د. مايا الهواري

لقد خلق الله الذّكر والأنثى، وشرّع بينهما الزّواج لتتكاثر الأمّة وتستمر البشريّة (إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)، هذه هي سنّة الحياة يتعارف الطّرفان وتحصل الألفة والزّواج، وتكبر الأسرة بالأولاد، ويكبر الأولاد ويتزوّجوا وينجبوا أطفالاً، وهكذا تستمرّ الحياة على نفس الوتيرة، فيتعايش البشر فيما بينهم وتتكوّن العلاقات الّتي يكون منها النّاجح ومنها غير النّاجح، فهي مزيج من اليسر والعسر فلا يسر دائم ولا عسر دائم، فالزّواج النّاجح يصبح مثالاً وقدوة للآخرين بالمنحى الإيجابيّ والتّشجيع للزّواج، أمّا إن باء الزّواج بالفشل لسببٍ من الأسباب كان عائقاً أمام الشّباب المقبل على الزّواج فيتّخذه طريقاً ومثالاً للعزوف عن دخول قفص الزّوجية بحجّة الخوف من هذه المشاكل وتوابعها، إذ يبحثون عن كلّ العلاقات الفاشلة ويذكرونها ويتّخذونها قدوة في حياتهم، متجاهلين الحالات الزّوجيّة النّاجحة المكلّلة بالسّعادة والحبّ، وهذا من طبع الإنسان أنّه يتّجه نحو الحزن والفشل والسّلبيّات، وهذا أمر خاطئ فليس من الضّروري أنّ ما حصل لصديقي يحصل معي أو أنّ زواجي سيكون فاشلاً كزواج أختي غير النّاجح، أو أنّني سمعت قصّة أحدهم وستكون حياتي كذلك، هذا تفكير سلبيّ بعيد عن المنطقيّة والواقعيّة، لأنّ الزّواج النّاجح نفسه يحوي بعض المنغّصات والمشكلات، ولكن بالذّكاء العاطفيّ للزّوجين يتجاوزان ذلك ويبحثان عن حلول سريعة لتلك المشاكل حتّى لا تتفاقم وتكبر، فالحياة لا تسير على وتيرة واحدة إنّما يسر وعسر، حزن وفرح، نجاح وفشل، شفاء ومرض وهكذا، لذا نصيحة لكلّ من يفكّر في الزّواج أن يبتعد عن قصصه الفاشلة الّتي باءت بالانفصال، ويفكّر جيّداً في أسس الزّواج النّاجح، ويحضر ندوات تعليميّة تأهيليّة لذلك، ويضع قواعد لحياته يسير عليها متوكّلاً على الله.
نستنتج ممّا سبق أنّ الحياة خليط من الإيجابيّات والسّلبيّات وما علينا إلّا أن نقوّي الإيجابيّ ونتجنّب السّلبيّ، بل ونحوّله لإيجابيّ، وأنّ الزّواج مشروع حياة يتضمّن الأمرين، فالأمور السّلبيّة لا تعني العزوف عن الزّواج، إنّما هي دروس يتعلّمها المرء ليتجنّبها في حياته، فيكون زواجه مثالاً ناجحاً يقتدي به الآخرون.