د. إيمان الهاشمي
إذا أردت أن تنظّف الحظيرة لا تستأذن من الخنازير، فالوحل عندها فضيلة، والقذارة عندها جميلة، والطاهر في عيونها مذنبٌ دميم، والنقي بينها غريبٌ سقيم، فالنور يوجع عيون العتمة، والطهارة تكتم أنفاس الظلمة. ولذلك لا تنتظر التصفيق من الأرعن الصفيق، ولا ترجُ الشكر حتى من الصديق، فهنالك من يخاف انعكاس وجهه على الماء الصافي، وهناك من يتمنى سحق إنصافي، وعليه، دع صراخهم يختلط بصوت المطر البارد، فالعواصف وحدها تعقم الهواء الفاسد.
وفقاً لأحداث العصر الكلاسيكي المحقوقة، ولجميع مصادره الموثقة والموثوقة، عبر السطور المكتوبة أو الحقائق المنطوقة، كان أنطونيو سالييري إحدى أهم الشخصيات الموسيقية المرموقة، والمعروفة بالتصرفات النبيلة والمؤدبة والخلوقة، والشهيرة بالأساليب الرقيقة والرشيقة والممشوقة، تماماً كحياة الملك والملكة أو معيشة الدوق والدوقة. أبدع سالييري بمؤلفات الأوبرا وأجمل فنون الجوقة، حيث دغدغت أنغامه وجنتي الأرواح العاشقة والمعشوقة، وحرَّرت ألحانه المشاعر العتيقة كالرقاب المعتوقة، كما ربطته بالموسيقار هايدن معاني الصداقة الصدوقة، وكان أستاذاً للأسطورة بيتهوفن وأول أبواب عِلمه المطروقة، وكذلك لفرانز ليست وشوبرت وكأنه حضن المدرسة المشوقة، بينما اتصفت علاقته مع موزارت بالمشبوهة والمشؤومة والمشقوقة، والمليئة بالحقد والحسد والأحاسيس المطوقة بالغيرة الشديدة حد التهاب القلوب المحروقة، وبالتالي ارتكاب الجريمة الكاملة والكامنة والمخنوقة، لتبقى الحقيقة مدفونة تحت ملامحها المصعوقة، في سبيل إخفاء بيانات تلك النوتات المسروقة، وهكذا ارتبطت وفاة موزارت بالوقائع المسحوقة.
وصفه المحللّون بالشخصية الجادة المكتظة بالغموض، رغم احتوائه على الحس الفكاهي وعوامل النهوض، في حين أصيبت أحقاده بالكثير من الكدمات والرضوض، وذلك بسبب حركة الضغينة وقلب الكراهية المقبوض، حول واقع نجاح إبداعه شبه المرفوض، مقارنةً بموزارت وأدائه العبقري المعروض، بمعنى أنه كان من المفروض أن يقضي على العهد المنكوث والعقد المنقوض، وألّا ينفث في الغبار المنفوض. عموماً لم يجد أحد دليلاً ضده، فقَوَت حُجته واشتد عضده، وبات بريئاً من شبهات جريمة القتل المجهولة، ولكن استمرت الأصابع تتهم ملامحه المسؤولة، عن مقتل تلك العبقرية الضخمة المهولة، وربما لهذا أصبح البعض اليوم لا يفرّق بين حقيقة اليقظة أو النوم، فقد يكذّب أغلب الأمور المعقولة، ثم يصدّق أكثر الأشياء اللامعقولة، وهكذا حاول سالييري الانتحار بقطع شريان رقبته، ولعله فعل ذلك بمحض إرادته ورغبته، تحت وطأة إقراره بالذنب بينه وبين ذاته، إلاّ أنه لم يفلح آنذاك في إنهاء حياته.
الجنسية: إيطالي
الاسـم: أنطونيو سالييري
التاريخ:
1750 – 1825 (75 سنة)
النشاط: ملحن
من أعماله: Catilina (Ouverture)
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
