منوعات / صحيفة الخليج

«علِّ صوتك بالغنا» لحياة أفضل

تحقيق: مها عادل

أكدت الدراسات العلمية الحديثة أن ممارسة الغناء كهواية، يعود بفوائد صحية ومعنوية على الإنسان، مثل الحفاظ على صحة القلب، وتخفيف التوتر، وتحسين التنفس، وزيادة القدرة الإنتاجية، والتخلص من السلبية، وضغوط الحياة، والثقة بالنفس.
كل هذه التأثيرات الإيجابية نحصل عليها فقط عند المداومة على الغناء، سواء في لحظات الفرح، أو الحزن، أو القلق، فكثيراً ما تعبّر كلمات الأغاني وألحانها عما يجيش في وجداننا، ما يساعدنا على التعبير عن حالنا، والتخلص من همومنا.
طالما كان الغناء في تراثنا مرتبطاً بلحظات العمل الجماعي، والكفاح، فكثيراً ما كانت أهازيج الصيادين رفيقاً للبحارة في ، ودول الخليج، والدول العربية عموماً.
وأثبتت الدراسات أن هذه النوعية من الأغاني الحماسية تشد من أزر العمال، وتمنحهم طاقة وحماساً، وتخلّصهم من الشعور بالإجهاد والتعب، وتغلّف جهدهم بحالة من المرح والتفاؤل.
وفي السطور التالية نتعرف إلى أهمية الغناء غير الاحترافي في حياة بعض العائلات.
تحدثنا سماح زبيدة، موظفة في أبوظبي، عن أهمية ممارسة الغناء في حياتها، وتقول: أعتبر الغناء وسماع الموسيقى أهم رفيق لي على الطريق، خصوصاً أنني أقطن في الشارقة، وأعمل في أبوظبي، ولهذا أمضي ساعات طويلة يومياً أثناء القيادة من البيت إلى العمل، وبالعكس، لهذا عادة ما يكون رفيقي في الرحلة مجموعة من الأغنيات المختارة التي أقوم بإعداد قائمة بها كل فترة، لتكون وَنساً وصحبة ممتعة لي على الطريق، ويزيد من متعتي على الطريق ترديد هذه الأغنيات التي أحفظها عن ظهر قلب بصوت عالٍ، وأحيانا بأداء تمثيلي لمعاني الأغنية، وكلماتها، وهذا الأمر يساعدني على البقاء نشيطة، ويقظة خلال القيادة، ولا يشعرني بالتعب، وعند وصولي إلى العمل أبدأ يومي بمزاج مرح، حيث تؤثر الموسيقى بشكل إيجابي في مزاجي، بخاصة الموسيقى المرحة، وفي طريق عودتي إلى البيت أفضل الأغاني الهادئة التي تتناسب مع الحالة المزاجية التي أكون عليها مع نهاية يوم عمل طويل، وشاق، فعادة ما اختار أغاني رومانسية حالمة، وأردّدها طول الطريق لتساعدني على الاسترخاء والتخلص من التوتر والضغوط اليومية، فالغناء اليومي بالنسبة لي أسلوب حياة.
أما كريم موسى، طبيب أسنان بدبي، فيشاركنا علاقته بالغناء الجماعي، وتأثيره، ويقول: الغناء مرتبط بالمناسبات السعيدة، فعندما أصطحب أسرتي في رحلة أونزهة خلوية عادة ما ننظم مع أصدقائنا مسابقات في الغناء، فيبدأ أحدنا بترديد أغنية، ثم يتوقف على كلمة معينة وعلى اللاعب التالي أن يختار آخر حرف من هذه الكلمة، ويبحث عن أغنية تبدأ بهذا الحرف، ونغنيها ونرددها جميعاً معه بصوت عالٍ، ومرح، وحماس، وهكذا نتبادل الأدوار بيننا، وهذه المسابقات القائمة على الغناء تثير فينا حالة من التنافس، والمرح، وتقرب المسافات بين الحضور.
ويتابع: الغناء بعفوية يخلّصنا من ضغوط الحياة اليومية ويوفر لنا جميعاً حالة من الاسترخاء والراحة النفسية، ويقرّب المسافات بيننا، والعجيب إنني علمت أن ممارسة الغناء تنشط الذاكرة، وتقاوم أعراض الخرف، أو الزهايمر مع الكبار منا، فهذا الأمر يجعلنا نتبارى في تذكّر كلمات الأغاني المفضلة، وترديد ألحانها، وكثيراً ما يتحول الأمر إلى حالة من الغناء الجماعي مع الأهل والأقارب، ليس في الرحلات فقط، ولكن في الأفراح، وحفلات النجاح، والخطوبة، وغيرها من المناسبات العائلية، ففي هذه الأوقات تحلو اللمّة، ونشعر بأن الأغنية الحلوة تجمعنا، وتسعدنا، وتساعدنا على التخلص من أي ضغوط في الحياة.
أما رانية الشريف، ربة بيت بعجمان، فتشاركنا تجربتها مع الغناء، وتقول: أفرغ حالة التوتر والحزن في الغناء، فهناك العديد من الأغاني التي تمسّ قلبي، وتخفف عني أحزاني، لكنني أفضل الغناء في مكان أكون فيه وحيدة، حتى لا أشعر بالخجل، حيث يصعب عليّ الغناء أمام أفراد أسرتي، خصوصاً أنني لا أتمتع بصوت جميل، ولا أجيد الطرب، لكنني أستمتع بحالة الغناء في حد ذاتها، وعادة ما أمارس هواية الغناء أثناء قيامي بشغل البيت، فهذه العادة تسعدني، وتؤنسني، وتمنحني طاقة وقدرة على الإنجاز، والغناء يجعلني في مزاج جيد، وكثيراً ما يخلّصني من الشعور بالإحباط أوالتوتر.
تحسين جودة الحياة
تحدثنا د. نور هشام، ماجستير في الصحة العامة (طبيب عام)، عن فوائد الغناء غير الاحترافي لصحة الفرد، ونفع المجتمع، وتقول: يمكن لممارسة الغناء أن تسهم في تحسين جودة الحياة ليس على مستوى الفرد فقط، ولكن على مستوى المجتمع ككل. الغناء يمكن أن يكون أداة قوية لتعزيز الروابط الاجتماعية، وتحسين الصحة الجسدية والنفسية، وزيادة الإنتاجية، ما يؤدي إلى مجتمع أكثر ترابطاً، وسلاماً، وتفاهماً، فالغناء يمكن أن يكون له تأثير إيجابي في صحة الفرد العامة، بطرق عدّة، تشمل:


- صحة القلب: الغناء يتطلب التحكم في التنفس، ما يمكن أن يحسن صحة القلب والأوعية الدموية، ويمكن أن يساعد على تقليل مستويات التوتر، ما يؤثر إيجابياً في صحة القلب.
- صحة الرئة: ممارسة الغناء تتطلب التنفس العميق، واستخدام الحجاب الحاجز، ما يمكن أن يعزز سعة الرئة، ويحسّن وظائفها.
- النشاط البدني: الغناء يمكن أن يكون نشاطاً بدنياً منخفض الكثافة، خصوصاً إذا كان مصحوباً بالحركة.
- المناعة: هناك بعض الدراسات التي تشير إلى أن الغناء يمكن أن يزيد من مستويات الجلوبولين المناعي، وهو بروتين يلعب دوراً في الجهاز المناعي، ويحمي الجسم من العدوى.
- ضغط الدم والسكّر: الغناء يمكن أن يساعد على تقليل مستويات التوتر والقلق، ما يمكن أن يؤدي إلى خفض ضغط الدم، ومستويات السكّر في الدم.
وتتابع: على المستوى النفسي، ممارسة الغناء بشكل مستمر يمكن أن يكون لها العديد من الفوائد النفسية والمزاجية، مثل أن الغناء يحسن المزاج بفضل إفراز الإندورفينات التي تسهم في الشعور بالسعادة، كما يمكن أن يكون وسيلة للتعبير عن المشاعر والأفكار، ما يساعد على التخفيف من الضغوط النفسية، إلى جانب الاهتمام بتطوير مهارة الغناء، وتحسين الأداء يمكن أن يعزز الثقة بالنفس. كما أن الغناء أمام الآخرين، سواء في مجموعة صغيرة، أو على مسرح، يمكن أن يعزز الشعور بالكفاءة، والقدرة. فالغناء يمكن أن يكون محفزاً على التطور، ومصدراً للطاقة، وتنظيم التنفس العميق، والمستمر الذي يتطلبه الغناء يمكن أن يساعد على تقليل التوتر، الجسدي والنفسي، ووسيلة فعالة للاسترخاء، بما أنه يُعد وسيلة إبداعية للتعبير عن الذات، فهو يسهم في تعزيز الشعور بالإنجاز، والرضا.
وتشير إلى الانعكاسات الإيجابية لممارسة الغناء على المجتمع ككل، وعلى الفرد من حيث القدرة الإنتاجية في العمل، وتحسين العلاقات الشخصية، ونشر السلام والتسامح في المجتمع، إذ إنه يدعم التعبير الإبداعي، ويحفز الإبداع في العمل، وحلّ المشكلات بطرق مبتكرة.
ويسهم الغناء أيضاً في تحسين العلاقات الشخصية، فالغناء الجماعي يمكن أن يعزز التواصل والتفاعل الاجتماعي، ما يساعد على بناء علاقات أقوى وأعمق مع الآخرين، ما يعزز التعاطف والفهم المتبادل، ما يقلل من النزاعات والخلافات.
وكنتيجة لكل هذه العوامل والآثار الإيجابية لممارسة الغناء، الفردي أوالجماعي، تسهم هذه الهواية في نشر السلام والتسامح في المجتمع، وتعزيز التقارب الثقافي، والتفاهم، والاحترام المتبادل. كما يلعب دوراً مهماً في الحد من العنف والتوتر بين الناس، ويدعم أجواء السلام والتسامح في المجتمعات.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا