كتب محمود عبد الراضي

في قلب القاهرة، حيث تتداخل أصداء التاريخ مع ضجيج الحاضر، يقف متحف الشرطة المصرية كصامدٍ في وجه الزمن، يعكس روح العزيمة والإباء التي تحلت بها قوات الأمن المصرية على مر العصور.

بمناسبة الاحتفال بذكرى عيد الشرطة الثالث والسبعين يعيد المتحف فتح أبوابه لتكشف الأجيال الجديدة عن سطور من بطولات شُهدت بأيدي رجال أخلصوا الوطن وأفنوا أعمارهم في سبيل أمنه واستقراره.

منذ تأسيسه، أصبح المتحف نقطة انطلاق للتعرف على تاريخ أعرق جهاز شرطة في المنطقة، من الحروب التي خاضتها مصر ضد الغزاة، إلى التضحيات اليومية التي يقدمها رجال الشرطة في مواجهة التحديات الأمنية.

يعرض المتحف العديد من القطع التاريخية النادرة، من الأسلحة التي استخدمها رجال الشرطة في معاركهم، إلى الأزياء والشهادات التي تحكي قصصًا حية لرجال ضحوا بأرواحهم.

وفي زاوية أخرى، تبرز الصور التذكارية والوثائق التي توثق مرحلة "موقعة الإسماعيلية" الشهيرة في 25 يناير 1952، التي شكلت نقطة تحول في تاريخ الشرطة المصرية، وجعلت من رجالها أيقونات للوفاء والانتماء.

المتحف ليس مجرد معارض باردة، بل هو ذاكرة حية لأمةٍ ضحت بالكثير لحماية ثرواتها البشرية والمادية.

ويعتبر المتحف شهادة على دور الشرطة في الحفاظ على استقرار الوطن وازدهاره، ومرآة لمستقبلٍ يسعى إلى ترسيخ قيم العدالة والأمان.

مع كل زاوية وكل قطعة في هذا المتحف، تتنفس الذكريات وتُجدد عهد الوفاء لرجالٍ بواسلٍ ظلوا دومًا في الصفوف الأولى من الدفاع عن الوطن، لتظل ذكرى عيد الشرطة تخلد في قلوبنا، كما تخلدها جدران هذا المتحف العريق.