القاهرة: «الخليج»
تتصدر نماذج لمختلف أنواع الخبز في مصر القديمة، قاعة مخصصة بالمتحف القومى للحضارة في مصر، لتقدم للزائرين وصفاً تفصيلياً لبراعة المصري القديم في صناعة الخبز، وكيف تفنن الخبازون القدماء في صناعته، حتى تجاوزت أنواعه خمسة عشر نوعاً، وبلغت حسب كثير من الدراسات ما يزيد على أربعين نوعاً، تمثل مختلف أشكال المخبوزات في هذا الزمان السحيق.
وتكشف قاعة الخبز بالمتحف القومي للحضارة، وبالأدلة القاطعة أن المصريين كانوا من أقدم الأمم التي صنعت الخبز، فأقامت أقدم مطاحن للحبوب، تعود إلى أكثر من 5000 عام، واستخدموا في ذلك تلك الآلة الحجرية البدائية المعروفة حتي الآن باسم «الرحى»، التي انطلقت من مصر القديمة، لتغزوا العديد من بلدان العالم القديم، واستخدمت على مدار قرون طويلة، بل وظلت حتى وقت قريب تستخدم في طحن مختلف أنواع الحبوب.
ويقول مجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار: إن المصريين كانوا من أوائل شعوب العالم القديم، التي زرعت وطحنت حبوب القمح والشعير وحولت الطحين إلى خبز، اختلفت أنواعه وأشكاله، ما بين المستدير والبيضاوي والملفوف والمخروطي الشكل، مثلما اختلفت أنواع الدقيق المستخدم في تلك الصناعة، ما بين القمح والشعير والذرة، وأيضاً المواد الأخرى الداخلة في صناعة الخبز مثل الزبد واللبن والعسل والبيض، بل إن المصريين كانوا من أوائل الشعوب التي اكتشفت الخميرة، في الألف الرابع قبل الميلاد، وهي الفترة التي ظهر فيها طحن الحبوب لاستخدامها في صناعة الخبز، وهو ما تكشف عنه بوضوح، قطع الخبز المصنوعة من دقيق القمح، التي وجدت في مقابر العمال بقرية دير المدينة.
يرجع تاريخ قطع الخبز التي عثر عليها قبل فترة بمقابر العمال، إلى عصر الدولة الحديثة، وتحديداً عصر الأسرة التاسعة عشر، خلال الفترة من 1259 إلى 1186 قبل الميلاد، و كانت تتم زراعة القمح في يوليو من كل عام وقت الفيضان.
وتميز الخبز المصري القديم بطبقية مفرطة، فقد كان الخبز المصنوع من القمح قاصراً على طبقة الأثرياء، بينما كان الخبز المصنوع من الشعير، مخصصاً للطبقة المتوسطة، فيما كان الخبز الأحمر المصنوع من دقيق الحبوب البرية، من نصيب الفقراء.
ويضم متحف الحضارة، مجموعة من التماثيل التي ترصد ملامح صناعة الخبز في مصر القديمة، بعضها لعمال خلال تحضيرهم للخبز في تلك الفترة، وأخري توضح كيف كان يتم تحضير الدقيق وطحنه، قبل تحويله إلى قطع من الخبز، الذي أطلقت عليه أسماء كثيرة.