منوعات / صحيفة الخليج

«جوازة توكسيك».. للتطرف في التربية عواقب

مارلين سلوم

لم يكن من السهل على نجمات السينما الاستسلام لفكرة التقدم في العمر، وتجسيد شخصيات تليق وتناسب أعمارهن، حيث بقيت فئة منهن متمسكة بأدوار الفتاة العاشقة، والباحثة عن عريس، والحالمة، كأنها ما زالت مراهقة، وكل أنظار الشباب تلتفت إليها فقط، لذلك نجد في انتقال الفنانة ليلى علوي، في السنوات الأخيرة، إلى مرحلة اختيار الأدوار بشكل منطقي وظهورها بأدوار الأم لشبان وشابات، يزيد من احترام الجمهور لها، واقتناعه بأن ما يراه على قابل للتصديق؛ ويبدو أنها تفاءلت بمشاركتها الفنان بيومي فؤاد، والمخرج محمود كريم، والمؤلف لؤي السيد، في فيلمين على التوالي، فقررت استكمال الرحلة بفيلم ثالث «جوازة توكسيك»، يعرض في الصالات ويحمل نفس الروح، وانتعاشة الصيف، ولو اختلفت القصة في تفاصيلها، تستمتع بمشاهدته لكنك تسقطه من حساباتك سريعاً.

زواج مريض، هذا ما يعنيه عنوان الفيلم «زواجة توكسيك»، أي مسمومة، غير صحية، ووفق ما تراه في الفيلم يمكن القول بأنها «زواجة مريضة» تحتاج إلى علاج. ميزة المؤلف لؤي السيد أنه يقدم 3 نماذج لزيجات مختلفة، ينطلق من الثنائي المهندسَين الزراعيين نوال (ليلى علوي)، وحسين (بيومي فؤاد)، نفهم منذ المشهد الافتتاحي أن الفتور أصاب علاقة الزوجين، فتحاول نوال إحياءها لكن حسين رجل تقليدي جداً، ومقتنع بأنهما تقدما في السن، ولا وقت لديه للانشغال بكلام الغزل، والحب، والتودّد لزوجته، علاقة باردة وحياة روتينية يعتبرها حسين طبيعية، «زي كل اللي في سنّنا عايشين عشان ولادنا وعشان لازم نكون مع بعض»، كما يقول، ما يدفع بالزوجة إلى طلب الطلاق، خصوصاً أنها تعاني منذ 25 سنة بخل زوجها، العاطفي والمادي، وعناده في تربية ابنيهما كريم (محمد أنور)، وراندا (نورين أبو سعدة).

  • مفاجآت كريم

كريم يفاجئ والديه بعودته من دبي «غداً» بصحبة فتاة يريد التقدم لخطبتها، بالفعل يصل ومعه فريدة (ملك قورة)، فتاة جميلة، ومنفتحة، على عكس والديه، وتتوالى مفاجآت كريم، أو كيكو، بداية من إخفائه أمر علاقته بفريدة عن أسرته، ثم يجبرهم على الذهاب معهما إلى الغردقة للتعرف إلى والديها مؤنس، أو مومو، كما ينادونه (تامر هجرس)، ونيللي (هايدي كرم)، والإقامة في فيلا مؤنس رجل الأعمال المشهور.. يضع حسين ونوال خلافاتهما جانباً، ويتفقان على إفشال الخطوبة لأن الفتاة «لا تشبههم»؛ كثيرة العبارات التي يستخدمها المؤلف للدلالة على التناقض بين مستوى التفكير، والتربية، وأسلوب حياة الأسرتين، مثل قول حسين لابنه «أنا مجهزلك عروس ستكون خادمة تحت قدميك»، فيجيبه ابنه «أنا مش عايز خادمة».

الصراع لن يكون بين كريم ووالديه فقط، بل راندا تعاني أيضاً، عدم استيعاب والدها لأفكارها، وحبها للغناء، وإجبارها على دراسة الهندسة الزراعية، لا الالتحاق في الكونسرفتوار، وتضييق الخناق عليها لدرجة أنها من غير أصدقاء؛ والصراع سيكون بين العائلتين، حيث تنحدر فريدة من أسرة شديدة الانفتاح على النقيض تماماً من عائلة خطيبها، مؤنس رجل كريم يحب الحياة الاجتماعية، ويمنح ابنته الحرية الكاملة لتتخذ قراراتها بنفسها من دون التدخل فيها، ووالدتها معالجة نفسية تؤمن بالطاقة الإيجابية والتعامل مع الناس بأريحية.. وهنا نكون أمام 3 نماذج لزيجات من مجتمع واحد، كريم وفريدة، حسين ونوال، مؤنس ونيللي.

نموذج حسين ونوال ليس مثالياً، ولا الثنائي الآخر مثالي، لذلك يستعرض المؤلف معاناة الأبناء من تطرف الآباء في التربية، مؤنس الشديد التحرر بأفكاره، وتصرفاته، وأسلوب حياته، لدرجة أن ابنته تشتكي من هذه الحرية، فتلومه لأنه ووالدتها، لم يقفا بجانبها يوماً، وتركا لها اتخاذ كل القرارات في حياتها، في وقت كانت تحتاج فيه إلى من يوجهها، وينصحها، ويرشدها.. كذلك شقيقها خالد عانى هذه الحرية، وتمنى لو أن أبويه منعاه من ترك الجامعة للحاق بالموسيقى، والانشغال بالعزف، فيقول لراندا «يا ريتهم منعوني مثل أهلك من ترك الدراسة عشان الموسيقى».. ويبالغ عمداً المؤلف والمخرج محمود كريم في تجسيد تمادي البعض بفكرة التحرر، وكسر كل القيود الاجتماعية، من خلال شخصية بيانكا (جوهرة)، المساعدة المنزلية الروسية الأصل، والمبالغة ليست في تعامل أسرة فريدة معها كواحدة منهم، بل بتصرف الأب مؤنس معها، بلا أي ضوابط لدرجة أن حسين اعتقدها أم فريدة.

الحوار أهم من تفاصيل قصة زواج كريم وفريدة، وعدم موافقة حسين ونوال عليه، ومحاولاتهما إفشاله بمختلف الطرق؛ التفاصيل الصغيرة أهم من القضية العامة الكبيرة، تعنت حسين وانفتاح مؤنس هما القضية، الإهمال في تربية الأبناء، وعدم التوقف عند تفاصيل تشغل عقولهم، وربما تؤرّقهم، ليس صحياً، كذلك التشدد في تضييق الخناق ومعاملة الأبناء بعصبية، وتوتر، وشتائم، ومنع، ليس صحيحاً أيضاً، ويمكن القول إن أهم ما في الفيلم الحوار، خذ مثلاً قول حسين لزوجته: «كنا نضرب كريم حين يخطئ عندما كان صغيراً، ولما كبر لازم نمنعه».. كذلك يشدد المؤلف على تمسك البعض ب«الشوار» أي جهاز العروس، حيث يصر حسين على تحديد القائمة والمقدم والمؤخر، بينما ترفض أسرة فريدة كل هذه التفاصيل ويقول مؤنس «دي بيعة وشروة مش اتفاق زواج»، وتضيف ابنته «لا قيمة للماديات حين يقع الخلاف، أو الطلاق».

  • تجديد المشاعر

العلاقات التي يتطرق إليها الفيلم مهمة، وإن أتت المعالجة بسيطة «لايت» تتخللها لقطات كوميدية، علاقة الأزواج بعد مرور أكثر من عشرين عاماً على زواجهما، أهمية تجديد المشاعر بينهما، وعدم الاستسلام للروتين وفكرة «كبرنا على الحب، وكلام الحب، والتعبير عن المشاعر»، وعلاقة الآباء بالأبناء، مع التعريج على بعض المفاهيم الاجتماعية التقليدية حول الزواج والتربية، وطبيعة العلاقات الاجتماعية، بحيث يمسك الكاتب العصا من منتصفها ويختار الوسطية في كل الأمور.

تعاون المؤلف لؤي السيد مع المخرج محمود كريم، والفنانين ليلى علوي وبيومي فؤاد، أثمر نجاحاً في «ماما حامل»، 2021 و«شوجر دادي» ، ويمكن القول بأنه نجح للمرة الثالثة هذا الصيف، ولو كان نجاحاً محدوداً، إنما لا نعتقد أن الأفلام المقبلة ستلقى نجاحاً طالما أنها ستدور في نفس حلقة العلاقات الزوجية والاجتماعية، ونفس أجواء التصوير في المناطق الصيفية، وإن كان إخراج محمود كريم جيداً، ويمنح الجمهور فرصة الاستمتاع بألوان الصيف والشمس والبحر.. وقد أضيفت لمسة فنية في هذا الفيلم بغناء الفنان ماجد المهندس لأغنية «لو زعلان»، وهي المرة الأولى التي يشارك فيها بالغناء سينمائياً.

  • تقييم الأدوار

ليلى علوي مرتاحة في أدائها، اعتادت مثل هذه الأدوار، وبيومي فؤاد يراوح مكانه، بينما يبدو محمد أنور غير مناسب لدور البطولة، جامد كأنه يقف أمام الكاميرا كالطالب الذي يكرر أمام أستاذه ما حفظه، بلا روح، وبلا تعبير مناسب، سواء في الحب، أو في الحزن، أو حتى في المشاهد الكوميدية؛ بينما ملك قورة أفضل منه، لكنها تكرر أداءها، وعليها أن تغير اختياراتها لتخرج من الأداء النمطي، أما تامر هجرس فهو الشخص المناسب لدور «مومو» الثري الفنان المحب للحياة.

[email protected]

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا