د. إيمان الهاشمي
بعض النفوس بريئة، وبعضها فعلاً رديئة، وأخرى قد تكون جريئة، لكن ليست كل مخالفةٍ للقانون خطيئة، فقد تكون العدالة بطيئة، وذلك بحسب الظروف أو البيئة، في ظل الحقائق الخبيئة، والمؤامرات الدنيئة، والافتراءات المسيئة، ضد القلوب المضيئة، التي تحاول إعادة التوازن حين تنقلب الموازين وهكذا تكون الطاعة عاراً في زمن الظالمين وتبقى الحقيقة: «أسمى أشكال العدالة هي المجاهرة بالحقيقة»!
في أحد الأحياء القديمة وسط الأروقة، بين الحارات الضيقة خلف الأزقة، بعيداً عن وحش العنصرية وغول التفرقة وقريباً من مواهب أعضاء الفِرْقة، جاءَ أعظم مؤلفي موسيقى الجوقة وهي المختصَّة بالأصوات اللَّحنية والتي تطوَّرت في ما بعد إلى القوالب البوليفونية، رغم أنف سُلطَة الكنيسة والهَيمنة المُهِينة، والنفوس الخسيسة والحقد والضغينة وانتشار الأعمال الخبيثة اللعينة وكثرة قصص الفضائح المُشينة ونَهب الحقوق وأموال الخزينة وبتر طُهر الأيادي الأمينة ودفن الراحة وردم السَّكينة ونحر الأمان بحد السِّكينة وانتحار البراءة والملامح المسكينة وغياب الأخلاق والعقول الرزينة واختفاء السَّند والسَّواعد المُعِينة ونبش الهموم والأسرار الدفينة وإحكام قيود الأحلام السجينة ولكن مع الرائع (جيوفاني بيير لويجي دا باليسترينا)، حَلَّ الجمال واكتملت الزينة، وظهرت السعادة في النوتة الحزينة.
(باليسترينا) ملحنٌ إيطاليٌ عاش عصر النهضة في الزمن الحقيقي ولذلك يُعد الممثل الأشهر للمدرسة الرومانية في التأليف الموسيقي، كما أن له تأثيراً كبيراً على تطوير الألحان الكنسية، فقد اعتبرت أعماله تتويجاً لتعدد النغمات الطقسية، بالإضافة إلى أنه قد ترك أكثر من 90 مقطوعة، تبلورت معاً في أجمل مجموعة، تتكون من الأناشيد والمؤلفات الروحانية وبعض القصائد الغزلية والموشحات الدينية، والتي تأثرت بها الموسيقى الألمانية والجدير بالذكر أن موسيقاه اليوم تُسمع في شتى الكنائس وكأنها لا تزال تبعث الأمل في القلب اليائس، ففي طفولته كان يعمل منشداً في كاتدرائية بلده، ثم ذهب إلى روما حيث أرسله والده وهناك استطاع أن يلم إلماما تاماً بجميع أنواع الفنون، غير أن مؤلفاته اختلفت عن أساليب أساتذته وخالفت كل الظنون، هكذا أمضى حياته الفنية كلها في خدمة الكنيسة الكاثوليكية وإن كان قد ابتعد عنها لمدة 17 عاماً لأسبابٍ ملكية، إذ قرر البابا (بولس الرابع) إبعاد جميع المتزوجين عن الكنيسة البابوية، على أساس فرض العزوبية، باسم السياسة وتحت راية الدين، وكان (بالسترينا) حينها متزوجاً وأبا لولدين.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.