منوعات / النهار

رسالة إلى المعلم

رسالة إلى المعلم

صناعة الأجيال وبناء الأمم على يد الرجال ذوي الهمم.

 

أخي المعلم أنت الذي كدت أن تكون رسولا  في كل يوم ينشق صبحه تلقى مئات المحتاجين من الطلاب يحتجون إلى نصحك وعلمك وتربيتك فبدد ظلمة قلوبهم، أوقد لهم شمعة تنير لهم الطريق . فأنت شاعل المشعل قبل أن تسلمه كهدية إلى جيل سيكنّ لك كل التقدير.

وكما قال الشاعر.

يا حامل مشعل الهدية :

قم ناشراً للنور في الأرجاء *** قم فالظلام يطل كل مساء

كن كالصباح أتى فأشرقت الدنى *** والليل أدبر جاهشاً ببكاء

والطير غرد والبلابل أنشدت *** والورد بث شذاه في الأرجاء

النور نورك لا تحد عن نشره *** الشمس أنت توسطت بسماء

رسالة عمر، ومشروع حياة، ومستقبل جيل، وبناء أمة، الدقيقة فيها تقاس بالسنين، جوهرة منسية، لؤلؤة فارقة صدفتها ،فمن ذا يفتش عنها ؟ الحياة في ظلالها متعة، وبذل الجهد والعرق في سبيلها سعادة، تضيف إلى عمرك مئات الأعمار لعلك قد فطنت لها، إنها مهنة التعليم، وظيفة الأنبياء، وروضة العلماء الغناء، بها يأنسون، وبين خمائلها يستروحون، فهي متعتهم ولذتهم وقرة أعينهم، أن فارقوها أصابتهم الوحشة، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، تأملت وصف عطاء لشيخه سعيد بن المسيب رحمه الله حين قال: دخلت على سعيد بن المسيّب وهو يبكي فقلت له: ما يبكيك؟ قال: ليس أحد يسألني عن شيء.

فلماذا بكى سعيد رحمه الله ؟

إن سعيداً رحمه يبكي حرقة وحزناً على عدم نشره للعلم، وعدم قدوم السائلين عليه، لأنه بذلك قد حرم أجراً كثيراً، إنه يستشعر عظم رسالة العالم والمربي ويعلم أن كل وقت يخلو من عمرة عن التربية والتعليم خسارة فادحة تستوجب البكاء .

قال ابن جماعة رحمه الله : واعلم أن الطالب الصالح أعود على العالم بخير الدنيا والآخرة، من أعز الناس عليه، وأقربهم إليه، ولذلك كان علماء السلف الناصحون لله و دينه يلقون شبك الاجتهاد، لصيد طالب ينتفع الناس به في حياتهم، ومن بعدهم ولو لم يكن للعالم إلا طالب واحد ينتفع الناس بعلمه وهديه وإرشاده لكفاه ذلك الطالب عند الله تعالى ، فإنه لا يتصل شيء من علمه إلى أحد فينتفع به إلا كان له نصيب من الأجر.

وقال ابن القيم رحمه الله : إن العالم إذا زرع علمه عند غيره ثم مات جرى عليه أجره وبقي له ذكره وهو عمر ثان وحياة أخرى وذلك أحق ما تنافس فيه المتنافسون ورغب فيه الراغبون.

وقال رحمه الله وهو يتكلم عن مرتبة تعليم العلماء: فيا لها من مرتبة ما أعلاها، ومنقبة ما أجلها وأسناها، أن يكون المرء في حياته مشغولاً ببعض أشغاله، أو في قبره قد صار أشلاء متمزقة وأوصالاً متفرقة، و صحف حسناته متزايدة يملى فيها الحسنات كل وقت، وأعمال الخير مهداة إليه من حيث لا يحتسب . تلك والله المكارم والغنائم، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، وعليه يحسد الحاسدون، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. وحقيق بمرتبة هذا شأنها أن تنفق نفائس الأنفاس عليها، ويسبق السابقون إليها، وتوفر عليها الأوقات، وتتوجه نحوها الطلبات. فنسأل الله الذي بيده مفاتيح كل خير أن يفتح علينا خزائن رحمته، و يجعلنا من أهل هذه الصفة بمنه وكرمه.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة النهار ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من النهار ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا