإنجلترا على الترتيب، وبسجل خالٍ من الهزائم، استعاد الإسبان عرش القارة العجوز مرة أخرى، بعد ١٢ عامًا منذ آخر تتويج.
مَن لويس دى لا فوينتى؟ وكيف أعاد منتخب إسبانيا إلى القمة، بعد وداع «لاروخا» مونديال قطر أمام المغرب قبيل أقل من عامين؟ ولماذا استحق لقب «يورو ٢٠٢٤» عن جدارة.. هذا ما نحاول الإجابة عنه فيما يلى.
تدرج مع منتخبات الناشئين.. اعتمد على الشباب.. وأعاد زمن «التيكى تاكا»
لويس دى لا فوينتى، الإسبانى ابن الـ٦٣ عامًا، بدأ مسيرته التدريبية فى مطلع الألفية الثالثة، مع العديد من الأندية الإسبانية، قبل بدء أولى خطواته مع منتخبات «لا روخا» بتولى تدريب منتخب إسبانيا تحت ١٩ عامًا فى ٢٠١٣.
بعدها جمع بين «منتخب ٢٠١٣» ومنتخب إسبانيا تحت ١٨ عامًا حتى ٢٠١٨، ليبدأ عملية تجهيز منتخب إسبانيا الأوليمبى، الذى تولى قيادته فى صيف ٢٠١٨، وخاض معهم دورة الألعاب الأوليمبية ٢٠٢٠، وحقق الميدالية الفضية، قبل الانتقال لتدريب منتخب إسبانيا الأول، فى ديسمبر ٢٠٢٢.
يقوم أسلوب لعب دى لا فوينتى على الاستحواذ على الكرة، وخلق أكثر عدد ممكن من الفرص، وتوسيع الملعب بانطلاقات ظهيرى الجنب والجناحين، لإجبار الخصوم على التحرك خلف تلك المساحات، وبالتالى تفريغ عمق الملعب.
وحرص دى لا فوينتى على إجراء تعديلات على الرسم التكتيكى والتشكيل والقائمة لمنتخب إسبانيا، من خلال إقحام عناصر شابة والاعتماد عليها بشكل أساسى، لتجديد دماء «لا روخا».
فى وسط الملعب، استغل اعتزال بوسكيتس للدفع بثنائية رودرى وفابيان رويز، مع إعادة دانى كارفخال إلى مركز الظهير الأيمن، وألفارو موراتا إلى قلب الهجوم، فضلًا عن الاعتماد على دانى أولمو كصانع ألعاب فى خطة «٤-٢-٣-١»، لكن بأدوار مركبة بين بديهيات لاعب «المركز ١٠»، من تحرك بين خطوط الخصم، وتسلم وتسليم الكرات من وإلى زملائه، وإيجاد المساحات، إلى اللعب كمهاجم ثانٍ، وأداة لتفريغ المساحة فى دفاعات الخصم، وإلهاء أحد المدافعين، بمراقبته بدلًا من مراقبة الجناح أو المهاجم المنطلق نحو المرمى.
امتازت كرة القدم الإسبانية، وعلى وجه الخصوص فريق برشلونة، بأسلوب الـ«تيكى تاكا»، والاعتماد على الجودة العالية، وقدرات لاعبى وسط الملعب فى الاحتفاظ بالكرة واستعادتها بسرعة من الخصوم، فوجدنا ثنائية رودرى وفابيان رويز مشابهة لثنائية تشافى وإنييستا فى وسط الملعب، فالأول يقطع الكرات ويفسد هجمات الخصوم ويبذل مجهودًا بدنيًا جبارًا، والثانى يبدأ عملية تحريك الكرة ونقل الفريق من الدفاع للهجوم والخروج من الضغط.
تنوع أدوات وأدوار لاعبى وسط ملعب إسبانيا منح الفريق أفضلية تكتيكية ضد خصومه، خاصة فى عملية الخروج بالكرة، من خلال وجود رودرى فى عمق الوسط، والاعتماد على قدراته الهائلة فى عملية افتكاك الكرة، وتوزيع اللعب والتحرك لتسلم الكرة من قلبى الدفاع والحارس والبدء فى الهجمة.
هذا إلى جانب تألق فابيان رويز فى أدوار صناعة اللعب، والدعم الهجومى للجناحين، والدفاعى لدانى كارفخال على وجه الخصوص، وتأمين انطلاقاته، وذلك لمنح لامين يامال الحرية فى الانطلاق بالهجمات.
وكان للإسبان أفضلية رقمية أسهم فيها وسط الملعب، وتمثلت فى كونه أكثر منتخبات البطولة استردادًا للكرة بـ٢٩٠ مرة، وجعلته الفريق الأقل استقبالًا للأهداف فى البطولة بـ٣ أهداف فقط.
وجود دانى كارفخال وألفارو موراتا ورودرى وإيميرك لابورتى فى تشكيل «لا روخا»، بجانب مجموعة من اللاعبين الشباب، زاد من ثقل الفريق ذهنيًا، لامتلاكهم الخبرات بتراكم المباريات والمشاركات الأوروبية، سواء مع الأندية أو مع المنتخب. حسب ذلك لـ«لويس دى لا فوينتى»، الذى اختار أن يكون وسطًا بين الخبرة والشباب، لينقل خبرات الجيل السابق للجيل الجديد، مع منحهم فرصة كاملة للمشاركة مع الفريق.
أجاد استغلال يامال وويليامز.. وأعاد هيبة «لاروخا» قبل مونديال 2026
فى حالة الاستحواذ على الكرة، كان المنتخب الإسبانى يبدأ عملية التمرير السريع من الدفاع إلى الهجوم، وتوسيع الملعب باستخدام ظهيرى الجنب كارفخال وكوكريلا، من خلال وجودهما بالقرب من الخط. ويتحرك لامين يامال ونيكولاس ويليامز إلى عمق الملعب، لاستغلال المساحة خلف ظهير جنب الخصم، والذى أُجبِر على الخروج لمواجهة ظهير إسبانيا.
بعدها تبدأ الخطوة الثانية من عملية الهجوم الإسبانى، وهى دخول دانى أولمو إلى عمق الملعب، وانتظار التمرير المتبادل بين الظهير والجناح، أو دخول الجناح المستحوذ على الكرة إلى عمق الملعب، وتحرك دانى أولمو لخطف نظر وانتباه أحد مدافعى الخصم، ومراقبة المدافع الثانى لـ«موراتا»، ليصبح الجناح فى مواجهة فردية، وزميله على الجانب الآخر غير مراقب.
تحركات دانى أولمو فى المساحة أمام منطقة جزاء الخصم والتحرك بين الجناحين، منحت المنتخب الإسبانى زيادة عددية فى الحالة الهجومية، وأدت إلى زيادة حلوله الهجومية، وامتلاكه لاعبًا زائدًا بالقرب من مرمى الخصم.
عملية توسيع الملعب التى اعتمدها المنتخب الإسبانى زادت من أهمية أدوار دانى أولمو، إذ إنها تظهر المساحات بين الخط الدفاعى للخصم، ليبدأ دور «أولمو» فى استغلال تلك المساحات والتحرك بها، سواء بالتمرير المتبادل مع أحد زملائه، أو بانطلاقة مباشرة نحو المرمى.
بمجرد افتقاده الكرة، يبدأ المنتخب الإسبانى فى الضغط على دفاعات الخصوم باستخدام الجناحين وقلب الهجوم، لحرمانهم من الخروج بالكرة. وفى حالة نجاح الفريق الخصم فى الخروج، تبدأ عملية الارتداد السريع للدفاع، وإغلاق المساحات والانتقال لأسلوب دفاع المنطقة، وخلق حالة من الزيادة العددية أمام المرمى، وإفساد أى فرصة لاختراق المنطقة، وعودة الجناحين بجانب الظهيرين للدعم الدفاعى أمام مهارات أجنحة الخصم.
المهارات الفردية لـ«نيكولاس ويليامز» ولامين يامال كانت أهم عوامل منتخب إسبانيا فى التتويج باللقب، فالثقة التى منحها دى لا فوينتى للثنائى، والاعتماد عليهما فى بطولة كبرى، مثل «يورو»، أخرجت منهما الأداء الأفضل، لينهى «يامال» البطولة وهو أكثر من صنع أهدافًا بها وأصغر هدافيها، وتبدأ حرب الفرق للحصول على خدمات «ويليامز».
وجود لامين يامال ونيكولاس ويليامز على جناحى إسبانيا منح «لا فوينتى» القدرة على الانتقال من الدفاع للهجوم بسرعة، واستغلال نقاط ضعف الخصوم وضرب ثغراتهم، باستغلال المهارة الفردية للاعبين، ووجودهما بالقرب من المرمى، وإجادتهما التسديد من خارج المنطقة، بجانب الالتزام الدفاعى من الثنائى والارتداد لتقديم أدوار الدعم الدفاعى لظهيرى الجنب.
دى لا فوينتى صانع النجوم، والرجل الذى أحيا ثقة لاعبى إسبانيا فى أنفسهم، وفى أسلوب بلادهم فى كرة القدم مرة أخرى، نفض الغبار عن مجد «لا روخا»، وأعاده إلى قمة أوروبا، بعد أقل من عامين من إخفاق مونديال قطر، ليدق ناقوس الخطر فى مونديال أمريكا ٢٠٢٦: «إسبانيا» عاد مرة أخرى، احذروا.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة بوابة المصريين في الكويت ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من بوابة المصريين في الكويت ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.