حصاد الإجازات وتجارب السفر، عادة ما يمثل مخزوناً ثرياً من الذكريات والخبرات الإنسانية المتنوعة التي قد تساعد على تجديد الطاقة وإنعاش الروح، من خلال كسر الروتين اليومي واستكشاف أماكن وبلدان جديدة، وغالباً ما تكتسب الرحلات قيمتها وتتزايد فائدتها ومتعتها، من خلال توافر عدة عناصر أساسية أهمها التخطيط الجيد وتوفير عوامل تضمن الراحة والاستجمام إلى جانب المتعة والتنزه، وضرورة ملاءمة خطة الرحلة لاحتياجات ورغبات المسافرين كباراً وصغاراً، ولكن في غياب بعض هذه العناصر قد تتحول الإجازة إلى فاصل من الإجهاد والمعاناة، وفي السطور التالية نتعرف إلى تجارب بعض العائلات في السفر بالإجازة الصيفية، والتي تركت وراءها حالة من الإرهاق والتعب جعلت بعضهم يبحثون عن إجازة أخرى للتعافي من تبعات رحلة الإجازة.
يحدثنا جلال إبراهيم موظف بدبي، عن أكبر سلبيات رحلته بالصيف قائلاً: بقدر ما كان السفر فرصة لتجديد طاقاتنا وتغيير روتين حياتنا، إلا أنه أيضاً استنفد كل طاقاتنا البدنية والنفسية، خاصة أننا قمنا بتخطيط رحلة سياحية متعددة المزارات، فقد زرنا أكثر من دولة في أوروبا خلال فترة الإجازة التي لم تزد على 18 يوماً وتنقلنا بين دولة وأخرى، لمشاهدة المعالم السياحية، والتمتع بالطبيعة الخلابة التي تميز جبال أوروبا وغاباتها وسهولها وريفها وإرضاء شغف السفر والاستكشاف، لأننا أسرة مكونة من 5 أشخاص وكان يجب عليّ تلبية رغبات كل أفرادها، بالنسبة لي وقع العبء الأكبر عليّ، لأنني كنت أقوم بقيادة السيارة التي استأجرناها واستخدامها للانتقال من بلد إلى بلد، فكان الأولاد يقومون بالنوم أو الاسترخاء خلال هذه الرحلات، بينما أضطر للبقاء مستيقظاً بالطبع بسبب القيادة، ولكنني قمت بهذا الجهد الإضافي راضياً، لسعادة أبنائي الثلاثة وزوجتي.
ويضيف جلال إبراهيم: «نظم الأبناء معظم الأنشطة التي قمنا بها في هذه الرحلة حسب اهتماماتهم، فقد أراد ابني الأكبر (17 سنة) ممارسة الهايكنج الذي يتضمن المشي لساعات بين الجبال والغابات في تضاريس وعرة وسط الطبيعة، كانت تجربة ممتعة ولكنها كانت مرهقة جداً، وبعد ساعات قليلة لم تتمكن زوجتي وابني الأصغر (8 سنوات) من مجاراتنا فجلسا على إحدى المقاهي، وأكملت الطريق وابني الأكبر وابنتي الوسطى (14 سنة) ثم عدنا إليهما بعد ساعتين أو ثلاث، وقد بلغ بنا التعب مبلغه، وبينما استسلم الجميع للنوم في السيارة كان عليّ أن أقوم بالقيادة بعدها أربع ساعات حتى أعود إلى الفندق في بلد آخر، حيث كنا في اليوم التالي على موعد مع الذهاب إلى مدينة ديزني في باريس التي خطط ابني الأصغر لزيارتها، وهكذا كانت الإجازة عبارة عن رحلة من الجهد المتواصل لم يكن بها وقت للاسترخاء والراحة والتقاط الأنفاس في محاولتنا لإنجاز كل المزارات وإرضاء جميع الرغبات، وكانت النتيجة أننا عدنا بحصيلة وافرة من الصور التذكارية ولحظات السعادة، ولكنني فعلاً أشعر بأنني أحتاج إلى فترة إجازة إضافية للراحة من الإجازة.
توقيت غير مناسب
حصة عبدالله معلمة بإحدى المدارس في دبي، تطلعنا على تجربتها في السفر هذا العام، وتقول: أشعر بأنني اخترت التوقيت غير المناسب في السفر هذا العام، فقد تأخرنا كثيراً في حجز رحلتنا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لتلبية دعوة أخت زوجي التي تقيم في ولاية أوهايو مع زوجها الذي يعمل هناك، وبالفعل سافرنا وأمضينا بالرحلة أكثر من 3 أسابيع كاملة تخللتها ساعات طويلة من الطيران وساعات الانتظار الطويل والترانزيت بالمطارات وعانينا بالطبع تأجيل الرحلات وفقدان بعض الحقائب والبحث عنها واستعادتها بعد فترة من القلق، ورغم كل هذا القدر من التحديات بالرحلة، إلا أن ما عانيناه بعد العودة كان الأصعب، لأننا عدنا مع توقيت استئناف الدراسة تماماً، وأصبحنا جميعا نعاني من مواعيد النوم والاستيقاظ حسب توقيت الإمارات، فقد تغيرت ساعتنا البيولوجية «جيت لاج»، وأصبحنا نعاني الأرق ليلاً والخمول نهاراً، وللأسف هذه الأعراض يمكن أن تستمر لمدة أسبوع كامل أو أكثر، بسبب فارق التوقيت الكبير بين الإمارات والولايات المتحدة، ولكن هذا لا يمنع أن الرحلة كانت مملوءة بالذكريات الجميلة والدفء العائلي، خاصة أن الأطفال قد استمتعوا بالرحلة بكل تفاصيلها ولكن الدرس المستفاد هو ضرورة تنظيم وقت الرحلة بشكل أفضل والعودة في وقت مناسب قبل العودة للمدارس والعمل، بأسبوع على الأقل، لمنح أنفسنا فرصة للراحة من إرهاق السفر و«الجيت لاج» خاصة في الرحلات الطويلة.
بحث واستشارات
أما د. محمد توفيق، خبير السفر والسياحة، فيقدم بعض النصائح للمسافرين لضمان رحلات أكثر نجاحاً ويقول: عملية التخطيط والإعداد لرحلات سياحية بعيدة وطويلة تتطلب كثيراً من البحث والخبرة في الحجوزات، وربما اللجوء لاستشارة هواة السفر أو الخبراء، لأن النصائح في بعض الحالات قد توفر كثيراً من الجهد والمال وتحقق أفضل استفادة من الوقت. فالرحلات المخصصة للعائلات والأطفال تختلف في متطلباتها عن الرحلات الشبابية أو المجموعات السياحية.
ويتابع: فمثلاً التخطيط لإجازة تتضمن التنقل بالسيارة بين دول أوروبية مختلفة يحتاج إلى تخطيط دقيق، فمن المهم معرفة أهم الطرق الأساسية والطرق البديلة للتنقل، عادة ما تقدم برامج الخرائط الإلكترونية مثل «جوجل مابس» الأولوية لأسرع الطرق، ولكن هذه الطرق الأساسية السريعة قد لا تناسب ظروف الأسر كبيرة الحجم التي تبحث عن الاسترخاء في الطريق، والتمتع بالمناظر الطبيعية، والتوقف من حين لآخر لالتقاط الصور التذكارية أو تناول وجبات خفيفة أو التعرف إلى بعض المعالم السياحية في الطريق، في بعض الأحيان يكون إطالة زمن الرحلة والتمتع بها أفضل من القيادة بسرعة لبضع ساعات، ثم الوصول إلى الدولة أو المدينة التالية، مع شعور بعدم الراحة والاسترخاء، خاصة إذا تصادف وجود زحام على الطرق السريعة، ما قد يجعل الرحلة شاقة على الجميع.
أمر مزعج
بالنسبة لفارق التوقيت الذي يتعرض له المسافرون إلى أماكن بعيدة، يقول د. محمد توفيق: إن ال«جيت لاج» يصبح أمراً مزعجاً لأنه يتضمن بعض الأعراض الجسدية التي تحدث للمسافر بسبب التشتت الذي تصاب به الساعة البيولوجية ويجد صعوبة في تنظيم أوقات النوم والاستيقاظ وتناول الطعام، والأعراض الشائعة تتضمن الصداع والأرق والخمول والإمساك وضعف التركيز والتوتر.. وفي العادة يحتاج الجسم إلى يوم كامل ليعادل كل ساعة في فارق التوقيت، فمثلاً إذا كان المسافر إلى الولايات المتحدة وهناك 8 ساعات كفارق للتوقيت، فيمكن أن يحتاج المسافر إلى 8 أيام كاملة ليتخطى أعراض ال«جيت لاج»، لهذا يجب توفير وقت بعد الوصول به مساحة مناسبة من الوقت المخصص لاستعادة الطاقة وإعادة تنظيم مواعيد النوم والطعام.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.